عقب أشهر من الخلافات والانقسامات، وفشل جميع مبادرات التقريب بين الجبهتين المتنازعتين على قيادة تنظيم «الإخوان»، الذي تصنفه السلطات المصرية «إرهابياً». يرى متخصصون في الشأن الأصولي، أن «محاولات الصلح أو الهدنة بين الجبهتين فشلت لعمق الخلافات وعدم التوافق حول ملامح مستقبل التنظيم، الذي يقبع معظم قياداته، وفي مقدمتهم محمد بديع مرشد (الإخوان) داخل السجون المصرية، في قضايا (عنف وقتل) وقعت في مصر، بعد رحيل (الإخوان) عن السلطة عام 2013».
الخلاف بين الجبهتين كان قد تصعد عقب إعلان «جبهة لندن» تعيين محيي الدين الزايط في منصب القائم بأعمال المرشد (بشكل مؤقت) خلفاً لإبراهيم منير. لترد «جبهة إسطنبول» بتعيين محمود حسين قائماً بأعمال مرشد «الإخوان».
ووفق محمود الجمل، الباحث في الحركات الأصولية بمصر، فإن «الخلاف في حقيقته بين الجبهتين يدور حول آلية اتخاذ القرار داخل (الإخوان)، حيث ترى (جبهة إسطنبول) أنها الأحق بالقرار، في المقابل ترى (جبهة لندن) أن (مجموعة إسطنبول) أغلقت نوافذها عن الأزمات التي يمر بها التنظيم خاصة مشاكل (شباب الإخوان)، وتقف موقف المتفرج من جميع الأحداث، كما ترى (جبهة لندن) أن محاولات الصلح، هي سيطرة من قبل (مجموعة إسطنبول) عليها». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه «لم تفلح أي محاولات للصلح أو الهدنة بين الجبهتين لعمق الخلاف»، لافتاً إلى أن «بعض قيادات الجهتين من الصف الأول والثاني ضاقوا ذراعاً بالخلافات، وليس عندهم القدرة على حسم الأمر»، موضحاً أن «(مجموعة محمود حسين) ترسخ في الرأي العام الإخواني أن (مجموعة لندن الـ14) هي مجموعة (منشقة)عن التنظيم».
وكانت «جبهة إسطنبول» لمحت في وقت سابق إلى «فشل المفاوضات مع (جبهة لندن)، بشأن منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم، وفشل التوافق حول شخصية بارزة في الجبهتين، تقود التنظيم في المرحلة المقبلة». كما اتهمت «جبهة إسطنبول»، «مجموعة لندن» بـ«محاولات تمزيق (الإخوان) وتشكيل (كيانات موازية غير شرعية)، وفرض أشخاص (في إشارة لاختيارات مجموعة لندن) على رأس التنظيم بالمخالفة الصريحة للنظم واللوائح».
الصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام منير بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان»... وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين من مناصبهم.
وحدد الزايط بعد وفاة منير، في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مهلة مدتها شهر، لإعلان القائم بأعمال المرشد الجديد، وكذا الأمور الإدارية للتنظيم كافة؛ لكن تأكيدات الزايط حول القائم بأعمال المرشد الجديد لم تظهر للنور بعد.
وبحسب مصادر مطلعة على تحركات «الإخوان» فإن «انتهاء المهلة التي حددها الزايط، هو الذي يدفع (مجموعة إسطنبول) للتصعيد دائماً، وخصوصاً بعدما تردد عن وجود انقسامات حول من سيخلف منير داخل الجبهة». فيما أشار مراقبون إلى «دور (مجموعة إسطنبول) في تعميق الخلافات داخل (جبهة لندن)، مما دعا لتوسيع الانقسامات حول بديل منير، وخصوصاً أن محمود حسين يصعب عليه كسب ثقة (مجموعة لندن)».
حول مبادرات الصلح بين جبهتي «إسطنبول» و«لندن». أكدت هناء قنديل، الباحثة المتخصصة في الحركات الأصولية بمصر: «حتى الآن هناك أكثر من 8 مبادرات للصلح بين المجموعتين، آخرها مبادرة صلاح عبد الحق، الذي تردد أنه قد يتولى قيادة (مجموعة لندن)». وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «(جبهة لندن) ترى أن (مجموعة إسطنبول) لا تريد التغيير، وتقف (حجر عثرة) لأي تطوير في اللائحة التنظيمية لـ(الإخوان)».
عن تأخر «جبهة لندن» في الإعلان بشكل رسمي عن اسم القائم بأعمال المرشد. أكدت هناء قنديل أن «(جبهة لندن) تخشى ردود الفعل المحلية والإقليمية حول الاسم الجديد، وكذا تتخوف من تصعيد الخلافات داخلها، لو تم إعلان حلمي الجزار في المنصب، خاصة من قبل محيي الدين الزايط ومجموعته»، مرجحة أن «يكون تأجيل الإعلان حتى الآن، لحين توفر فرصة مناسبة لذلك».
وترددت أنباء خلال الساعات الأخيرة عن فوز الجزار بمنصب القائم بأعمال المرشد، عقب انتخابات داخلية أجرتها «جبهة لندن». لكن الجبهة «لم تعلن بشكل رسمي عن اختيار الجزار». وقبل ذلك ترددت أنباء أيضاً عن اختيار «جبهة لندن» صلاح عبد الحق في منصب القائم بأعمال المرشد. لكن «(جبهة لندن) لم تعلن بشكل رسمي عن ذلك». وهنا يشير المراقبون إلى أن «الأسماء التي تتردد داخل (مجموعة لندن) سواء عبد الحق، أو الجزار، أو محمد البحيري، أو محمود الإبياري، أو حتى الزايط، ترتبط بمجموعات داخل الجبهة، فضلاً عن وجود قيادات لا يمكن إغفالها (داخل دائرة الاختيارات) وهي تقيم خارج لندن».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك