يرجح مسؤولون، أن ترضخ الولايات المتحدة للقبول بمشاركة "محدودة لفصائل مختارة من الحشد الشعبي" في تحرير الموصل من "داعش"، في مسعى منها لتعبيد الطريق أمام انطلاق العملية، في حين يدور جدل واسع في العراق، منذ أشهر، بشأن الجهات التي سيسمح لها بالمشاركة في تلك المعركة التي توصف بـ"الحاسمة".
ويرجّح أن يعطى للحشد، على ضوء الموافقة الأميركية، مهمة تحرير الشريط الحدودي القريب من سورية، حيث تتواجد بعض البلدات الشيعية. في وقت أعلن البيت الأبيض، أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيلتقي غدا الاثنين رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
ولفت مستشار أوباما بن رودس إلى أن الزعيمين سيبحثان خطة مكافحة "داعش"، خصوصا التحضيرات الجارية لمعركة استعادة الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية وآخر معاقل التنظيم في العراق. وكشفت شبكة "سي إن إن" نقلا عن مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية، أن معركة استعادة الموصل ستبدأ الشهر المقبل، وأن الاستعدادات لهذه المعركة تجري على قدم وساق.
وفي تقرير لها، أوضحت "سي إن إن" أنه سيتم إرسال قوات إضافية للعمليات الخاصة الأميركية للمساعدة في العمليات العسكرية، وذلك عبر تقديم المشورة للوحدات العراقية التي ستشارك في دخول الموصل، حيث سيكون المستشارون أقرب إلى الخطوط الأمامية، ما يُعرضهم الى مخاطر أكبر، وفقا لعدد من مسؤولي الدفاع الأميركي.
كما ستبدأ الطائرات الأميركية بشن طلعاتها انطلاقا من قاعدة القيارة العسكرية جنوب الموصل خلال الأيام القليلة المقبلة. ووفقاً لتصريحات مسؤولين في البنتاغون، يتوقع أن تبدأ عملية تحرير الموصل الشهر المقبل. وكان مسؤولون محليون في نينوى قد تحدثوا عن خلافات عراقية ، أميركية بشأن مشاركة الحشد، أدت إلى سحب قوات "مكافحة الإرهاب" إلى قاعدة القيارة، بعد أسابيع قليلة فقط من تحرير مركز الناحية الواقعة جنوب الموصل.
وتعتزم واشنطن إرسال قوات إضافية للعمليات الخاصة لتقديم المساعدة والمشورة للوحدات العراقية التي ستتحرك باتجاه الموصل. ومن المرجح أن يتواجد المستشارون الأميركيون على خطوط التماس خلافا للعمليات السابقة التي اكتفى فيها الجانب الأميركي بتقديم دعمه عن بعد للقطعات العراقية.
وتضم قاعدة القيارة مئات من عناصر الجيش الأميركي التي تستعد لتقديم الدعم للوحدات العراقية، كما يؤكد مسؤولون عراقيون مطلعون. وتتوقع مصادر عراقية وأخرى أجنبية أن تبدأ الضربات الجوية التي تمهد لانطلاق العمليات البرية، في غضون أيام قليلة.
لكنّ مسؤولين عراقيين يشددون على أن توقيت العملية يرتبط بنحو وثيق باستكمال إجراءات ضم نحو 15 ألف متطوع من أبناء نينوى لهيئة الحشد الشعبي. وسيتولى هؤلاء المقاتلون مهام مسك الأرض لسد الفراغ الذي قد تخلفه القوات المحررة في مناطق شاسعة.
ويقول مسؤول من الموصل، مقرب من الأطراف العراقية والكردية والأميركية، إن "واشنطن قد توافق على اعطاء الحشد الشعبي دورا مشابها لما حدث في عملية تحرير الفلوجة". وأكد أن "الخطة الأميركية تقضي بالسماح لبعض الفصائل الشيعية ضمن الحشد الشعبي بدخول مناطق تل عبطة مرورا بتلعفر الشيعية وصولا الى الحدود السورية". وأشار المسؤول المطلع، الى أن "واشنطن ترفض بنحو قاطع دخول قوات الحشد إلى داخل الموصل". وأضاف المسؤول الموصلي، أن "وجود الحشد الشعبي يخيف السكان، من حدوث خروق، كما حدث من بعض العناصر في معارك سابقة شاركت بها تلك الفصائل".
