تجددت التجمعات في عدة مدن إيرانية في مطلع الأسبوع التاسع على اندلاع أحدث احتجاجات عامة تهز إيران. وأعلن مسؤول في الجهاز القضائي عن توجيه اتهامات لـ11 شخصاً عقوبتها تصل للإعدام، وذلك وسط دعوات لعقد اجتماع أممي ينظر في حملة القمع المميتة التي تشنها السلطات، في وقت وصل عدد القتلى إلى 336 على الأقل، بحسب منظمات حقوقية.
وأصبحت حمله "إسقاط العمائم" بمثابة تكتيك جديد يستخدمه المحتجون المناهضون للنظام في إيران الذين يستمرون بخروجهم للشوارع للأسبوع التاسع على التوالي، للتعبير عن رفضهم لسلطة رجال الدين الذين يعتبرونهم رموزا للقمع والفساد والتخلف، ويطالبون برحيلهم عن الحكم وعودتهم للمساجد والحوزات الدينية.
وتنتشر يوميا مقاطع عبر مواقع التواصل الاجتماعي لفتيان أو شابات إيرانيين يقومون بالتسلل خلف رجال الدين ويسقطون العمائم من على رؤوسهم في حركات لا تخلو من الاستعراض والسخرية مما ولد حالة غضب شديدة لدى كبار المراجع والملالي القابضين على مقاليد الحكم في البلاد منذ 43 عاما.
وإلى جانب حملة رفض الحجاب الإجباري احتجاجا على مقتل الفتاة مهسا (جينا) أميني ذات الـ 22 عامًا في 16 سبتمبر الماضي على يد شرطة الأخلاق الإيرانية تحت ذريعة عدم ارتداء الحجاب الكامل، أصبحت ظاهرة إسقاط العمائم ملازمة لأعمال ثورية أخرى، مثل كتابة الشعارات على الجدران وحرق أو تمزيق صور الخميني وخامنئي وقاسم سليماني وسائر رموز النظام، بالإضافة إلى تعليق مشانق رمزية لدمى الملالي على الجسور.
ويقول الشبان المنتفضون إنه عندما لا يُسمح للنساء والشباب بارتداء الملابس التي يريدونها بمنطق الإيديولوجية الدينية الحاكمة، فتعتبر حملة إسقاط العمائم ليست مجرد ردة فعل على القمع فحسب، بل إنها عمل سياسي مناهض للحكم الاستبدادي لرجال الدين. ولم يستطع أنصار النظام الصمت حيال هذه الظاهرة، حيث دعت وكالة أنباء "فارس" التابعة للحرس الثوري، إلى "مواجهة حازمة ضد كل من يهين ملابس رجال الدين".
كما اعتبر رجل الدين محمد تقي نقدعلي، عضو مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني، أن ظاهرة إسقاط العمامة من رأس رجال الدين "مؤامرة شيطانية"، ومن يفعلون ذلك "يلعبون بذيل الأسد"، على حد تعبيره. وبينما أشاد بعض الإيرانيين بـ"رمي العمامة" كعمل ثوري، أعرب آخرون عن قلقهم من أن يصبح رجال الدين من الرتب الدنيا الذين لا ينتمون إلى الدولة ضحايا للمضايقات والعنف.
وعلى صعيد آخر وجّهت السلطات الإيرانية الاتهام بقضايا ملفقة تصل بعضها لحكم الإعدام لنحو 800 متظاهر بحجة ضلوعهم في "أعمال شغب وقعت مؤخرا" في محافظات هرمزكان وأصفهان ومركزي، وفق موقع ميزان أونلاين التابع للسلطة القضائية ووكالات محلية.
وبحسب أرقام القضاء الإيراني تم توجيه الاتهام إلى أكثر من 2200 شخص، نصفهم في طهران، منذ بدء الاحتجاجات قبل شهرين. وتشير منظّمات تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان خارج إيران إلى أن حصيلة التوقيفات تخطّت 15 ألفا، ما تنفيه السلطات الإيرانية. ونقل موقع "ميزان" عن المدعي العام في محافظة هرمزكان إعلانه الأحد توجيه الاتّهام إلى 164 شخصا "متّهمين (بالضلوع) في أعمال الشغب الأخيرة ضد الأمن" في هذه المحافظة.
