في اليوم العاشر من العملية العسكرية التي أطلقتها روسيا ضد بلاده، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن قواته مستمرة في القتال وستواصل الدفاع عن البلاد. فبعد شائعات رحيله عن العاصمة، ظهر زيلينسكي في فيديو مصور من كييف اليوم السبت، مشددا على أن القوات الأوكرانية كبدت القوات الروسية خسائر بشرية ومادية كبيرة. كما أضاف أن "الجيش الروسي لم يستطع تحقيق أهدافه، بل خسر عشرة آلاف جندي معظمهم صغار "
رغم ذلك، أكد أن كييف تفعل كل ما في وسعها لإنهاء الحرب التي نشبت أواخر الشهر الماضي.أما في ما يتعلق بالمفاوضات التي أطلقت مع الجانب الروسي من أجل وقف النار، فأوضح أنه سيرى ما إذا كانت بلاده ستستمر بها، موضحا أن فريق بلاده المفاوض في المحادثات التي جرت على الحدود ببيلاروسيا ناقش أول خطوة ألا وهي فتح الممرات الإنسانية وإعادة الحياة لطبيعتها.
إلى ذلك، ثمن الموقف الأوروبي تجاه بلاده، لا سيما في ما يتعلق بالنازحين، قائلا: "أوروبا استقبلت اللاجئين كمواطنيها". وأضاف أن هناك قرارات بعشرات المليارات من الدولارات من أجل إعادة إعمار أوكرانيا.يشار إلى أن الرئيس الأوكراني شدد خلال الأيام السابقة التي ظهر فيها على أهمية الدعم الخارجي لبلاده من أجل مواجهة الهجمات الروسية، داعيا إلى تكثيف المساعدات العسكرية.
كما طالب مرارا بفرض حظر طيران فوق الأجواء الأوكرانية، حاثاً حلف شمال الأطلسي على اتخاذ هذا القرار.إلا أن الناتو رد أكثر من مرة أيضا على أن مثل تلك الخطوة، قد توسع الحرب، وتؤتي بنتائج لا تحمد عقباها. كذلك اعتبر الاتحاد الأوروبي أن مثل هذا القرار قد يشعل حربا عالمية ثالثة في أوروبا.
وكانت موسكو أطلقت في 24 فبراير الماضي، عملية عسكرية واسعة النطاق على أراضي الجارة الغربية مطالبة بنزع سلاحها الذي تعتبره مهددا لأمنها. كما طالب الكرملين مرارا بوقف توسع الناتو شرق أوروبا، ورفض ضم كييف إليه.إلا أن تلك الهجمات العسكرية التي أتت بعد أيام من اعتراف الكرملين باستقلال منطقتين انفصاليتين في الشرق الأوكراني، استنفرت المجتمع الدولي برمته. وأدت إلى فرض حزمة عقوبات غير مسبوقة على موسكو، شملت المصرف المركزي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه، ووزير خارجيته، فضلا عن عشرات المسؤولين السياسيين أيضا.
كما طالت مؤسسات تجارية كبرى، ومصارف عدة، فضلا عن مئات رجال الأعمال المقربين من الكرملين.إلى ذلك، أدت إلى توتر غير مسبوق بين موسكو والغرب، لاسيما الناتو والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، التي حذرت من أن أوروبا تمر بأخطر مرحلة أمنية وسياسية على الإطلاق منذ الحرب العالمية الثانية.
وأكد الكرملين اليوم السبت، أن روسيا أكبر من أن تكون معزولة، مشيراً إلى أن العالم أكبر بكثير من الولايات المتحدة وأوروبا فقط، واصفاً تصرف الغرب بقطاع الطرق. وأضاف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن الغرب متورط في "حرب عصابات اقتصادية" ضد روسيا وأن موسكو سترد.
فيما لم يحدد الرد الذي سيكون هناك لكنه قال إنه سيتماشى مع المصالح الروسية، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز". وقال بيسكوف إنه إذا فرضت الولايات المتحدة عقوبات على صادرات الطاقة الروسية، سيحدث ذلك هزة كبيرة في أسواق الطاقة.وعن الناتو الذي أعلن أمس أنه لم ولن يدخل في صراع أو حرب مع روسيا، قال الكرملين إن دول الناتو تدرك استحالة مشاركتها المباشرة في الأحداث بأوكرانيا.
في موازاة ذلك، بيّن أن قنوات الحوار بين موسكو وواشنطن ما زالت متاحة، وذلك ردا على سؤال عما إذا كان بين روسيا وواشنطن أي علاقات في ضوء السياق الحالي للعملية العسكرية الروسية بأوكرانيا والعقوبات الغربية على موسكو. وتابع "في الواقع، هناك رفض للعلاقات وكبح للعلاقات الاقتصادية وفرض لإجراءات تقييدية من مجموعة دول، تلك التي في أوروبا والولايات المتحدة وكندا وبعض الدول الأخرى". في سياق آخر، برّر الكرملين إصدار القانون الجديد الذي قد يؤدي إلى سجن أشخاص لمدة تصل إلى 15 عاما لنشرهم "أخبارا كاذبة" عن الجيش الروسي، بأن البلاد تواجه "حربا إعلامية".
