الجزائر – ربيعة خريس
كشف مصدر برلماني مسؤول في تصريح لـ " العرب اليوم " أن المعارضة البرلمانية المحسوبة على التيار الإسلامي في الجزائر تعتزم إحياء اقتراح قانون تجريم الاستعمار الفرنسي الذي لازال حبيس أدراج الحكومة الجزائرية رغم مرور سنوات على اقتراحه منذ سنوات. ومن المرتقب أن توحد المعارضة صفوفها للضغط على السلطات الجزائرية بغية تفعيل هذا القانون تزامنا مع الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى الجزائر الذي تعهد خلال حملته الانتخابية على تقديم تنازلات في ملف الذاكرة، وسبق له ان اعتراف ببشاعة الجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في حق الجزائريين.
وتعتبر هذه المبادرة الثانية من نوعها حيث تحضر كتلة الأحرار بالبرلمان الجزائري, لإطلاق مبادرة لمطالبة فرنسا بتقديم اعتذار مالي واقتصادي عن جرائمها في حق الجزائريين طيلة 132 عاما من الاستعمار والاستنزاف لثروات وخيرات البلاد كشرط رئيسي لطي صفحة التاريخ الإجرامي لفرنسي.
وأعرب صاحب المبادرة رئيس كتلة الأحرار, لمين عصماني, في تصريحات صحافية عن رفضه الانخراط في مبادرة إحياء قانون تجريم الاستعمار الفرنسي, وقال إنهم سيطالبون بتعويضات مالية تقدر بحوالي 15 بليون دولار تسلمها السلطات الفرنسية كاعتذار, مؤكدا بأن الجزائر التي تم استعمارها أكثر من 130 سنة تستحق تعويضا أكبر بكثير وأي رقم مهما بلغ حجمه يعتبر قليلا بالمقارنة مع ما تم استنزافه وما عاناه هذا الشعب من وحشية.
وقوبلت هذه المبادرات سابقا بالرفض من طرف السلطات الجزائرية, وقال أحمد أويحي مدير ديوان الرئاسة الجزائرية, إن إصدار قانون عبر البرلمان لتجريم الاستعمار الفرنسي للبلاد (1830/1962) ومطالبة فرنسا بالاعتذار عن جرائمها “ليس حلاً لرد الاعتبار لتضحيات” أبناء شعبه.
وقال أويحي في مؤتمر صحفي: "لا نعتقد أن قانون تجريم الاستعمار يقدم شيئاً للجزائر، نحن نفتخر بمجاهدينا وشهدائنا الذين حرروا البلاد، لكن ثأرنا من الاستعمار الفرنسي يكون ببناء دولة قوية لها كلمتها". وأوضح المتحدث أن دولة فيتنام التي تعرضت لاستعمار بشع من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية لم تطالب بالاعتذار، ولكن شعبها بنى اقتصاداً في طريقه لجعل البلاد قوة اقتصادية عالمية". واستدرك هذا المسؤول بالقول في حال عرض هذا المشروع للتصويت عبر البرلمان نحن بالطبع سنصوت في حزبنا بنعم عليه"
وترفض فرنسا منذ استقلال الجزائر عام 1962 الاعتراف بهذه “الجرائم”، ويقول مسؤولون رسميون في باريس خلال فترة تولي فرنسوا هولاند زمام الأمور إنه يجب طي هذه الصفحة والتوجه نحو المستقبل في بناء علاقات جيدة بين البلدين.
وسبق أن دعا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة, فرنسا إلى الاعتراف بجرائمها التي ارتكبتها إبان احتلالها بلاده، واعتبر ذلك خطوة إلى الأمام تصب في خانة تعزيز العلاقات الاستثنائية بين البلدين. وعاد بوتفليقة في رسالة إلى الأمة بمناسبة إحياء ذكرى استرجاع الاستقلال والعيد الوطني للشباب في الجزائر المصادف لـ5 يوليو من كل سنة إلى ما عاشته بلاده في فترة الاستعمار الفرنسي, وقال إن هذا التاريخ " هو مناسبة لتجديد الاعتراف والعرفان لمجاهدينا ومجاهداتنا الأماجد نظير كفاحهم و تضحياتهم التي تكللت بتحرير وطننا المفدى، وهو أيضا موعد لإيلاف قلوب كل أبناء الوطن على استذكار ماضينا الحافل بالمآثر".
أرسل تعليقك