بغداد – نجلاء الطائي
يتطلع العراقيون لاختيار ممثليهم في البرلمان المقبل في الانتخابات العامة المقررة في 12 أيار/ مايو المقبل، ومع انطلاق الحملات الدعائية للمرشحين أو ربما حتى قبل الفترة التي حددتها مفوضية الانتخابات لبدء هذه الحملات، امتلأت شوارع العاصمة بغداد وبقية المحافظات بصور المرشحين والإعلانات لأكثر من 7000 شخص يتنافسون للحصول على مقعد في مجلس النواب.
وتثير كثافة الدعاية الانتخابية وأيضًا ضخامة بعد اللافتات والملصقات علامة استفهام بشأن المبالغ التي ينفقها مرشحون وقوائم انتخابية على هذه الإعلانات، خاصة إذا ما علمنا أن تكلفة بعض الإعلانات تصل إلى آلاف الدولارات، ووفقًا لمعلومات بثتها فضائية الحرة الأميركية من إحدى شركات الدعاية والإعلان في العراق، يبلغ سعر المتر الواحد من اللوحة الإعلانية من نوع "فلكس" من دون إطار حديدي ثلاثة دولارات تقريبًا، أما مع الإطار فالمتر الواحد يصل إلى سبعة دولارات.
وتتفاوت الأسعار بالانتقال إلى شاشات العرض الكبيرة من منطقة إلى أخرى، فمثلًا سعر بث فيديو تتراوح مدته بين 10 إلى 12 ثانية لـ500 مرة في أوقات متفاوتة أو متتالية يبلغ في الجادرية عند تقاطع جامعة بغداد 2500 دولار، ويتصاعد تدريجيًا حتى يصل إلى ثمانية آلاف في منطقة زيونة.
وفي الإذاعات تحتسب قيمة الإعلان بالدقائق، حيث يبلغ سعر أقل دقيقة إعلانية في إذاعة محلية 40 دولارًا، وترتفع في إذاعات أخرى لتصل إلى 75 دولارًا للدقيقة الواحدة، وتختلف الأسعار أيضًا في القنوات التلفزيونية، وتحتسب التسعيرة بالثواني، فسعر ثانية إعلانية واحدة على بعض القنوات تتراوح بين 10 و50 دولارًا، في حين ترتفع إلى نحو 125 دولارًا في قنوات عربية.
وتمثل هذه الأرقام أسعار شركة واحدة وربما تكون أقل أو أكثر من أسعار شركات أخرى تعمل في نفس المجال، وفي عملية حسابية بسيطة لنفترض أن مرشحًا من قائمة ما أراد أن يبث إعلانًا في قناة تفرض 50 دولارًا للثانية الواحدة ومدة إعلانه هو 20 ثانية، فهذا يعني أن تكلفة بث هذا الإعلان لمرة واحدة فقط يساوي ألف دولار.
وبالعادة تبث القوائم الانتخابية أو المرشحين أكثر من إعلان في اليوم، بالتالي يمكن ضرب الرقم في 5 أو 10 لتحديد التكلفة، وبما أن مفوضية الانتخابات حددت سقفًا أعلى للإنفاق في الحملات الدعائية، ووضعت له شروطًا وضوابط صارمة، يبدو أن كمية اللوحات الإعلانية للمرشحين المنتشرة في الشوارع وحجم الإنفاق على حملاتهم الدعائية ضربت بهذه الضوابط عرض الحائط.
وحدد سقف الانفاق الانتخابي للمرشح بمبلغ 250 "20 سنتًا تقريبًا" مضروبًا بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية الواحدة، لكن مفوضية الانتخابات تؤكد أنها غير قادرة على حصر حجم الأموال التي ينفقها المرشحون لعدم امتلاكها الأدوات اللازمة لذلك.
ويقول مدير الدائرة الانتخابية في المفوضية، رياض البدران إن "رصد حسابات المرشحين أو ما ينفقونه في الحملات الدعائية أمر معقد للغاية لأنه يحتاج لموارد بشرية هائلة لا يمكن للمفوضية أن تمتلكها في الوقت الحاضر"، وتختلف الحملات الدعائية الانتخابية بين مرشح وآخر من ناحية حجم الانفاق، فالبعض منهم وضع شاشات أو لافتات عملاقة لصوره ونشرها في الشوارع والساحات العامة، فيما اكتفى آخرون بطبع قصاصات ورقية صغيرة تحوي صورته وتسلسله داخل القائمة الانتخابية، وهي من الصغر بحيث يمكن وضعها في محفظة جيب.
وإزاء هذا التباين في حجم الانفاق، يرى رئيس منظمة شمس هوكر جتو أن "الأموال ستكون لها الغلبة في صعود المرشحين الذين يمتلكون أموالًا أكثر من غيرهم"، ويضيف جتو أن المأخذ الأبرز على الانتخابات العراقية هو عدم وجود عدالة في الوصول إلى الناخبين العراقيين"، وتابع أن "المعايير الدولية للانتخابات تشترط وجود حد أدنى للمرشحين من أجل أن تكون لديهم فرص متكافئة، لكن في العراق الأمر مختلف، الذي يمتلك أموالًا أكثر.. سيفوز".
أرسل تعليقك