الجزائر – ربيعة خريس
تتجه الأنظار في الجزائر نحو تشكيلة الحكومة الجزائرية، التي سيعلن عنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عقب الانتخابات البرلمانية، المزمع تنظيمها في الرابع من مايو / أيار المقبل. وأكد مراقبون للشأن السياسي في الجزائر أنه، إذا ما تحقق التوافق بين السلطة والأحزاب الإسلامية، التي أبدت رغبتها في الانضمام إلى الحكومة في حالة تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة، ستشكل أول حكومة توافقية، تضم أحزاب السلطة الجزائرية وأحزاب المعارضة، التي طالما انتقدت إقصاءها من إدارة شؤون البلاد، وحمّلت الحكومة الجزائرية الحالية مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي والمالي.
وأكدت التصريحات التي أدلى بها قادة التيار الإسلامي أن "إخوان الجزائر" يفاوضون الرئيس بوتفليقة للعودة إلى أحضان الحكومة الجزائرية، بعد أن غادرتها "حركة مجتمع السلم"، أكبر تنظيم لـ"الإخوان المسلمين"، في كانون الثاني / يناير 2012، بعد فك الارتباط مع التحالف الرئاسي الذي كان يضم كل من الحزب الحاكم، و"التجمع الوطني الديمقراطي"، الذي يعتبر ثاني أقوى تشكيلة سياسية في الجزائر، و"حركة مجتمع السلم".
واقترح رئيس "حركة مجتمع السلم"، عبد الرزاق مقري، أخيرًا، تشكيل حكومة كفاءات من الأحزاب الفائزة في الانتخابات البرلمانية، تحظى بدعم الطبقة السياسية من أجل مباشرة إصلاحات اقتصادية عميقة، للخروج من الأزمة الراهنة. وقال إن المهمة الأولى لهذه الحكومة ستكون بلورة رؤية اقتصادية شاملة، وبرامج تطبقها الحكومة ومختلفُ المؤسساتِ التنفيذية المركزية والمحلية، ضمن معايير الحكم الراشد والشفافية والابتعاد عن الفساد، بغرض الانتقال بالجزائر من اقتصاد الريع إلى الاقتصاد المنتج.
وحذر المصدر نفسه النظام الحاكم من تزوير نتائج الانتخابات، قائلاً: "يمكن أن تكون الانتخابات غير مزورة، يكفي أن يقرر ذلك أصحاب القرار، يكفي أن يشعروا بخطورة التزوير بكل أنواعه هذه المرة، القبلي والإثنائي والبعدي، والنفخ في هذا أو إضعاف هذا".
وقال القيادي في "حركة مجتمع السلم"، فاروق طيفور، في تصريحات إلى "العرب اليوم"، إن مشاركة التشكيلة السياسية في الحكومة المقبلة ستأتي وفق شروط معينة، أبرزها أن تكون الانتخابات نزيهة دون أي تزوير، بالإضافة إلى استحواذها على أغلبية أصوات الشعب الجزائري. وأشار إلى أن كل حزب سياسي يحصل على أغلبية الأصوات في البرلمان له طموح في تطبيق برنامجه في الحكومة، مبيّنًا إلى أن "حركة مجتمع السلم" لن تفصل في خيار المشاركة في الحكومة من عدمه حتى إجراء الانتخابات المقبلة.
وذكر أن دخول "حركة مجتمع السلم" إلى الحكومة لم يعد كالسابق، قائلاً: "المشاركة لم تعد كما كانت عليه في وقت سابق، أي أن يتصل صنّاع القرار بأي حزب سياسي ويبلغوه أنه تم تخصيص كوتة خاصة به، بمعدل وزيرين أو ثلاثة وزراء". وأوضح مراقبون للشأن السياسي في الجزائر أن تصريحات مقري وإخوانه في الجزائر تعكس مدى تخوفهم من أي فشل محتمل في الانتخابات البرلمانية.
ودخل الإسلاميون هذه الانتخابات في تحالفين، يضم الأول "حركة مجتمع السلم"، أكبر حزب إسلامي في الجزائر، و"جبهة التغيير"، بقيادة وزير الصناعة السابق، عبد المجيد مناصرة، أما التحالف الثاني فيضم ثلاثة أحزاب إسلامية، هي "جبهة العدالة والتنمية"، بقيادة عبد الله جاب الله، وحركة "النهضة"، و"حركة البناء الوطني". ويفرض الدستور الجزائري، المعدل في 2016، على رئيس البلاد استشارة الأغلبية البرلمانية في تشكيل الحكومة، دون أن يلزمه بإسناد قيادتها إلى الحزب الحائز على أكبر عدد من المقاعد، بشكل يفتح المجال، وفق مراقبين، لتشكيل حكومة توافقية.
أرسل تعليقك