الخرطوم - محمد إبراهيم
شهد إفتتاح أولى جلسات البرلمان السوداني في دورته الحالية، مداولات ساخنة وصلت إلى حد مطالبة احد النواب بسحب الثقة من الحكومة، واصفًا سياساتها بـ"الفشل"، خاصة في الملفات الإقتصادية. وقال إن الحكومة الحالية عجزت عن إخراج السودان من "عنق الزجاجة" والضائقة المعيشية التي يعاني منه المواطن، وقد تعالت أصوات النواب في عدد من القضايا من بينها التفاوض مع المعارضة والحركات المُسلحة وطالبوا بتجاوز المعارضة بشقيها المدني والمُسلح والمُضي في الحوار الوطني الذي ينتظم في البلاد وتكملته بمن حضر.
وطالب رئيس اللجنة الزراعية في البرلمان رئيس حزب الأمة الوطني المشارك فى الحكومة عبد الله علي مسار، البرلمان السوداني صراحة بسحب الثقة عن الحكومة الحالية، لفشلها في معالجة الأزمة الاقتصادية، والأخلاقية والاجتماعية وخفض معدلات الفقر. ووصف الحكومة الحالية بأنها اضعف حكومة تمر على السودان منذ إستقلاله في العام 1956 ، وقال إن الشعب السوداني يستحق التحية والإحترام على صبره على فشل الحكومة.
ولم يكتف مسار بإنتقاداته لفشل سياسيات الحكومة الإقتصادية، بل شن هجوماً كاسحاً على وزرائها وتخلفهم عن حضور جلسات البرلمان. وقال في حديثه داخل مجلس النواب: إن "الوزراء الذين ينفذون خطاب رئيس الجمهورية غير موجودين داخل هذه القاعة" في إشارة صريحة إلى غياب الوزراء حتى عن مدولات خطاب رئيس الجمهورية نفسه.
وأوضح مسار خلال الجلسة المخصصة للتداول حول خطاب الرئيس السوداني، أمام فاتحة الدورة الجديدة للهيئة التشريعية، أنه لا يوجد مبرر لبقاء وزير المالية، بدر الدين محمود، في منصبه بعد الحال الذي وصلت إليه البلاد من تدهور إقتصادي وضائقة معيشية غير مبرره مع الإمكانيات التي يتمتع بها السودان بعدما فشلت الحكومة في إدارتها ضمن القنوات الصحيحة.
وسخر رئيس اللجنة الزراعية النيابية من وزير المالية ووصفه بـ "بالصراف" والمحاسب وبأن مهامه تؤديها "الصرفات الآلية ولاداعي لوجوده، ولم يسلم من هجومه وزيرة الرعاية الإجتماعية ودعا إلى سحب الثقة عنها أيضاً.
وناشد مسار زملاءه أعضاء البرلمان للخروج من جلباب الحزبية، وممارسة مسؤوليتهم الأخلاقية تجاه الشعب السوداني وسحب الثقة عن الحكومة بقوله: إننا لسنا أحزابًا بل نواب للشعب ولدينا مسؤولية أخلاقية تجاهه.
وفي الضفه الأخرى رفض العضو في حزب المؤتمر الوطني الحاكم وصاحب النصيب الأكبر في الحكومة، حسب الله صالح، وصف "مسار الحكومة بالفاشلة ودعوته لإقالتها، وقال " وشدد أن الحكومة الحالية حققت انجازات ونجاحات في عدة مجالات أبرزها الحوار الوطني وقال "لن ندعو بأية حال من الأحوال لسحب الثقة عنها بعد النجاحات التي حققتها".
وعرج صالح على موضوعات أخرى بعد دفاعه عن الحكومة ومضى بطالبته بإغلاق باب التفاوض مع الحركات المسلحة نهائياً، وقال إنه يهدر كرامة البلاد. ودعا إلى الإكتفاء بالأحزاب المشاركة في الحوار الوطني الحالي، مشيرًا إلى أن عددها 75 حزبًا سياسيًا، و32 حركة مسلحة إنضمت الى خيار السلام.
وأختلفت أراء أعضاء البرلمان السوداني وإستنكر النائب البرلماني ،عوض الكريم بابكر حديث ممثل المؤتمر الوطني بتجاهل الحركات المُسلحة وتمسك بمواصلة الجهود معها وإلحاقها بالحوار الوطني، وشدد على أن الحرب لن تحل مشاكل البلاد وأن الحركات طالما كانت خارج الحوار فإن السودان لن ينعم بالسلام والإستقرار، وفي ذات الإتجاه دعا رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، محمد مصطفى الضو، الى عدم إغلاق باب التفاوض مع الحركات المسلحة، مؤكداً ان الأبواب ستظل مشرعة والأيادي ممدودة بيضاء وفقاً لخطاب رئيس الجمهورية نفسه الذي دعا إلى إقناع الرافضين بجدوي الحوار.
ووصف المحلل السياسي أبوالحسن الطيب في حديثه الى "العرب اليوم" مدولات جلسة البرلمان الأخيرة بأنها أحاديث لاتخرج عن قبة البرلمان الذي وصفه بالتابع للحكومة، مُشيراً إلي أن البرلمان يسيطر عليه المؤتمر الوطني الحزب الحاكم الفعلي للبلاد. وقال إن الاحزاب المشاركة في الحكومة تابعه للمؤتمر الوطني وتسعى لإرضائه وقال "حتى من لهم أراء مغايرة فإنها لاتؤثر لأن القرارات والقوانين تُجاز بالأغلبية التي يمتلكها المؤتمر الوطني".
أرسل تعليقك