أنقرة ـ جلال فواز
بحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، التطورات الإقليمية الراهنة. كما تطرقت المباحثات التي جرت الاربعاء في أنقرة، إلى العلاقات الثنائية وسبل فتح آفاق جديدة للتعاون والعمل المشترك بين دولة الإمارات وتركيا في جميع المجالات التي تخدم مصالحهما المتبادلة، إضافة إلى مجمل القضايا والتطورات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين. جاء ذلك خلال استقبال الرئيس التركي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والوفد المرافق في قصر الرئاسة في العاصمة التركية أنقرة، حيث رحب الرئيس رجب طيب أردوغان بزيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى تركيا ضيفاً كريماً على بلاده.
وأعرب عن ثقته بأن هذه الزيارة تمهد لمرحلة جديدة مزدهرة وواعدة من العلاقات والتعاون الذي يصب في مصلحة البلدين وشعبيهما والمنطقة. وأعرب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن سعادته بزيارة تركيا ولقائه الرئيس رجب طيب أردوغان، ونقل إليه تحيات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وتمنياته لبلده وشعبه الصديق دوام الاستقرار والازدهار. واستعرض الجانبان فرص تعزيز آفاق التعاون بين البلدين خاصة في المجالات الاستثمارية والاقتصادية والتنموية وغيرها من المجالات التي تدفع عملية التنمية والتقدم في البلدين.
كما تبادل الجانبان وجهات النظر بشأن عدد من القضايا والتطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وأكدا في هذا السياق أهمية تعزيز ركائز الأمن والسلام والاستقرار والتي تشكل القاعدة الأساسية لانطلاق التنمية والبناء والمضي نحو المستقبل المزدهر الذي تتطلع إليه شعوب المنطقة. وتطورات إيجابية متسارعة تشهدها العلاقات الإماراتية التركية في الآونة الأخيرة، على طريق إعادة العلاقات إلى سابق عهدها بعد فترة فتور. تطورات تدفعها مبادرات سياسية وإنسانية واقتصادية إماراتية، بعد قيام تركيا بمراجعة سياساتها، والاتجاه نحو التهدئة بدلا من التصعيد، والعمل على تحسين العلاقات من الدول الإقليمية الكبرى في المنطقة وعلى رأسها السعودية والإمارات ومصر.
تأتي تلك المبادرات في إطار دبلوماسية بناء الجسور الإماراتية، وبناء صفحات جديدة في العلاقات لتعزيز التعاون والتكامل، ودعما من الإمارات لإنهاء العزلة الإقليمية لتركيا بعد البدء في تصويب سياساتها وحرصا على إعادة العلاقات بتركيا كدولة صديقة وشقيقة إلى سابق عهدها. ويعد التطور الأبرز سياسيا على طريق إعادة الزخم للعلاقات بين البلدين، المباحثات الهاتفية التي جرت بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية والرئيس التركي رجب طيب أردوغان نهاية أغسطس/ آب الماضي، وذلك بعد نحو أسبوعين من استقبال الرئيس التركي وفداً إماراتياً برئاسة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني.
على الصعيد الإنساني، أعلنت الإمارات قبل أسبوع تقديم 36.7 مليون درهم إلى تركيا للمساهمة في إعادة تأهيل المناطق المتأثرة من حرائق الغابات والفيضانات، تعبيرا عن تضامنها مع الشعب التركي في هذه الظروف الاستثنائية، وفي إطار سياستها بمد يد العون للدول الشقيقة والصديقة. أيضا شهدت الفترة الماضية اجتماعات مكثفة لمسؤولين ورجال أعمال من البلدين لتعزيز التعاون الاقتصادي. ويأتي هذا فيما تشارك تركيا في "إكسبو 2020 دبي" الذي يعد أول إكسبو دولي يقام في العالم العربي، وأكبر حدث ثقافي في العالم. وبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال اتصال هاتفي جرى بينهما في 30 أغسطس/آب الماضي العلاقات الثنائية والسبل الكفيلة بتعزيزها وتطويرها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين وشعبيهما الصديقين. وتبادل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس التركي خلال الاتصال وجهات النظر بشأن عدد من القضايا والملفات الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك. مباحثات هاتفية مهمة، تأتي بعد أسبوعين من استقبال أردوغان وفداً إماراتياً برئاسة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني في 18 من الشهر نفسه.