وقال بيسكوف إن "القانون كان ضروريا ومطلوبا بشكل عاجل بسبب الحرب الإعلامية غير المسبوقة التي تشنّ على بلادنا" مشيرا إلى أنه كان مطلوبا في ظل هذه الظروف إصدار تشريع "صارم" .يشار إلى أنه منذ بدء العملية العسكرية التي أطلقها الكرملين قبل 10 أيام، استنفر الغرب برمته، وأكد الاتحاد الأوروبي والناتو، والولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وغيرها من الدول، دعم كييف عسكريا وماليا من أجل المواجهة. كما فرض الغرب مئات العقوبات الموجعة على الروس، شملت البنك المركزي ومصارف عدة أخرى، فضلا عن مؤسسات تجارية ومئات الأثرياء المقربين من الكرملين.
وبعد إعلان موسكو في وقت سابق اليوم السبت وقف النار في مدن عدة شرق أوكرانيا، لا سيما في مدينة ماريوبول وفتح ممرات آمنة لخروج السكان، أكد مجلس المدينة الأوكرانية الساحلية، إلغاء عملية إجلاء المدنيين "لعدم التزام القوات الروسية بوقف النار" وفق تعبيره. وكتبت البلدية على تلغرام أن عملية إجلاء المدنيين التي كانت مقررة اليوم "أرجئت لأسباب أمنية" ولأن القوات الروسية "تواصل قصف ماريوبول ومحيطها".
أتت تلك الخطوة بعدما وجه المجلس خلال الساعات السابقة، اتهامات عدة للقوات الروسية بعدم التزامها الهدنة المؤقتة، لافتا إلى أن إطلاق النار مستمر في المنطقة، ما يعرقل نقل المدنيين.بدوره، اتهم مستشار الرئيس الأوكراني روسيا بإفشال خطة الإجلاء. فيما رد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحفي لاحقا على تلك الاتهامات، مؤكدا أن السلطات المحلية هي التي تمنع خروج المدنيين عبر الممرات الآمنة المحددة.
وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت في بيان سابق اليوم أن "الجانب الروسي نفذ وقفا للنار اعتبارا من الساعة السابعة بتوقيت غرينتش، وفتح ممرات إنسانية لإجلاء المدنيين من ماريوبول وفولنوفاخا".كما أضافت أنه تم تحديد مواقع الممرات الإنسانية ونقاط الخروج بالاتفاق مع السلطات الأوكرانية. لكنها أكدت في الوقت عينه، أن العملية العسكرية واسعة النطاق مستمرة، مشيرة إلى استهداف 2037 موقعا عسكريا للجيش الأوكراني منذ انطلاقها.
في حين أعلن مستشار وزارة الداخلية الأوكرانية، أنه سيكون هناك المزيد من الترتيبات مع روسيا لفتح ممرات أخرى لإجلاء المدنيين من المناطق الواقعة على جبهات القتال.وقال جينها "سيكون هناك قطعا المزيد من الترتيبات المماثلة في كافة المناطق الأخرى"
جاءت هذه التطورات بعدما أكد رئيس بلدية ماريوبول فاديم بويتشينكو، في وقت سابق اليوم، أن ميناء المدينة الواقعة شرق البلاد، يتعرض لـ"حصار" يفرضه الجيش الروسي ولهجمات "عنيفة". وقال في رسالة على حساب "تليغرام" التابع للمدينة البالغ عدد سكانها نحو 450 ألف نسمة والمطلة على بحر آزوف، بحسب ما نقلت فرانس برس: "نبحث حاليا عن حلول للمشاكل الإنسانية وعن كل السبل الممكنة للخروج من تحت الحصار".
يشار إلى أن السيطرة على ماريوبول تعد أمرا استراتيجيا بالنسبة لروسيا، لأنها ستسمح لها بالربط بين قواتها المتواجدة في شبه جزيرة القرم (جنوبا) وتلك الموجودة في المناطق الانفصالية في دونباس (شرقاً).وكانت المطالبات الأوكرانية والدولية على السواء، تعالت خلال الأيام الماضية، مع مواصلة العملية العسكرية الروسية التي انطلقت في 24 فبراير الماضي، من أجل فتح ممرات إنسانية، وإخراج المدنيين.
كما شددت الأمم المتحدة على أهمية الحفاظ على أرواح المدنيين وعدم استهداف المواقع السكنية. فيما اتفق الوفدان الروسي والأوكراني يوم الخميس في الجولة الثانية من المفاوضات على فتح ممرات لإجلاء المدنيين، على أن تستأنف الجولة الثالثة غدا أو بعده، من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، على الرغم من أن الرئيس الروسي كرر أمس أنه ماضٍ في العملية العسكرية حتى تحقيق الأهداف، ومن ضمنها نزع سلاح الجارة الغربية، الذي يعتبره "مهددا لأمن روسيا الاتحادية".
قد يهمك ايضا
الرئيس الأوكراني يُعلن إستعداده للتفاوض مع فلاديمير بوتين
الرئيس الأوكراني يغادر كييف متوجها إلى مدينة لفوف
أرسل تعليقك