قُتل عشرات العناصر من تنظيم "داعش" خلال المعارك الدائرة في الجانب الايمن من مدينة الموصل، فيما استهدف انفجاران قوة حماية النفط والغاز في اقليم كردستان قرب كركوك شمالي العراق. ويأتي ذلك في وقت رفضت قيادات التنظيم المتواجدة في الرقة عودة عناصرها العراقيين الذين هربوا من الموصل باتجاه سورية. وأكد مصدر مطلع أن تلك القيادات قامت بتنفيذ حكم القصاص بحق عدد من الأشخاص الذين نقضوا بيعة البغدادي وتركوا "الجهاد" في ساحات القتال. وذلك بعد تعرض داعش لخسائر متلاحقة. وينحصر قتاله على الجبهة العراقية في الشطر الايمن من الموصل.
وأعلن قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت ، ان "قوات مغاوير الشرطة الاتحادية تواصل تقدمها من المحور الغربي مسنودة بغطاء جوي من طيران الجيش والطيران المسير وقصف مدفعي موجه باتجاه منطقة الفاروق المحيطة في جامع النوري". واضاف ان هذه القوات "قتلت 60 متطرفا بينهم المتطرف عزيز ابراهيم فارس العنزي الملقب عزيز فنجو أمير حسبة القيارة سابقا".
وبين ان المعارك "شهدت ايضا تدمير 5عربات مسلحة و8 دراجات نارية ملغمة و6 اسلحة مقاومة طائرات وتفكك 3 ابنية مفخخة". وقال مصدر امني ، ان عبوة ناسفة انفجرت ظهر اليوم على عجلة تقل عناصر حماية النفط والغاز في كردستان قرب جبال "باتيوه" قرب كركوك مما اسفر عن اصابة عنصر أمني. وأضاف ان تفجيرًا ثانيًا وقع عقب حضور قوة امنية لموقع الحادث من دون وقوع اضرار بشرية.
ولخصَّ قائد قوات مكافحة الإرهاب العراقية الفريق الركن عبد الغني الاسدي تطورات عمليات استعادة الجانب الأيمن لمدينة الموصل،بقوله: "بقي القليل لكنه الأصعب"، في وقت يرفع تنظيم "داعش" شعار الثبات ويخطط ويعد العدة لما يبدو انه قتال حتى الموت في مساحة ضيقة محشوة بالسكان.وفقا لموقع"نقاش".
واستعادت القوات العراقية السيطرة على اكثر من نصف الجانب الأيمن (الغربي) منذ بدء العمليات العسكرية في 19 شباط/ فبراير الماضي، فيما تحدثت اللجنة الأمنية في الحكومة المحلية لمحافظة نينوى عن استعادة ما نسبته 75% من هذا الجانب، وأيا يكن الأمر ما زال التنظيم يعول على منطقتين يتحصن فيهما مقاتلوه جيدا.
والمنطقة الأولى عبارة عن مجموعة أحياء قديمة وازقة ضيقة على شكل متاهات، تسمى بالمدينة القديمة وتقع في مركز الموصل على الضفة اليمنى لنهر دجلة، وتعد اهم معاقل التنظيم حاليا اذ يعظ عليها بأسنانه مستغلا الكثافة السكانية العالية والمساحات الضيقة التي تقيد حركة العجلات العسكرية، كما أنها منطقة هشة إن تعرضت للقصف فان منازل كثيرة ستتضرر لأنها متراصة وصغيرة ومتهالكة لقدمها.
ويُعدُّ سلاح الطيران حاسمًا في هذه الحرب وسيكون مقيدا الى درجة كبيرة وسيضطر القوات المهاجمة للترجل، وهذا ما يريده المتطرفون الذين ارتدوا الأحزمة الناسفة حتى صاروا قنابل موقوتة داخل المنازل وبين المدنيين. وللمدينة القديمة رمزية لـ"داعش"، حيث يقع الجامع النوري الكبير الذي ألقى فيه زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي خطبته العلنية اليتيمة معلنا دولة الخلافة في تموز/يوليو 2014. من هنا فان القوات العراقية تحاول الوصول الى هذا الجامع لتحقيق نصر معنوي كبير، لكنه لن يقضي على وجود "داعش" في المدينة.
