تستمرّ الميليشيات الحوثية الانقلابية في انتهاكاتها ومضايقتها واستهدافها المباشر وغير المباشر للمنظمات الإنسانية والإغاثية الدولية العاملة في نطاق سيطرتها، بهدف فرض السيطرة عليها من جهة، ومضاعفة الأعباء المعيشية والاقتصادية على السكان في صنعاء ومناطق أخرى واقعة تحت قبضتها من جهة ثانية.
أقرّت الميليشيات أخيرا في عرقلة حوثية جديدة لعمل المنظمات الدولية، وضمن مخطط الجماعة الذي يستهدف القطاع الإنساني بشكل مباشر، تقييد أنشطة جميع المنظمات الدولية والتابعة إلى الأمم المتحدة العاملة في صنعاء، ومنعها من إقامة أي أنشطة وفعاليات وتدريب في مكاتبها في صنعاء إلا بعد اشتراطات محددة، وبإذن مسبق من الميليشيات.
وطبقا لتعميم صادر عما يسمى "المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي" التابع إلى الجماعة، فرضت الميليشيات الالتزام بعدم القيام بأي نشاط أو تدريب أو اجتماعات داخل مقرات الهيئات التابعة للأمم المتحدة أو في مكاتب المنظمات إلا بإذن مسبق.
وأوضح التعميم الحوثي أنه «عند الحاجة للقيام بأي نشاط مما سبق ذكره، يتم تقديم كافة الطلبات والوثائق اللازمة للحصول على موافقة خطية من الأمانة العامة للمجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي».
تأتي إجراءات الجماعة الحوثية، بحسب إفادة موظف محلي في إحدى المنظمات الدولية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، ضمن سلسلة انتهاكاتها ومضايقاتها المستمرة بحق المنظمات الإنسانية والإغاثية والدولية العاملة في صنعاء، ومناطق أخرى خاضعة لها. وقال المصدر إن «التعميم ليس بجديد على هذه الميليشيات، فقد سبق لها أن أصدرت سلسلة من القرارات المجحفة والابتزازية بحق المنظمات الدولية، ومارست كثيراً من الانتهاكات ضد عاملين وموظفين تابعين لها».
وأضاف الموظف، الذي طلب عدم ذكر اسمه خشية بطش الجماعة أن «التعميم الأخير يكشف عن مدى تدخل الميليشيات في عمل واختصاصات ومهام وبرامج المنظمات».
واعتبر أن رصد الميليشيات لاجتماعات عقدت داخل مقر سكن العاملين في منظمات الأمم المتحدة يثبت ويؤكد تجسّس الحوثيين على المنظمات، وهي دائماً تكون إما لقاءات شخصية أو خارج إطار العمل. وتطرق المصدر إلى أن الميليشيات مستمرة في انتهاج سياسة العقاب تجاه أي منظمة إغاثية لا ترضخ لضغوطها، وقال إن «الجماعة تقوم بإيقاف أي منظمة أممية لا تتماشى مع أهدافها وبرامجها، وتمنعها من القيام بواجبها الإنساني تجاه ملايين اليمنيين الذين يعانون ظروفاً إنسانية بالغة الصعوبة».
يأتي تصعيد الانقلابيين ضد منظمات الإغاثة الدولية عقب اتهامات عدة وجهتها الأمم المتحدة للحوثيين بعرقلة جهود المنظمات الإغاثية، والحيلولة دون وصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها في مناطق سيطرة الميليشيات.
وأفادت مصادر محلية في صنعاء بأن ميليشيات الحوثي كثفت، منذ مطلع الشهر الحالي، من حملات التحريض والاستهداف المنظم تجاه المنظمات الدولية العاملة بمناطق سيطرتها، من خلال وسائل إعلامها، ومن على منابر المساجد، وفي المؤسسات الحكومية التي استولت عليها.
وذكرت المصادر أن خطباء حوثيين في صنعاء شنوا، الجمعة الماضية، حملة تحريض ممنهجة ضد المنظمات الدولية في عدد من مساجد العاصمة.
