دعت دول عربية وإقليمية وغربية إلى نزع فتيل الأزمة الدبلوماسية بين دول عربية وقطر، التي تصاعدت بشكل كبير، فجر اليوم الإثنين، مع إعلان 3 دول خليجية ومعها مصر عن قطع علاقاتها مع قطر، ووقف حركة التنقل البري والجوي منها واليها. وقد صدرت تصريحات وبيانات عن مسؤولي دول عدة جاءت بمثابة مساعٍ لرأب الصدع في الجدار الخليجي، قبل أن يتسع الشق الخلاف ويؤثر على التحالف العربي ضد الارهاب.
وكانت في مقدمة الدول التي سارعت الى نزع الخلافات بين الأشقاء الخليجيين، حيث دعا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى استمرار الحوار بين أطراف الأزمة الخليجية لنزع فتيلها. وقال خلال مؤتمر صحفي جمعه بنظيره الألماني سيغمار غابريل في العاصمة أنقرة، اليوم الاثنين،: "بالتأكيد يمكن أن تحدث مشاكل بين البلدان، واختلافات في الآراء، لكن ينبغي استمرار الحوار في جميع الظروف، ولابد من استمرار الاتصالات لتحل المشاكل الموجودة من خلال الوسائل السلمية".
وأكد وزير الخارجية التركي على أن بلاده مستعدة لتقديم كافة أشكال الدعم الممكن من أجل عودة الأمور إلى طبيعتها بين الأشقاء الخليجيين. وأعرب عن أسف تركيا لتصاعد الأزمة بين الأشقاء الخليجيين. وقال إن هذا "التطور يشعرنا جميعًا بالأسف، ونرى أن استقرار المنطقة، واستقرار منطقة الخليج، ووحدتها واتحادتها، هو من وحدتها واتحادنا، وتركيا تساهم من أجل تحقيق ذلك". ولفت أن المنطقة تواجه مشاكل عديدة مثل الإرهاب والتطرف والطائفية والإسلاموفوبيا، مؤكداً على أهمية العمل المشترك والتضامن في مكافحتها.
أما العراق، الذي يرتبط بحدود مع دولتين خليجيتين هما المملكة العربية السعودية والكويت، فقد انضم أيضاً إلى جانب جهود نزع فتيل الأزمة الخليجية. ودعا نائب الرئيس العراقي إياد علاوي، اليوم الاثنين، إلى عقد "حوار حقيقي" بين قطر من جهة، والدول التي قطعت علاقاتها معها، وعلى رأسها السعودية والإمارات والبحرين ومصر، لاحتواء الأزمة. وقال علاوي، في بيان إن "الحكمة والعقل يدعوان إلى عقد مؤتمر حوار حقيقي يضع النقاط على الحروف خاصة أنه لم تمض على القمة العربية في الاردن سوى أسابيع قليلة".
وحذر علاوي من أن تداعيات الأزمة الجديدة في الخليج العربي "قد تدمر ما بقي في المنطقة، وستؤثر سلبا على عدة بلدان بينها العراق". وقال: "هذه التداعيات الخطيرة تؤثر سلباً على القضية الفلسطينية والعراق وسورية واليمن والبحرين ولبنان ومصر والأردن، ومن غير المعقول أن تصل الأحوال إلى ما وصلت إليه". كما دعا علاوي جامعة الدول العربية إلى أن "تلعب دوراً رائداً ومتميزاً قبل أن تفقد السبب في وجودها أصلاً".
الكويت من جهتها، التي كانت قد دخلت قبل أيام على خط الوساطة بين السعودية والإمارات من جهة وقطر من جهة أخرى. وتمثلت هذه الوساطة في زيارة وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح لقطر نهاية مايو/آذار الماضي، أعرب خلالها عن "استعداد بلاده في التقريب بين وجهات النظر بين الأشقّاء واحتواء أي احتقان". ورغم أنه لم يسرب شيء عن تفاصيل الوساطة، فإن التصعيد الجديد اليوم يشير إلى عدم تمكن نجاح الكويت من تقريب المواقف. لكن موقف الكويت المغاير لجيرانها الخليجيين في عدم إعلان قطعها للعلاقات مع قطر مفاجئًا، يجعلها مؤهلة بشكل أكبر لقيادة وساطة لنزع فتيل الأزمة.
