السلطات العراقية تحاول العثور على سجلات اثبات النسب التي أخذها التنظيم معه
آخر تحديث GMT16:54:16
 العرب اليوم -

مصير مجهول ينتظر أطفال الموصل الذين ولدوا في ظل حكم "داعش"

السلطات العراقية تحاول العثور على سجلات اثبات النسب التي أخذها التنظيم معه

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - السلطات العراقية تحاول العثور على سجلات اثبات النسب التي أخذها التنظيم معه

أطفال الموصل الذين ولدوا في ظل حكم "داعش"
بغداد - نجلاء الطائي

طفلة تبلغ من العمر ثلاثة اشهر ، ليس لديها اي اثبات قانوني وشرعي في نظر الحكومة العراقية ، فهي مولودة في ظل سيطرة تنظيم "داعش" ، حينما كان يسيطر على ايمن الموصل. التخوف يراود والدتها من كتابة نسبها في هوية الاحوال المدنية مجهولة الاب ،في اشارة تعرضهم للتفرقة وانعدام إمكانية الحصول على التعليم والإسكان والرعاية الصحية وفرص العمل، وقد يدفعهم الأمر في نهاية المطاف للتطرف مستقبلًا.

وكذلك نمير، طفل رضيع يبلغ من العمر 4 أشهر، في نظر الحكومة العراقية لا أساس لوجوده من الناحيتين القانونية والشرعية، فهو مولد في ظل حكم تنظيم "داعش" حينما كان يسيطر على أيسر الموصل، فضلاً عن العامل أكرم طه المتزوج زواجاً غير قانوني.

إصطف الازواج الذين تزوجوا في ظل حكم تنظيم داعش بممرات يؤدي نهايتها الى قاعة المحكمة وهم ينتظرون حكم القاضي بالموافقة على زواجهم في ظل البيروقراطية العالية بصدور شهادات الميلاد والزواج. حينما هيمن مسلحو داعش على مدينة الموصل قبل ثلاث سنوات، انضم عشرات من أبناء الموصل الى التنظيم كرد فعل على ممارسات الحكومة السابقة، ليصبحوا جهاديين ومقاتلين ضد الحكومة معلنين تمردهم المسلح.

الوضع الامني الهش هذا، اجبر الحكومة على فتح محكمة لادارة شؤون مواطني الموصل في الناحيتين الجنائية والاحوال الشخصية في منطقة الحمدانية التي تبعد 20 ميلاً الى الجنوب الشرقي من الموصل. والناس يأتون الى هذه المدينة المحررة  الحمدانية ، بعد ثبوت عدم تورطهم في تنظيم داعش او دعمه، وهم يمشون في الاحياء المنكوبة ويطالعون شوارع المدينة المدمرة.

القاضي سالم محمد نوري، رئيس محكمة استئناف الموصل يقول " لدينا خطط للانتقال الى القصر الرئاسي في الجانب الشرقي، لكن حينما يُفرض الامن هناك بصورة جيدة". ويدير القاضي نوري، شؤون مدينة الموصل وأحوالها من غرفة تتزين بزهور بلاستيكية وأثاث مذهب ذي حدين. وبدا القاضي محرجاً بسبب مكانه المتواضع وأصر على القول إن هذا المكان كان مؤقتاً، فيما تحدث بحزن شديد عن مبنى محكمة الموصل الرئيسية التي بنيت في خمسينات القرن الماضي التي فجرها المسلحون المتطرفون قبل بضعة اسابيع.

محاكم الموصل المختلفة صارت تعمل اليوم من غرف صغيرة، يتم توفير الكهرباء لها عبر مولدات يُدفع وقودها من قبل رواتب القضاة والعمل هو عبارة عن تراكم هائل من القضايا. ويقول القضاة، إن استيلاء مسلحي داعش على الموصل في منتصف عام 2014 كان سريعاً بسبب البيروقراطية الحكومية.

شيبان السعدي، موظف حكومي سابق في المحاكم يقول"لدينا الان وثائق داعش التي نعمل عليها للتدقيق بقضايا تصل للمحكمة".

تنظيم داعش طيلة فترة حكمه بالجانب الايسر، اصدر مجموعة شهادات وتراخيص زواج وشهادات ميلاد وتذاكر مرور وعقود ايجارات، لتظهر للعالم بان تنظيم داعش كان يعمل على انه "دولة". المشكلة تكمن بعد دحر التنظيم، ومصير المتزوجين بات غامضاً، فهم عليهم اعادة تسجيل زواجهم في المحكمة العراقية. ويقول القاضي نوري " يعتبر العقد لاغياً من قبل داعش، لكن الازواج يعتبران متزوجان حتى من قبل تنظيم داعش".

وتزاحم الازواج امام باب مكتب صغير، وحينما جاء دور الزوجين ليقفا امام القاضي لمعرفة مصير زواجهما الذي جاء بشكل قسري في ظل حكم داعش. قال القاضي، عليكما الحضور بشاهدين اثنين للادلاء بشرعية زواجكما. وتقف على الطرف الاخر من الممر والدة نمير التي رفضت الكشف عن اسمها خوفاً من الانتقام. أم نمير كانت تنتظر حصولها على شهادة ولادة صادرة من الحكومة من شأنها تسمح لها، بأضافة نجاح الى البطاقة التموينية للعائلة.

