أعلنت قوات الجيش العراقي، عن إطلاق عملية عسكرية واسعة شمال شرق محافظة ديالى (60 كم شرق بغداد)، لملاحقة عناصر تنظيم "داعش"، فيما كشفت مصادر دبلوماسية عربية أن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وجه "رسالة خاصة" إلى رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، يدعوه فيها إلى مراجعة قرار إجراء الاستفتاء، المقرر في 25 الشهر المقبل على استقلال الإقليم.
وقال حبيب الشمري، وهو ضابط شرطة برتبة نقيب، إن "قوات من الجيش العراقي تابعة للفرقة الخامسة، شنّت عملية عسكرية واسعة لملاحقة عناصر تنظيم داعش في أطراف قضاء المقدادية شمال شرق محافظة ديالى، لملاحقة مسلحي التنظيم ومصادرة أسلحتهم". وبين أن "القوات الأمنية حصلت على معلومات مؤكدة عن تواجد عدد من المطلوبين للقوات الأمنية والعاملين بصفوف تنظيم داعش بأطراف قضاء المقدادية". ولفت إلى أن "عناصر الدولة يعملون ضمن خلايا نائمة تتولى مهمة تنفيذ اغتيالات، واستهداف أرتال القوات الأمنية بالعبوات الناسفة".
وفي الموازاة، أُصيب 3 من الحشد العشائري (قوات سنية موالية للحكومة) بجروح، إثر تعرضهم لهجوم بعبوة ناسفة شرقي ديالى، حسب المصدر ذاته. وقال الشمري إن "ثلاثة من الحشد العشائري كانوا في جولة أمنية قرب ناحية السعدية شرقي ديالى تعرضوا لهجوم بعبوة ناسفة؛ ما أدى إلى إصابتهم بجروح بالغة وتضرر عجلتهم". وقال مصدر أمني، إن عنصرا في قوات البيشمركه قتل، جراء انفجار عبوة ناسفة في ديالى.
وأوضح كامران محمود، النقيب في البيشمركه أن عبوة ناسفة انفجرت قرب مجموعة من قوات البيشمركه في قرية جميلة، التابعة لناحية جلولاء، شمال شرق مدينة بعقوبة. وأضاف أن الانفجار أسفر عن مقتل العنصر في اللواء 120 من البيشمركه، إسماعيل حمه عمر (50 عاما)، من سكنة ناحية قلعة دزة التابعة لمحافظة السليمانية شمالي البلاد. وحسب مسؤولين في الإدارة المحلية في المحافظة، فإن بعض حوادث الاغتيال تنفذها عناصر من تنظيم "داعش"، بهدف أحداث فوضى أمنية تسهم في تقليل الضغط، الذي يتعرض له عناصر التنظيم في شمال وغرب البلاد.
وكان تنظيم "داعش" قد سيطر صيف عام 2014 على مناطق واسعة من محافظة ديالى، من ضمنها ناحية جلولاء، ونفذت القوات العراقية مدعومة بالتحالف الدولي عمليات عسكرية واسعة، تمكنت من خلالها من تحرير جميع المناطق قبل نهاية 2015. ولكن نشاط مسلحي التنظيم تزايد على نحو ملحوظ شمال شرقي المحافظة، حيث يشنون هجمات على أهداف مدنية وعسكرية انطلاقا من مناطق جبلية وعرة في سلسلة جبال حمرين، الذي يشكل مثلثا بين محافظات صلاح الدين وكركوك (شمال) وديالى (شرق).
وأفاد مصدران أمنيان عراقيان عن مقتل عنصرين من الشرطة العراقية و3 مدنيين وعنصر من تنظيم "داعش" في حوادث أمنية متفرقة في مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى (شمال)، فيما أصيب 5 مدنيين في تلك الأحداث التي وقعت خلال 24 ساعة الماضية.
وقال ستار الأنصاري الرائد في الشرطة الاتحادية، إن "ثلاثة مدنيين بينهم امرأة قتلوا، وأصيب أربعة آخرون بينهم طفل وامرأتين بانفجار عبوة ناسفة من مخلفات الدولة، في منطقة رأس الجادة شمال غرب الموصل". وأضاف أن "شرطيا قتل بانفجار مقذوف من مخلفات التنظيم في حي الاقتصاديين شمال غرب المدينة". كما بيّن الأنصاري، أن "مدنيا أصيب برصاصة طائشة مجهولة المصدر في حي الجوسق جنوبي الموصل".
وعلى صعيد متصل، قال الرائد في شرطة الموصل حسين فالح العزاوي، إن "شرطيا قتل، الثلاثاء، بإطلاق نار من قبل أحد مسلحي الدولة، هاجم نقطة للشرطة برفقة امرأتين في منطقة الزنجلي غرب المدينة". وأضاف أن "الشرطة أطلقت النار على المسلح، ما أدى إلى مقتله على الفور، ليتيبن لاحقا بأنه معاق ولديه أطراف صناعية". ولفت إلى أن "القوات الأمنية ضبطت بحقيبة إحدى الامرأتين، مسدسا وهوية شخصية خالية من المعلومات يستغلها في العادة عناصر التنظيم".