وبحث الجانبان - خلال اللقاء الذي جرى في أنقرة - سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين خاصة التعاون الاقتصادي والتجاري والفرص الاستثمارية في مجالات النقل والصحة والطاقة بما يحقق المصالح المشتركة بين البلدين. كما جرى خلال اللقاء بحث عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وفي 18 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استقبل صقر غباش رئيس المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي في مقر المجلس بأبوظبي - توغاي تونشير سفير تركيا لدى الإمارات.
وتم خلال اللقاء بحث سبل تعزيز علاقات التعاون الثنائية في شتى المجالات لا سيما تفعيل التعاون والعلاقات البرلمانية بين البلدين. وأكد غباش على أهمية تطوير العلاقات البرلمانية مع البرلمان التركي، باعتبار أن العلاقات البرلمانية تمثل دافعا كبيرا لنمو وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات. وأشار إلى أهمية التوافق بين دولة الإمارات وتركيا في مجال القضايا الإقليمية والدولية باعتبار وجود الكثير من القواسم المشتركة التي من الممكن أن يبنى عليها رؤى مشتركة تجاه مهددات الأمن والاستقرار في المنطقة.وفي مبادرة إنسانية ليست بغريبة على الإمارات وقادتها، أعلنت دولة الإمارات 3 نوفمبر الجاري عن تقديم مبلغ 36.7 مليون درهم " 10 ملايين دولار أميركي" للمساهمة في دعم مراحل إعادة التأهيل لبعض المناطق التركية التي تضررت من حرائق الغابات والفيضانات التي اجتاحت هذه المناطق. جاء ذلك بتوجيهات من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية. وأعربت دولة الإمارات في هذا الصدد عن تضامنها مع الشعب التركي في هذه الظروف الاستثنائية، مؤكدة حرصها على المساهمة في توفير الدعم المناسب للتخفيف من حدة التداعيات الإنسانية والأضرار الناجمة عن الفيضانات في شمال البلاد وحرائق الغابات في جنوب غرب تركيا. وتسعى دولة الإمارات دائما إلى مد يد العون للدول الشقيقة والصديقة في مثل هذه الظروف والتي تتطلب التضامن والتعاون على كافة المستويات، حيث يعكس هذا الدعم الجهود المتواصلة التي تقوم بها الدولة لتوفير الاحتياجات الأساسية للتخفيف عن كاهل المتضررين بسبب الآثار السلبية التي تخلفها الكوارث الطبيعية.
وتشارك تركيا حاليا في "إكسبو 2020 دبي" الذي يعد أول إكسبو دولي يقام في العالم العربي، وأكبر حدث ثقافي في العالم.
وزار الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي جناح الجمهورية التركية المقام في منطقة الاستدامة. وشاهد خلال زيارته إلى الجناح التركي عروضاً تفاعلية تبرز مفهوم الاستدامة الذي تركز عليه تركيا، مع عرض ما تتمتع به من مقومات التميز في مجالات مختلفة تشمل القطاعين الزراعي، والصناعي لاسيما في مجال صناعة السيارات، وقطاعات الخدمات المختلفة وما توفره من فرص استثمارية متعددة، كذلك الموارد الطبيعية العديدة التي تمتلكها وتسعى للحفاظ عليها. واعتبر توجاي تونشير سفير تركيا لدى الإمارات أن مشاركة بلاده في "إكسبو 2020 دبي" تجسد حقبة جديدة من التعاون وتعزيز العلاقات مع دولة الإمارات وأن الحدث العالمي يمثل فرصة لعرض مقومات اقتصاد تركيا المتنوع والذي يشمل قطاعات عديدة منها السياحة والمجوهرات والتكنولوجيا والبناء.