ويشير القاضي معتز عاصم محمد البالغ من العمر 40 عاماً الى ان " الزواجات الجديدة والولادات الجديدة ليست هي القضية الصعبة، فنحن مشكلتنا تكمن في كيفية العثور على السجلات المفقودة التي اخذها التنظيم وهرب". ومع غياب السجلات التي تبعثرت جراء العمليات العسكرية، يتوجب على القضاة التدقيق بصحة العقود لمعرفة ما اذا كانت مزورة ام لا. والمحكمة مكلفة ايضاً في مطالبات الكشف عن تحقيقات في اضرار الممتلكات فضلاً عن الجرائم بالارهاب. وهذا ما يشكل تحدياً بالموصل وضواحيها، فالبحث عن العدالة هناك يكون محبطاً.

ومع استشراء الفساد في الدولة وغياب القانون الصارم، فان امل التعويض عن الخسائر يبدو صعباً في هذه الاحوال. وبينما وافقت المحاكم في التحقيق بشكاوي عمليات قتل بما فيها تفجيرات واغتيالات، يبدو البحث عن الجناة أصعب حالاً في هذه الظروف. ولقد ابتلت المحاكم بأشخاص يوجهون اتهامات زائفة ضد اشخاص لهم عداء سابق معهم، ومع طلب المحكمة من المشتكي بجلب شاهدين لصدور مذكرة إلقاء قبض، تنعدم المسألة.

أخيراً، يبدو العمل هنا خطير جداً، وهذا ما اكده القاضي الذي يكتفي بإعطاء اسمه الاول فقط خوفاً من الانتقام، فقبل وصول تنظيم داعش الى الموصل، كان القضاة هدفاً سهلاً للمسحلين المجهولين. ويعلم القاضي ابراهيم، ان الخلايا النائمة موجودة هنا وموالية للجماعة المتطرفة ، وستبقى تعمل. متوقعاً بالوقت نفسه، قيام موجة اغتيالات ضد القضاة.

ويطرح نديم حوري نائب مدير الشرق الأوسط بمنظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية عن مأساة الأطفال الذين ولِدوا في مناطق سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية داعش" داخل العراق.

تصريحات صحفية تفيد بأن 300 طفل آباؤهم عناصر في التنظيم، ليس لديهم حقوق المواطنة أو حتى تسجيل أسمائهم في المدارس. ويرى حوري أن عدم وجود شهادات ميلاد لهؤلاء الأطفال قد يصعب من إثبات جنسيتهم، وقد ينتهي الأمر بالطفل دون جنسية ليعيش مشردًا مهمشًا داخل المجتمع. وينقل حوري عن نشطاء في الموصل قولهم: "إن داعش أنشأ نظامًا لتسجيل المواليد وإصدار وثائق لهم لكن الجهات الرسمية لا تعترف بها". والأمر الذي صعّب أيضا من مسألة تسجيل المواليد بحسب حوري هو قيام التنظيم بعزل مناطق سيطرته في البلدين عن بقية المدن.

السلطات العراقية من جانبها تصارع للتعامل مع تلك المشكلة على الرغم من أن الحكومة لم توضح سياستها الرسمية تجاه تلك القضية. الإشكالية التي تصعب أيضا من تسجيل مواليد مناطق سيطرة التنظيم، هي أن نظام التسجيل يعتمد على أن يقدم الأبوان طلبًا وفي حال وفاة إحداهما أو فقدانه أو كونه أجنبيًا، فإن ذلك يزيد الأمور تعقيدًا.

ويشير حوري إلى أن السلطات العراقية تشترط وجود بطاقة هوية أحد الأبوين على الأقل لتسجيل الطفل، وإلا فلن تقوم بإصدار وثائق رسمية له. ويستشهد حوري بالعديد من شهادات النازحين والفارين من مناطق سيطرة التنظيم داخل العراق، يروون خلالها المصاعب التي واجهتهم في مسألة تسجيل الأطفال.

ويقول حوري إن لتلك المشكلة جذورًا قديمة حيث عانت العراق من مشكلة الأطفال عديمي الجنسية ما بين عامي 2004 و 2008، والذين كان أباؤهم مقاتلين بالقاعدة والتنظيمات المسلحة التي كانت تحارب الأميركيين. 

ويؤكد حوري أن ازدياد عدد الأجانب داخل العراق خلال الأعوام الأربعة الأخيرة يستبعد خطر عدم حصول أطفال هؤلاء على الجنسية. ويقول إن أمهات أجنبيات أنجبن أطفالهن نجحن في مغادرة مناطق سيطرة التنظيم ليصلن إلى قنصليات أو سفارت على أمل العودة إلى بلادهن، وبالفعل منحت بعض السفارات الأمهات أوراق رسمية للأطفال.

أما تعقيدات إجراءات منح الجنسية، فيشير حوري في ذلك الصدد إلى سهولة منح العراقيات الجنسية لأطفالهن، لكن تظل هناك مشكلة في حاجة النساء لتقديم أوراق رسمية لإثبات هوية والد الطفل. وينوه حوري عن تداعيات عدم منح الجنسية لدى أطفال مواليد خلافة داعش حيث يتعرضون للتفرقة وانعدام إمكانية الحصول على التعليم والإسكان والرعاية الصحية وفرص العمل، وقد يدفعهم الأمر في نهاية المطاف للتطرف مستقبلًا. ويؤكد حوري أنه يتوجب على السلطات منح هؤلاء الأطفال الجنسية وفقا للقانون الدولي، وهو الإجراء الذي سيستغرق وقتًا طويلًا شأنه شأن معالجة العديد من القضايا من إرث تنظيم داعش، فلا ذنب للأطفال أن يدفعوا ثمن أخطاء أبائهم.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السلطات العراقية تحاول العثور على سجلات اثبات النسب التي أخذها التنظيم معه السلطات العراقية تحاول العثور على سجلات اثبات النسب التي أخذها التنظيم معه



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab