أبلغت مصر الأربعاء الرئاسة اللبنانية دعم لبنان ووقوفها الى جانبه، متمنية له المزيد من الاستقرار والتقدم والرخاء. جاء ذلك في تصريحات أدلى بها وزير الخارجية المصري سامح شكري في بيروت بعد لقائه الرئيس اللبناني ميشال عون في قصر بعبدا، حيث قدم له التهاني باسم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التهنئة بانتخابه.
واستقبل عون الوزير المصري والوفد المرافق له، بحضور وزير الخارجية والمغتربين اللبناني، جبران باسيل. وخلال اللقاء، سلم شكري الرئيس عون رسالة خطية من الرئيس السيسي هنأه فيها بتوليه المنصب، وشدد على "أن لبنان سيشهد في هذا العهد المزيد من الاستقرار والتقدم والرخاء".
وأكد السيسي في الرسالة، وفق الوزير المصري، "التزام مصر الاستراتيجي الدائم بدعم وحدة واستقرار ورخاء لبنان"، موجها دعوة لعون لزيارة القاهرة. فيما أشار عون خلال اللقاء الى أن لبنان تجاوز الظروف الصعبة التي مرّ بها وهو يستعيد اليوم دوره وحضوره انطلاقا من التلاقي الذي برز بين اللبنانيين حول خطاب القسم (القسم الرئاسي).
ولفت الرئيس اللبناني إلى متانة العلاقات اللبنانية المصرية وضرورة تعزيزها في المجالات كافة، شاكرًا السيسي على الدعوة التي وجهها إليه لزيارة مصر، ووعد بتلبيتها. وأعرب عون عن أمله في أن يتم التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية نظرًا لما يتركه هذا الحال من انعكاسات إيجابية خصوصا بالنسبة إلى مأساة اللاجئين السوريين. ويستضيف لبنان قرابة 1.3 مليون لاجئ سوري مسجل، وفقا للأمم المتحدة.
والتقى شكري أيضا، رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، في مقر المجلس في وسط بيروت، وشدد وزير خارجية مصر في تصريحات صحفية عقب اللقاء على دعم بلاده "للبنان وللتوافق اللبناني-اللبناني ولتعزيز الاستقرار في المنطقة".
وبعد ذلك، عقد وزير خارجية لبنان مع نظيره المصري، مؤتمرًا صحفيًا مشتركا في مقر وزراة الخارجية اللبنانية في بيروت، قال فيه شكري إن "مصر داعمة للبنان في المرحلة الجديدة التي يمر بها بعد انتخاب الرئيس".
وأضاف: "هناك غطاء سياسي لإخراج منطقتنا من الصراعات والقضاء التام على التنظيمات الإرهابية والفكر المتطرف الذي انتشر وتسبب بالكثير من المعاناة لشعوبنا".وتابع "ونحن لدينا نظرة مشتركة لتحقيق الاستقرار في مصر ولبنان والمشرق العربي كله".
وقال شكري: "أنا ممتن لحفاوة الاستقبال الذي لقيته من الوزير باسيل الذي أتاح لي مرة أخرى فرصة اللقاء، حيث جرى تبادل الرؤى حول كيفية تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وتناولنا التحديات التي نواجهها، ونقدر أن هذه المواجهة سوف تتعزز من خلال العمل المشترك والتضامن والتكاتف في ما بيننا. إن زيارتي للبنان هي لتوجيه التهنئة والإعراب عن مدى الارتياح الذي تستشعره مصر شعبا وحكومة للتطور الذي حدث بانتخاب فخامة رئيس الجمهورية والعمل على تشكيل حكومة ائتلافية وطنية والحفاظ على مؤسسات الدولة اللبنانية لكي تضطلع بمسؤولياتها إزاء الشعب اللبناني وفي إطار التضامن العربي والعمل العربي المشترك".
وأضاف: "أوجه الشبه الموجودة بين لبنان ومصر هي التي أتت بهذا الرباط الوثيق بين الشعبين وشعورهم المتبادل بالدفء والمودة والاعتماد المشترك، وهو ما نعمل على تعزيزه وتثبيته خلال الفترة المقبلة في النطاق السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ونوفر الدعم المشترك لبعضنا البعض حتى تتحقق مصلحة الشعوب في الازدهار والاستقرار.
