تعطلت أعمال اللجنة العسكرية المشتركة في ليبيا «5+5» بشكل ملحوظ على خلفية تصاعد الخلافات السياسية بين جبهتي غرب ليبيا وشرقها، ما دفع سياسيين ومتابعين إلى التساؤل: هل توقُّف أعمال اللجنة مؤقت، أم أنه تجميد دائم؟
بداية، أقر رئيس وفد القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» في اللجنة الفريق مراجع العمامي، بأن «الخلافات السياسية بالفعل عطلت مخرجات وخطط اللجنة العسكرية خلال الفترة الأخيرة».
وقال العمامي إن «هذه الخلافات أعاقت تنفيذ خططنا كلجنة عسكرية، إذ إن أي مقترح نقدمه في أي ملف أو قضية كان يتطلب قراراً سياسياً في نهاية المطاف للمساعدة في تنفيذه على أرض الواقع، وذلك لكون العسكريين لا يتدخلون في الأمور السياسية». وأعرب العمامي عن تطلعه «لاستكمال عمل اللجنة في أقرب وقت انطلاقاً من استمرار تواصل أعضائها بشكل دائم».
بالمقابل، قال عضو مجلس النواب، عبد السلام نصية، إن عمل اللجنة توقف قبل اندلاع الصراع على السلطة التنفيذية، لافتاً إلى أنه «تركز على المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، ثم فتح الطريق الساحلي بين شرق البلاد وغربها نهاية يوليو (تموز) عام 2021، وتابع في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «باستثناء تنفيذ تلك المهام المحددة، كانت اجتماعات اللجنة العسكرية اعتيادية، بالإضافة إلى عقد لقاءات مع أطراف دولية تنقل للإعلام في إطار حرص تلك الأطراف الدولية على إظهار اهتمامها بالقضية الليبية».
وأرجع نصية أسباب انحصار عمل اللجنة لعدة أسباب من بينها، «استمرار أعضائها في تمثيل أطراف الصراع، وذلك بدلاً من بحثهم عن الحلول ومحاولة إحداث التوافق بين الجهات التي يمثلونها»، ورأى أن «هذا الأمر تعمق لعدم وجود وزير دفاع، في ظل خلافات حول هذه المسألة، ثم جاء الانقسام والصراع حول ترأس الحكومة».
ويرى نصية، أن اللجنة العسكرية، «أهملت توظيف واستثمار أجواء التقارب التي سادت بين الأطراف والقوى الليبية بأعقاب توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، في تطوير مهامها باتجاه توحيد المؤسسة العسكرية، أو وضع خطة وطنية لمعالجة قضية السلاح»، معتبراً أن هذا «التطوير هو السبيل الوحيد لعودتها للمسار الصحيح».
ولم يبتعد جلال حرشاوي، الباحث في مؤسسة «غلوبال أنيشاتيف» عن الطرح السابق، وقال إن «ضعف اللجنة تعمق وبات أكثر وضوحاً مع بروز واحتدام الصراع على السلطة».وأضاف حرشاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المجموعات المسلحة في عموم ليبيا لم تلتفت يوماً لما يصدر عن تلك اللجنة من قرارات، وبالتالي لم يكن لها تأثير أو سلطة، لذا كان من المستبعد من البداية أن يكون لها دور، ولم تحاول التدخل في اشتباكات العاصمة طرابلس نهاية أغسطس (آب) الماضي».
وتحفظ حرشاوي، على ما يطرحه المدافعون عن أن اللجنة العسكرية حققت خطوات في ملف إخراج «المرتزقة» والقوات الأجنبية من ليبيا، وقال: «اللجنة تعهدت منذ توقيع وقف إطلاق النار أكتوبر (تشرين الأول) 2020 بترحيل المرتزقة والقوات الأجنبية، لكن ذلك لم يحدث لأسباب عدة، وربما يتم الاكتفاء فقط بترحيل بعض المرتزقة السوريين في الفترة المقبلة».
وكانت اللجنة قد عقدت اجتماعات في القاهرة وتونس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مع ممثلي دول السودان وتشاد والنيجر لتبادل قواعد البيانات المتاحة حول العناصر المنتمية لبلدانهم وتمتهن الارتزاق بالسلاح داخل الأراضي الليبية تمهيداً لتسوية أوضاعهم وعودتهم.ويرى حرشاوي أن «واشنطن تميل لتأييد عمل اللجنة العسكرية لأنها تريد إعطاء انطباع بأن قطاع الأمن الليبي يتم إصلاحه ونشر الوهم بأن المرتزقة يرحلون».
وقال أحمد عليبة، رئيس وحدة التسلح بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن التعويل الرئيسي لاستئناف نشاط اللجنة العسكرية يتوقف على المساعي التي قد يبذلها المبعوث الأممي الجديد عبد الله باتيلي لحلحلة التحديات التي فرضتها الصراعات الحادة حول السلطة خلال الفترة الأخيرة على عمل اللجنة.
وأضاف عليبة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعد اشتباكات طرابلس نهاية أغسطس، تعمقت الخلافات وتعزز وضع المجموعات المسلحة الموالية للدبيبة في طرابلس، وباتت رئاسة أركان المنطقة الغربية هي المشرفة على غرف عملياتهم، وهذا يعني أن اللجنة العسكرية ستواجه عراقيل مضاعفة إذا ما استأنفت أعمالها، ومباشرة مهام حصر وتفكيك المجموعات المسلحة التي كانت تعد له منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار». وتوقع عليبة، أنه في ظل الاهتمام الأميركي والأوروبي باللجنة العسكرية، فقد يستهل باتيلي نشاطه ولقاءاته في الساحة الليبية بتوجيه الدعوة لوفدي اللجنة العسكرية ما يدفع لاحتمالية استئناف نشاطها المتوقف فيما يخص ترحيل «المرتزقة» وتفكيك الميليشيات.
وعلى صعيد اخر اندلعت اشتباكات في طريق مطار طرابلس القديم بين مجموعات مسلحة تتبع مدينة مصراتة يقودها عبد السلام زوبي، وأخرى من مدينة الزاوية يقودها محمد بحرون المعروف بالفار. وسُمعت أصوات تبادل إطلاق النار بالأسلحة المتوسطة والخفيفة بوضوح بمنطقة طريق المطار والمناطق المجاورة لها.
وأودت الاشتباكات الأخيرة قبل أسبوعين بالعاصمة طرابلس، بحياة 32 شخصاً وجرح العشرات. وجرت المواجهات الأخيرة بين ميليشيات مسلحة موالية لحكومة فتحي باشاغا حاولت الدخول للعاصمة لتسلم السلطة، والميليشيات المساندة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة التي صدّت الهجوم.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك