لوحت طهران بعقوبة الإعدام في وجه المحتجين الذين نزلوا إلى الشوارع منذ الخميس الماضي، في ما يشبه الترهيب للمتظاهرين، اليوم الثلاثاء، وحذر رئيس المحكمة الثورية في طهران من أن المحتجين المعتقلين قد يواجهون قضايا عقوبتها الإعدام عندما يحاكمون، وفقا لتقارير إخبارية متداولة.
ونقلت وكالة أنباء تسنيم الإيرانية شبه الرسمية عن موسى غضنفر أبادي قوله "من الواضح أن إحدى التهم الموجهة إليهم يمكن أن تكون الحرابة أو شن حرب ضد "الله"، وهي جريمة عقوبتها الإعدام في إيران. ونقل عن غضنفر أبادي قوله إن بعض المحتجين سيحاكمون قريبا بتهمة العمل ضد الأمن القومي وتدمير الممتلكات العامة. كما أكد أن حضور التجمعات التي لا تقرها الشرطة يعتبر غير قانوني في إيران.
وتنظر المحكمة الثورية الإيرانية القضايا التي تنطوي على محاولات مزعومة للإطاحة بالحكومة. يذكر أن السلطات الإيرانية اعتقلت 450 شخصاً في ثلاثة أيام بالعاصمة طهران منذ السبت الماضي، وفقا لوكالة أنباء شبه رسمية. ونقلت وكالة (إيلنا) الثلاثاء هذا الرقم عن نائب محافظ طهران، علي أصغر ناصربخت. وأضافت أن 200 متظاهر اعتقلوا يوم السبت، كما اعتقل 150 آخرون يوم الأحد، و100 أمس الاثنين. وبدأت التظاهرات الخميس في مدينة مشهد احتجاجاً على متاعب اقتصادية، وامتدت منذ ذلك الحين إلى عدد من المدن، ولم تتوفر أرقام عن عدد المتظاهرين المعتقلين في هذه المدن.
وخرجت قوات الأمن الإيرانية إلى شوارع العاصمة طهران، الاثنين، وذلك بعد المظاهرات التي اجتاحت البلاد متجاهلة دعوة الرئيس حسن روحاني، بالهدوء في عطلة نهاية الأسبوع، وهي أكبر احتجاجات منذ أعوام؛ للاعتراض على الاحباطات السياسية والاقتصادية، وبدأ الاحتجاج منذ خمسة أيام، وأسفر عنه مقتل 12 شخصًا على الأقل في اشتباكات مع قوات الأمن، وفقا لتصريحات التلفزيون الحكومي.
وكان المناخ العام مشحونا في طهران، وانتشرت قوات الأمن بأعداد كبيرة، وتظاهر المحتجون بشكل متقطع، هاتفين بشعارات والمطالبة برحيل القادة السياسيين، وذكر التلفزيون أن المتظاهرون حاولوا اقتحام مراكز الشرطة والجيش والخدمات، وهاجموا أيضا معهدا للتعليم الثانوي، وعرض التلفزيون لقطات تظهر حرق السيارات وحرائق أخرى، ووقعت الاحتجاجات في عشرات المدن الإيرانية، بما في ذلك كاراج، كازفين، قايمشهر، دورود، وتويسيركان.
وتعدّ هذه الاحتجاجات هي الأكبر في البلاد منذ 2009، حين اجتاحت موجة من الاحتجاجات طهران، اعتراضًا على فوز الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد، وتحول الأمر إلى حركة احتجاجات واسعة ضد الرئيس الإيراني.
وفشل الرئيس المعتدل حسن روحاني في تحقيق تغييرات سياسية كبيرة، أو خلق فرص اقتصادية، مما قاد الشعب إلى مرحلة الغليان والاحباط، خاصة بين الشباب الصغار، وبدأت الاحتجاجات في مدينة مشهد يوم الخميس الماضي، مرددة شعارات تندد بالاقتصاد الضعيف للبلاد، ومن ثم تحولت إلى شعارات سياسية، وتزايد الأمر حتى وصل إلى النظام الإيراني السياسي، وطالب البعض برحيل روحاني والمرشد الأعلى آيه الله خامنئي.