ويقول ناشطون في صنعاء تحدثوا إن «إقدام الحوثيين على انتهاج المئات من الانتهاكات والتعسفات بحق المنظمات الإنسانية يكشف عن الوجه الإرهابي القبيح لتلك الجماعة التي تسعى بالدرجة الأساسية لتأزيم الوضع الإنساني لإطالة أمد الأزمة، وتكبيد المدنيين أعباءً ثقيلة».
وكشف مسؤول خاضع للجماعة يعمل في الأوقاف والإرشاد لـ«الشرق الأوسط» عن أن الهجوم الحاد الذي شنه خطباء الميليشيات ضد المنظمات الإنسانية والإغاثية لم يأتِ من فراغ، بل بناء على توجيهات صدرت لهم من قبل قيادة الجماعة ومعمميها، تتعلق بضرورة الحديث عن سلبيات منظمات الإغاثة الدولية العاملة بمناطق سيطرة الجماعة.
وأفاد مصلون في منطقة السنينة (غرب العاصمة) بأن خطيباً حوثياً طالب، في خطبة ألقاها بين صلاتي المغرب والعشاء، حكومة الميليشيات بسرعة طرد الموظفين الأجانب العاملين في منظمات اليونيسيف والصحة العالمية وبرنامج الغذاء العالمي لأنهم، بحسب وجهة نظره «جواسيس لا ينبغي السكوت عنهم».
وفي المقابل، ومواصلة لانتهاكات الميليشيات بحق المنظمات، هدد مسؤول حوثي بحكومة الانقلابيين، قبل أسبوع، بطرد المنظمات الدولية من المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
ونقلت قناة «المسيرة»، التابعة للميليشيات، عن القيادي الحوثي علي الديلمي، المعين نائباً للوزير في حكومة الجماعة غير المعترف بها، قوله إن المنظمات الدولية لم تقدم لليمنيين أي خدمة ترقى لما تروجه من شعارات إنسانية وصفها بـ«الزائفة»، وتحدث عن وجود شعارات زائفة تروجها المنظمات الدولية.
وفي تهديد مُبطّن، موجه لهذه الجهات الدولية الإنسانية، صرح القيادي الحوثي بأنه إذا «لم تقم المنظمات بعملها، فإنها غير مرحب بها».
وهاجم قيادي حوثي آخر، يدعى محمد حجر، يعمل وكيلاً في خارجية الجماعة، المنظمات ذاتها وبشدة، وقال إنه ينبغي للمنظمات الدولية العاملة بالمجال الإنساني الالتزام بمبادئ النزاهة والاستقلال عن خطط وبرامج وأهداف الحكومة الانقلابية.
وجددت الأمم المتحدة، في وقت سابق، اتهامها للميليشيات الحوثية بإعاقة الوصول الإنساني في مناطق سيطرة الجماعة، من خلال السطو على المساعدات، وتعطيل تنفيذ أكثر من نصف مشاريع المنظمات الدولية، إلى جانب الاعتداء على العاملين بالحبس والتهديد.
ووردت الاتهامات الأممية التي أغضبت قيادة الجماعة الحوثية في صنعاء خلال الإحاطة التي قدمتها قبل فترة إلى مجلس الأمن مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية، أورسولا مولر، وفي حين نددت مولر بممارسات الميليشيات في الجانب الإنساني، وإعاقتها وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها بشكل روتيني، أشارت إلى أن الجماعة تنهب المساعدات، وتمنع تنفيذ نصف مشاريع المنظمات غير الحكومية العاملة في المجال الإنساني، وتطرد بعض موظفي تلك المنظمات وموظفي الأمم المتحدة من دون أي أسباب.
واتهمت المسؤولة الأممية الميليشيات بالتدخل في العمليات الإنسانية، ومحاولة التأثير باختيار المستفيدين من تلك المساعدات والشركاء المنفذين، ومحاولة إلزام المنظمات الإنسانية بالعمل في ظروف تتناقض مع المبادئ الإنسانية، مما سيتسبب -حال القبول بها- في فقدان التمويل اللازم للمشاريع الإنسانية وإغلاقها.
قد يهمك أيضًا
الحوثيون يفرضون قيودًا جديدة على أنشطة المنظمات الإنسانية والدولية في مناطق سيطرتها
"المركزي" اليمني يحذّر من التعامل بالعُملة الإلكترونية الوهمية للحوثيين
أرسل تعليقك