وذكر أن إكسبو 2020 دبي يساهم في تعزيز النمو التجاري خاصة مع تصدير المزيد من المواد الغذائية والأطعمة الجاهزة، وكذلك الفواكه والخضروات، وأيضاً مواد البناء التي تحتاجها المنطقة و تمتلكها تركيا. على صعيد ذي صلة، شهدت الفترة الماضية سلسلة اجتماعات لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
ففي 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، التقى الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير الدولة الإماراتي للتجارة الخارجية ، وفدا تجاريا تركيا، على هامش فعاليات معرض إكسبو دبي 2020. وبحث الجانبان خلال اللقاء خطط تنويع الفرص الاقتصادية ذات الاهتمام المشترك، وتم الاتفاق على خطوات عملية لتنمية التبادل التجاري والاستثماري والتعاون على الصعيد الاقتصادي بين البلدين. كما بحثا التحديات الاقتصادية وسبل معالجتها، وناقشا إمكانية الوصول إلى مستويات جديدة للتعاون من الجانب الاقتصادي والاستثماري.
يأتي هذا اللقاء بعد نحو أسبوع، من استضافة اتحاد غرف التجارة والصناعة بالإمارات وفدًا من لجنة العلاقات الاقتصادية الخارجية في تركيا "DEIK " برئاسة توفيق أوزي رئيس الجانب التركي في مجلس الأعمال الإماراتي التركي. وتم خلال اللقاء الذي عقده حميد محمد بن سالم الأمين العام لاتحاد الغرف مع الوفد بحضور عدد من السادة مدراء وممثلي الغرف التجارية وموانئ دبي العالمية مجلس سيدات أعمال الإمارات بحث علاقات التعاون المشترك بين الجانبين وفرص الاستثمار المتاحة لشركات القطاع الخاص .
وأوضح بن سالم أن الإمارات وتركيا معبران ومركزان تجاريان هامان يربطان بين الشرق والغرب نتيجة لموقعهما الجغرافي المميز. وقال إن غرف الإمارات ستقوم بتشجيع الشركات الإماراتية وأصحاب الأعمال الإماراتيين على الاستثمار في تركيا وعقد شراكات تجارية جديدة . من جانبه، قال توفيق أوزي إن جميع الشركات التركية تسعى لتعزيز التعاون مع قطاع الأعمال الإماراتي كما تبذل جهودا كبيرة لتعميق العلاقات بين الطرفين ورفعها إلى مستوى أعلى وربطها بالعلاقات الإقليمية والدولية.
بلغة الأرقام، سجل التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين نمواً بنحو 21% خلال العام الماضي 2020، حيث بلغ نحو 8.9 مليار دولار، وذلك مقارنة مع عام 2019 والذي بلغ حجم التبادل التجاري خلاله نحو 7.3 مليار دولار. تطورات متسارعة في مختلف المجالات تجسد الحرص المشترك من جانب قيادتَي الدولتين على تعميق هذه العلاقات ودفعها قدما إلى الأمام. كما تمثل نقلة مهمة في مسار العلاقات بين البلدين، وتجسد دبلوماسية بناء الجسور الإماراتية الساعية لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة، عبر مد جسور الصداقة والتعاون والتسامح بين الشعوب وبناء علاقات متوازنة مع الدول الشقيقة والصديقة كافة. وتعود العلاقات الإماراتية التركية إلى سبعينيات القرن الماضي، حيث افتتحت تركيا سفارتها بالإمارات في عام 1979، بينما افتتحت الإمارات سفارة لها في أنقرة عام 1983. وتم تعزيز التعاون بين البلدين عبر زيارات متبادلة، وتم مأسسة هذا التعاون عبر تشكيل لجنة تعاون مشتركة بين الجانبين في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2010، إضافة إلى تشكيل لجنة اقتصادية مشتركة ولجنة مشاورات سياسية. ونمت العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية التركية بشكل سريع خلال العقدين الماضيين وعزز من ذلك تنامي العلاقات الاقتصادية وخاصة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين حيث ارتفعت التجارة البينية بنسبة عالية جدا.
قد يهمك ايضا
أردوغان يسحب 17 دعوى ضد زعيم المعارضة مبدياً حسن نواياه
تركيا وإسبانيا تبحثان تصنيع حاملة طائرات وغواصة
أرسل تعليقك