ولفتت قوة وجرأة المحتجين نظر السياسين الإيرانيين وفاجئتهم أيضا، ودان البعض الاحتجاجات ووصفهوها بأعمال الشغب، أما الآخرين أكدوا أن تجاهل المتظاهرين سيزيد من المشكلات والاحباط.
ومن الواضح أن المتظاهرين لن يتراجعوا، مما دفع قوات الأمن الخروج إلى الشوارع الاثنين، وتواجدت شرطة مكافحة الشعب بخراطيم المياه بقوتها الكاملة في طهران، ونشرت قوات الأمن في أماكن حيوية أخرى، وألقت القبض على نحو 200 شخص في العاصمة وحدها.
وشارك المحتجون صورهم والفيديوهات على تطبيق تيليغرام، وسط مواصلة الحكومة حجب موقع انستاغرام ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، قاطعة وسيلة مهمة للمحتجين، ورغم ذلك تواصلت الدعوات يوم الأثنين لمزيد من الاحتجاجات، معتمدين على القنوات الفضائية الأجنبية.
وبينما كان عدد المتظاهرين في طهران قليلا، إلا أن أصواتهم وصلت، حيث اشتكى العديد من زيادة الأسعار والفساد، وانعدام التغيير.
وصوَّت كثير من الشباب بحماس للرئيس روحاني لإعادة انتخابه في مايو/ آيار الماضي، رافعين آمالهم بزيادة الأصلاحات في هذا المعسكر الإصلاحي، ولكن أقرر مؤيدي الرئيس بفشله في الوفاء بوعوده بتحسين الاقتصاد والذي يعاني منذ سنوات بسبب العقوبات المريرة والفساء وسوء الإدارة.
وحتى مع رفع بعض العقوبات عن الاقتصاد الإيراني بعد الاتفاق النووي مع الدول الأجنبية الكبرى بما في ذلك الولايات المتحدة في 2015، لم يحرر الاقتصاد بدرجة كافية كما أمل الرئيس روحاني، حيث تظل القطاعات الرئيسية تحت سيطرة المؤسسات الدينية والحرس الثوري الإيراني.
ويؤثر الاقتصاد الضعيف على الشباب بشكل خاص، وهم يمثلون نسبة 50% من تعداد السكان، وتصل نسبة البطالة 20%، ولكن يقول الخبراء أنها أكثر من ذلك حيث تصل إلى 40%.
ولا يبدو أن الحريات التي حصل عليها الشباب حلت محل الاحباط الاقتصادي، حيث سمح الرئيس روحاني بإقامة الحفلات وتخفيف تواجد الشرطة الدينية في الشوارع، ولكن هناك فجوة كبيرة بين التغيير في إيران وحداثة المجتمع، وإصرار القادة الإيرانيين على مواصلة عدائهم للسياسات الغربية.
ويشتكي روحاني من سيطرة المتشددين على قرارته وفي بعض الأحيان خططه التي لا يوافقون عليها، وكل هذه العقبات للإصلاح ظهرت وتحولت إلى إحباط الآن توجه ضد النظام السياسي. وأعلن التلفزيون الإيراني مقتل 10 أشخاص يوم الأحد، ولكنه لم يحدد أماكن مقتلهم، وقال المذيع " بعض المتظاهرين المسلحين حاولوا السيطرة على أقسام الشرطة وقواعد الجيش، ولكن قوات الأمن واجهتهم بحزم، ولكن تتواصل الاحتجاجات غير القانونية في العديد من المدن بمشاركة أقل من المتظاهرين، ولكنهم أثاروا أعمال العنف والشغب".
أرسل تعليقك