وأشار إلى أنه "جرى تسليم الامرأتين، إلى استخبارات الفرقة التاسعة للتحقيق معهم". وفي 10 يوليو/تموز الماضي، أعلنت الحكومة العراقية تحرير الموصل من "داعش" بعد معارك استمرت عدة أشهر. وأفاد مصدر عسكري عراقي بمقتل 12 عنصرا من تنظيم "داعش"، خلال غارة جوية نفذها طيران التحالف الدولي، عند محاولتهم مهاجمة منفذ طريبيل الحدودي مع الأردن.
وقال المصدر، إن "طائرات التحالف الدولي قصفت رتلا ضم 10 مركبات من طراز بيك آب وهمر، كان قادما من صحراء عكاشات 450 غرب بغداد، متجها إلى منفذ طريبيل الحدودي مع الأردن، ما أسفر عن تدمير أغلب عجلات الرتل ومقتل مالا يقل عن 12 داعشيا". ويكثف "التحالف الدولي من إجراءات حماية المنافذ الحدودية، مع كل من الأردن والسعودية المزمع إعادة افتتاحهما خلال الأيام المقبلة"، وفق المصدر.
وفي غضون ذلك، كشفت مصادر دبلوماسية عربية أن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وجه "رسالة خاصة" إلى رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، يدعوه فيها إلى مراجعة قرار إجراء الاستفتاء المقرر في 25 الشهر المقبل على استقلال الإقليم.
واعتبر أبو الغيط في رسالته بحسب صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، أن "الاستفتاء المزمع إجراؤه سيحمل رسالة سلبية لأبناء الشعب العراقي من غير الكرد، ويفتح الباب أمام رياح الشرذمة والتفتيت، ويزيد من تعقيد الأوضاع الإقليمية، بل قد يسهم في تعقيد المشهد الكردي ذاته بصورة لا يرغب فيها أحد. ففضلاً عن دقة التوقيت الحالي وخطورة الظرف الذي يستلزم تكاتفاً أكبر وتوافقاً أوسع، فإن التحرك بغير إجماع وطني ومن دون تنسيق وتوافق مع الحكومة في بغداد قد يكون من شأنه تأزم الموقف، ودفع الأطراف جميعاً إلى اتخاذ مواقف مُتصلبة لا تخدم مستقبل العراقيين، بمن فيهم الكرد".
وتضمنت الرسالة إشارات إلى خطورة المرحلة المقبلة في العراق. وأوضحت أنه "ينبغي الاعتراف بأن (داعش) تسلل إلى المجتمع لأسباب، وفي ظل ظروف، لا ينبغي السماح بتكرارها، بل يتعين الانخراط فوراً، ومن دون تأخير في جهود حقيقية وجادة ومتواصلة لتحقيق المصالحة الشاملة بين أبناء الشعب العراقي".
وركزت الرسالة على موقف الجامعة العربية من مبدأ الاستقلال، مع الإشارة إلى أن "حقوق الكرد لا يمكن تلبيتها، بصورة كاملة إلا في إطار الدولة العراقية الفيدرالية الديمقراطية". وناشد أبو الغيط بارزاني "أن تأتي المساعي الكردية من أجل تأمين هذه الحقوق وصيانتها في إطار الوطن العراقي وليس بالتحرك بعيداً عنه، وأن تكون هذه المساعي بالانسجام مع الدستور وليس بتهميشه، علماً بأن هذا الدستور سبق التوافق عليه بين مكونات الطيف السياسي كافة بديمقراطية كاملة".
وأضافت المصادر أن الرسالة تضمنت كذلك إشارة إلى أن "الجامعة العربية تعترف بتنوع المجتمعات العربية، وترى فيه مصدر إثراء وعنصر قوة، وهي تعد بمثابة إطار حاضن لكل العالم العربي. وفي الوقت الذي تحرص فيه الجامعة كل الحرص على وحدة أراضي الدول العربية وعدم تفتيتها أو تجزئتها، فهي تبدي حرصاً مماثلاً على حث جميع الدول الأعضاء على الوفاء بالتزاماتها في تطبيق المفاهيم العصرية للمواطنة والمساواة في الحقوق بين جميع أبناء الشعب الواحد".
وأشارت المصادر إلى أن "الرسالة في مضمونها وروح النص والأسلوب صيغت بدافع الحرص على مصلحة الوطن العراقي بمكوناته كافة، وبغرض التحذير من الانزلاق إلى وضعٍ قد يضر بمصلحة الكرد أنفسهم في خاتمة المطاف، فضلاً عن الضرر الأكيد الذي يلحقه بالدولة العراقية الموحدة، وباستقرار مبدأ وحدة التراب الوطني في المنطقة العربية، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام انطلاق دعاوى شبيهة في دول عربية أخرى". وتوقعت أن تكون الرسالة "بداية لحوار يفضي إلى اتفاق لصالح الجميع يغلق الأبواب أمام مخطط التقسيم"، حسب ما افادته الصحيفة.
أرسل تعليقك