وما يعزز ذلك أن الكويت سبق لها أن اتخذت نفس الموقف قبل 3 أعوام؛ حيث لعبت مع سلطنة عُمان دور الوسيط في حل الخلافات بين الأشقاء الخليجيين، أثناء ما عرف بـ"أزمة سحب السفراء"، التي اندلعت في مارس/آذار 2014، عندما سحبت كل من السعودية والإمارات والبحرين سفرائها من قطر، على خلفية اختلاف مواقف البلدان من قضايا إقليمية، وانتهت بعودة السفراء للدوحة في نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته.
كذلك دخلت إيران على خط الخلافات بين دول الخليج وقطر، واستغلت قرار خمس دول عربية بقطع العلاقات مع الدوحة، فأعلنت استعدادها لتزويد السوق القطرية بما تحتاجه من محاصيل ومواد غذائية. وصرح رضا نوراني، رئيس نقابة مصدري المحاصيل الزراعية في إيران، استعداد بلاده لتصدير مختلف المحاصيل الزراعية والمواد الغذائية إلى قطر عبر 3 موانئ في جنوب البلاد.
وقال نوراني لوكالة أنباء "فارس"، إن الحدود البرية الوحيدة لقطر هي مع السعودية إلا أن إيران تعتبر الأقرب بحريا لهذا البلد وتستطيع شحن المواد الغذائية لهذا البلد في غضون 12 ساعة. وأضاف: "بالإمكان الاستفادة من شركة الفجر الإيرانية للملاحة في شحن المواد الغذائية عبر موانئ بوشهر وبندر عباس وبندر لنكه إلى هذا البلد". ولفت إلى أن قطر تستورد نحو 4 إلى 5 مليارات دولار من مختلف أنواع المواد الغذائية من السعودية ومصر والإمارات؛ لكن الحظر الذي فرضته هذه البلدان بسبب التوتر في العلاقات أسفر عن هجوم الناس على مراكز التسوق.
وبعيدا عن منطقة الشرق الأوسط فقد صدرت دعوات من واشنطن وموسكو لتسوية الخلافات الخليجية. وقد دعا وزير الخارجية ريكس تيلرسون، دول الخليج الست إلى الحفاظ على وحدتها، وتسوية الخلافات التي نشأت بينها مؤخراً. وأضاف تيلرسون، على هامش مؤتمر صحفي في أستراليا، اليوم: "المطلوب الآن هو معالجة الخلافات القائمة بين دول الخليج. وحدتهم تهمنا، ومستعدون لأي دور في هذا الإطار". وأضاف: "يبدو أن التوترات التي بدأت بين دول الخليج قبل أيام قد تفاقمت.. من الضروري الآن التحرك لإيجاد حل الخلافات".
وفي موسكو، أكد الكرملين أن موسكو تقدر عاليا علاقاتها مع دول الخليج كافة، وتأمل في تسوية الخلافات فيما بينها في أجواء سلمية. وقال دميتري بيسكوف، الناطق الصحفي باسم الرئيس الروسي، في أول تعليق للكرملين على الأزمة الخليجية القطرية، إن موسكو لا تتدخل في شؤون دول أخرى، ولا في شؤون دول الخليج؛ لأنها تقدر علاقاتها مع الدول الخليجية مجتمعة ومع كل دولة على حدة. وختم قائلا: "ولذلك يعنينا الحفاظ على العلاقات الودية ونحن حريصون على توفير أجواء مستقرة وسلمية في منطقة الخليج لتسوية الخلافات القائمة في ظلها".
وفي وقت سابق اليوم الاثنين ، أعلنت المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات والبحرين واليمن قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، واتهمتها بـ"دعم الإرهاب" في أسوأ صدع تشهده المنطقة منذ سنوات، بينما لم تقطع الكويت وسلطنة عًمان علاقاتهما مع الدوحة.
أرسل تعليقك