ونتطلع الى أن تكون الفترة المقبلة فترة تواصل وتشاور مستمر، ونتخذ مما حققته مصر وحققه لبنان من استقرار قوة دفع جديدة في المنطقة تؤدي الى النتائج نفسها للحفاظ على إرادة الشعوب من خلال الإدراك للمكونات والحفاظ على سيادة الدول ومؤسساتها، بأن تسير علاقتنا على مبدأ الإحترام المتبادل والسيادة وعدم التدخل، وهذا هو المسار الذي نرتضيه لأنفسنا ونرتضيه لأشقائنا ونعمل على أساسه، وسياسة مصر تقوم على أسس ومبادئ عبر عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي في مناسبات عدة، وهي مبادئ مستقاة من حضارتنا وثقافتنا وتعدديتنا وإدراكنا أننا شركاء في مستقبل واحد وإنه علينا أن نواجه التحديات سواء كانت تلك المتصلة بأوضاعنا الداخلية أو بالأوضاع الداخلية من خلال المزيد من الحوار، أو بالأوضاع الإقليمية من خلال المزيد من الحوار والتوافق على الرؤى ما يؤدي الى الإستقرار ومنع كل ما يصيبنا من أضرار حيث تعلو إرادة الشعوب".
أما وزير الخارجية اللبناني فقال: "إن انتخاب رئيس للجمهورية ما هو الا بداية لعودة الروح الى مؤسساتنا وانتظام عملها، ونأمل أن يستكمل هذا الامر سريعا بتشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة لكل اللبنانيين، تؤدي واجبها الاول بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري وفقا لقانون انتخابات جديد يحقق صحة التمثيل. وهو الامر الذي سيعطي لبنان الاستقرار السياسي الطويل المطلوب، مما يمهد لقيام ورشة اصلاحية ونهضة اقتصادية يتكامل فيها لبنان داخليا وخارجيا وتكون مصر مرة جديدة، شريكة أساسية له، في التبادل التجاري والاستثمار المتبادل، ونعمم فكرة التلاقي بين دولتينا ونعمم أوجه الشبه القائمة بيننا".
وتابع باسيل: "لقد نجح لبنان بالرغم من كل الضغوط المتزايدة نتيجة الارهاب التكفيري وضغوط النزوح السوري ووجود عدو عنصري على حدودنا يعمم أفكار العنصرية والآحادية، في تغليب لغة الحوار والتلاقي على لغة العنف. وهذا ما نأمل ان نقوم به معا على الصعيد الثنائي والعربي والاقليمي والدولي، لأن لبنان ومصر منارة للثقافة والانفتاح. نحن نرمز الى الدولة المدنية التي تحفظ شعوبها على قدم المساواة والتي تعطي الحرية الدينية والفكرية والتعبيرية والإعلامية والسياسية، ونحن نموذج للتعددية ومنبع للحضارات. ونأمل بما يمثل كل بلد من بلدينا ان نعطي النموذج الذي يتوجب اتباعه في مواجهة النموذج الداعشي الذي يتربص بنا ويهدد بلدينا ويضربنا ارهابا وتفجيرا والذي ننجح حتى الان من خلال قوانا المسلحة، بالتصدي له وبالتالي عليه".
وأشار الى "أن لبنان عبر من خلال خطاب القسم للرئيس ميشال عون، عن أنه يبتع سياسة خارجية مستقلة تقوم فقط على مصلحة لبنان، ومصلحة لبنان الوطنية هي قائمة على التزام ميثاق جامعة الدول العربية، ولا سيما المادة الثامنة منه التي تنص على عدم التدخل في شؤون الدول العربية، وهذا ما نأمل أن تقوم به الدول العربية كذلك معنا، وهذا ما يؤسس لعلاقات عربية سليمة نامل ان تستعيد جامعة الدول العربية دورها الفعال بإرساء هذه المفاهيم وبالعمل الإيجابي على مستوى الجامعة وعلى مستوى دولنا، لكي في الوقت ذاته الذي نتبع فيه سياسة ابعاد المشاكل عن لبنان انما ننخرط بعمل ديبلوماسي وسياسي إيجابي يؤدي الى حل المشاكل على الأسس السلمية وليس على الأسس العنفية، ويكون عملنا المشترك محفز لإيجاد حلول السلمية النابعة من فهمنا لحاجات منطقتنا ولشعوبنا وليس لقيام حلول مستوردة إلينا من الخارج".
كذلك التقى شكري رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في مقر الحكومة وسط بيروت.
أرسل تعليقك