وشهدت بغداد وأربيل، خلال الأيام الماضية، مباحثات ماراثونية قادها وفد أميركي رفيع برئاسة انتوني بلينكن نائب وزير الخارجية، اجرى خلالها لقاءات مع رئيس الوزراء العبادي وزعماء سياسيين، واستكمالها في إقليم كردستان بلقاء رئيس الاقليم مسعود بارزاني.
بدوره يؤكد عبد الرحمن الوكاع، عضو مجلس محافظة نينوى، أن "عدم مشاركة الحشد الشعبي في تحرير الموصل هي من ضمن تدابير ما بعد الخلاص من داعش". الوكاع، الذي يرأس كتلة "مدنيون" في مجلس المحافظة، ذكر أن "المجلس يريد إعطاء رسالة ايجابية الى سكان الموصل، وتشجيع النازحين على العودة بعد تحرير المدينة".
وكان مجلس محافظة نينوى قد صوت على "رفض" مشاركة الحشد الشعبي في عملية تحرير الموصل. وعزا المجلس، آنذاك، قراره إلى رغبة "مشاركة" أبناء الموصل في عملية التحرير. وقال المجلس إنه "سيتعرض للوم ويتهم بالتخاذل اذا لم يفعل ذلك".
لكن داود جندي، عضو اللجنة الأمنية في مجلس نينوى، انتقد كتلة النهضة برئاسة محافظ نينوى الحالي نوفل العاكوب، واتهمها بـ"التناقض" في موقفها تجاه مشاركة الحشد الشعبي.
وأضاف جندي، أن "كتلة العاكوب هي من جاءت بمشروع قرار منع مشاركة الحشد، ودفعت الأطراف في المجلس للتصويت على مشروعها، لكن رئيسها يتفق في بغداد مع فصائل شيعية على دخول الموصل".
ويصف رئيس اللجنة الأمنية في مجلس نينوى، منع الحشد الشعبي من المشاركة في تحرير الموصل بأنه "أمر غير منطقي". ويلفت الى وجود لواءين من تركمان تلعفر (لواء تلعفر 1 و2)، المنضوين ضمن قوات الحشد الشعبي. ويؤكد جندي أنه "لا يمكن أن يمنعهم أي طرف من المشاركة في تحرير مناطقهم".
كما يقول جندي، إن هناك "قوات إيزيدية وأخرى عربية تسمى بالنوادر، وهي تابعة للنائب عبد الرحمن الشمري، وهما ضمن الحشد الشعبي، وتتواجد حاليا في سنجار ومناطق شمال غرب نينوى". وينفي توصل الأطراف العراقية حتى الآن إلى "اتفاق" بشأن الجهات التي ستشارك في معركة الموصل. كما أنه يؤكد أن "الخلافات بشأن مستقبل المدينة تعقّد الأمر أكثر".
واعتبرت كتلة إياد علاوي، أن الدعوات الرامية الى تقسيم محافظة نينوى إلى عدة محافظات من شأنه ان يخدم "داعش". ودعت للبدء بمشروع "مصالحة مجتمعية" لإدارة المحافظة في مرحلة ما بعد هزيمة التنظيم.
وتتسع الخلافات في الموصل لتشمل رفض بعض الجهات مشاركة القوات التابعة لمحافظ نينوى السابق، أثيل النجفي، في حين عادت الدعوات المطالبة بإخراج القوات التركية. وتنفرد قوات البيشمركة بعدم وجود فيتو على مشاركتها في معركة الموصل، بحسب العضو الكردي في مجلس نينوى، داود جندي.
وتشير المعطيات الراهنة إلى أن "ساعة الصفر" لمعركة الموصل تتوقف على حل الخلافات الحالية، فضلا عن تسريع عملية استيعاب 15 ألف متطوع من ابناء نينوى ضمن الحشد الشعبي.
أرسل تعليقك