وهيأ التنظيم مكانًا ثانيا له اطلق عليه اسم "أرض الثبات" وهي عبارة عن ثلاثة احياء كبيرة متجاورة (17 تموز ومشيرفة والهرمات) على الطرف الغربي للمدينة، واختارها بفعل عامل الجغرافيا أولا، فمن جهة الشمال يحدها نهر دجلة ومن الشرق يحيطها واد عميق، ومن الغرب مفتوحة على الريف الذي يشقه الطريق الرئيس المؤدي الى سورية، لكن ليس ثمة سبيل للفرار ابعد من (10) كلم لان القوات العراقية تضرب طوقا على الموصل وتحاصرها تمامًا.
ما يميّز هذه الاحياء انها كانت اول موطئ قدم لـ "داعش" عندما هاجم الموصل وسيطر عليها في حزيران/يونيو) 2014 حتى اطلق على احدها اسم "حي الفتح"، ومنذ ذلك الحين يتمركز عناصره فيها بكثرة كما نقلوا اليها عائلاتهم، التي تزاحم المدنيين الموجودين بكثرة بعدما اجبروا على البقاء بالرغم من القصف الجوي والمدفعي الشديد.
وحتى الساعة يسيطر التنظيم بقوة على هاتين المنطقتين، بل انه يعزز وجوده فيهما ويستعد لخوض معاركه الأخيرة فيهما، مستفيدا من التقدم البطيء للقوات العراقية في الأسابيع الثلاثة الماضية بعد وقوع مجزرة منطقة (موصل الجديدة) التي راح ضحيتها نحو (150) مدنيا جراء القصف الجوي للتحالف الدولي والمفخخات التي فجرها المتطرفون لاعاقة تقدم القوات قبل شهر تقريبا.
القصص في المناطق التي ما زالت تحت سيطرة "داعش" تؤكد انه يتمسك بالمدنيين على نحو غير مسبوق ليكونوا حطبًا للحرب، وان عناصره لا يترددون في قتل كل شخص يريد الفرار ويبررون ذلك بالقول: ان "من يسعى للذهاب الى المناطق الخارجة عن سيطرة دولته فهو كافر وجزاؤه القتل".
في هذه المعارك يتم توريط السكان المحليين ودفعهم الى فوهة المدفع. فقد اجبر التنظيم المتطرف سكان الاحياء الغربية على مشاركة منازلهم مع عائلات مقاتليه التي نزحت من مناطق أخرى في المدينة. وفي المناطق التي تشهد قتالا فان القناصين يعتلون سطوح المنازل ويتنقلون من منزل الى اخر، حتى تعرض العشرات منها للقصف وراح بسببه مئات الضحايا، اخرهم نحو (30) فردا دفنوا تحت الأنقاض يوم 10 نيسان (ابريل) الفائت في حي اليرموك قبل ساعات من تحريره، بحسب ما أكد لنقاش برزان احمد أحد أقارب الضحايا.
وتدرك القوات العراقية تماما أهمية الموصل القديمة والأحياء الغربية ومدى صعوبة استعادتها، لذا تتقدم نحوها من أربعة محاور، وكلما اقتربت منها أبطأت تقدمها وكانت أكثر حذرا. اما الخبر السيء فان احتمال حدوث انهيار في صفوف مقاتلي "داعش" لا يبدو انه ما زال واردًا، لذا سيكون لزاما مواصلة القتال الشرس الى حين انتزاع آخر شارع من المدينة، وهو ما يزيد فاتورة الضحايا المدنيين وخسائر القوات العراقية، ويوسع دائرة الدمار في الموصل.
أرسل تعليقك