وأشار الموقع إلى أنه "على هامش زيارة إلى مركز الاحتجاز في محافظة هرمزكان أعلن المدعي العام في المحافظة مجتبى قهرماني أن 164 شخصا اعتقلوا في الاضطرابات الأخيرة سيُحاكمون اعتبارا من الخميس بحضور محامين" للدفاع عنهم.
وهم متّهمون بـ"التجمّع والتآمر ضد أمن البلاد" و"الدعاية ضد النظام" و"الإخلال بالنظام العام" و"الشغب" و"التحريض على القتل" و"إصابة عناصر أمن بجروح" و"إلحاق الضرر بالأملاك العامة".
من جهته، أشار المدّعي العام في محافظة أصفهان أسد الله جعفري إلى 316 قضية على صلة بأعمال الشغب الأخيرة. وقال إن 12 ممّن وُجّه إليهم الاتّهام حوكموا. وفي محافظة مركزي أعلن المدعي العام عبد المهدي موسوي توجيه الاتّهام إلى 276 شخصا، وفق ما نقلت عنه وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء "إرنا". في المقابل، أُطلق سراح مئة شاب اعتقلوا في أعمال الشغب الأخيرة من دون محاكمة بعدما وقّعوا تعهّدات بالتوقف عن المشاركة في "أعمال شغب".
ودعا خبراء لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة إيران، الجمعة، إلى وقف توجيه اتهامات تصل عقوباتها للإعدام بحق أشخاص شاركوا في الاحتجاجات، وحضّوا السلطات على «الإفراج فوراً» عمن تم توقيفهم على هامش هذه التحركات. وطلبت ألمانيا وآيسلندا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الجمعة، عقد جلسة عاجلة بشأن إيران التي تهزها احتجاجات دامية منذ أسابيع.
وفي رسالة وجهاها إلى رئاسة المجلس، دعا سفيرا ألمانيا وآيسلندا لدى الأمم المتحدة في جنيف إلى عقد «جلسة خاصة... بشأن تدهور أوضاع حقوق الإنسان في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، خصوصاً فيما يتعلق بالنساء والأطفال». ويطلب السفيران في الرسالة عقد الجلسة في 24 نوفمبر إن أمكن، أو في اليوم الأخير من الأسبوع نفسه. وأوضحا أن الطلب حظي بدعم 44 دولة، من دون تحديد إن كانت كلها أعضاء في المجلس.
ويتطلب عقد جلسة خاصة خارج الدورات العادية الثلاث التي تعقد كل عام، الحصول على دعم 16 دولة عضواً، أي أكثر من ثلث أعضاء المجلس البالغ عددهم 47. يأتي الطلب بعد ثمانية أسابيع من الاحتجاجات في إيران منذ وفاة مهسا أميني (22 عاماً) بعد توقيفها على خلفية انتهاكها المزعوم لقواعد لباس المرأة الصارمة في الجمهورية الإسلامية. وقالت السفيرة الألمانية في جنيف كاتارينا ستاش: «سوف نقدم دعماً على الصعيد الدولي للسيدات والرجال الذين يتحلون بالشجاعة في إيران الذين يخرجون إلى الشوارع للمطالبة بحقوقهم منذ أسابيع»، وأضافت: «نريد أن يتم جمع الحقائق بشكل مستقل وتقديم المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان للعدالة على الصعيدين الوطني والدولي».
وأعرب المبعوث الأميركي الخاص بإيران، روبرت مالي في تغريدة على «تويتر» عن تأييده للخطوة الألمانية-الآيسلندية، لتسليط الضوء عالمياً على حملة القمع العنيفة التي تشنها السلطات الإيرانية ضد المتظاهرين السلميين.
وتشهد إيران منذ 16 أيلول/سبتمبر احتجاجات إثر وفاة مهسا أميني (22 عاما) بعد أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس. وتتّهم السلطات الإيرانية أعداء إيران وخصوصا الولايات المتحدة بالوقوف وراء الاحتجاجات التي تصفها طهران بأنها "أعمال شغب".
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
تواصل الاحتجاجات بالداخل والخارج ضد السلطات الإيرانية والطلاب يدعون لاستمرار التظاهر
قائد الحرس الثوري في إيران يحذّر المتظاهرين من الإستمرار ويقول اليوم أخر أيام التظاهر
أرسل تعليقك