القدس المحتلة ـ العرب اليوم
كشفت الوثائق الجديدة التي بدأ الأرشيف الرسمي الإسرائيلي نشرها، بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، أن «أمان» (جهاز المخابرات العسكرية في الجيش)، تلقى معلومات عن ضغوط مارسها الرئيس الليبي، معمر القذافي، على الرئيس المصري، أنور السادات، في حينه لتغيير خططه العسكرية بحيث لا يشن الحرب في تلك السنة.وجاء في إحدى الوثائق، وهي عبارة عن بروتوكول جلسة استشارة عقدت في منزل رئيسة الوزراء، غولدا مائير، في تل أبيب يوم 18 أبريل (نيسان) 1973. أي قبل نحو نصف سنة من الحرب، أن القذافي لم يكن مؤمناً بأن الرئيس السادات سيحارب إسرائيل بنجاح، ولم يكن مؤمناً بأن الرئيس السوري حافظ الأسد جاد وصادق بتاتاً في محاربة إسرائيل. وقال رئيس «أمان» في حينه، إيلي زعيرا، إنه عندما يجري الحديث عن حرب ضد إسرائيل لا يكفي الحديث عن السادات والأسد، وهناك ضلع ثالث مهم هو القذافي. فهو لا يريد هذه الحرب ولا يثق بأنها ستحقق أهداف العرب. وأمام دهشة الحاضرين، وبينهم رئيسة الوزراء، غولدا مائير، ووزير الأمن، موشيه ديان، ورئيس أركان الجيش، ديفيد العزار، وغيرهم، تساءلت مائير: «هو بالذات، هذا المجنون، يعارض؟». فأجابها بإسهاب قائلاً: «إنه مجنون ولكن ليس أحمق. بل إنه الأكثر قرباً للمنطق والواقع من الأسد والسادات».
وأضاف موضحاً: «القذافي كان يقول إنه لا يرغب في خطة حربية يكون هدفها دحر إسرائيل إلى الخط الأخضر (حدود 1967). وإنه بكل بساطة يجب تدمير إسرائيل وقذفها بالبحر، حتى يتمكن الفلسطينيون من العودة إلى وطنهم. ولهذا الغرض هناك حاجة لحرب شاملة، تكون فيها احتمالات النصر مؤكدة تماماً». ويرى القذافي، وفقاً لحديث زعيرا، في تلك الجلسة، أن الأسد والسادات ليسا جاهزين لحرب كهذه ولا توجد لديهما خطة لها ولا قوة كافية لتنفيذها. ويقول لهما إنهما سيفشلان في كل حرب يقومان بشنها وإن نتيجة عملهما ستكون وخيمة وخطيرة للغاية لعدة أجيال. وكان يدعوهما إلى تأجيل الحرب حتى يكونا مستعدين لها.
ورداً على سؤال إن كان القذافي يمارس ضغوطاً على الأسد أيضاً أجاب الجنرال زعيرا: «لا أعتقد بأنه كان بحاجة للضغط على سوريا، لأنها لم تكن تنوي فعلاً شن الحرب. فالجولان ليست مهمة لهذا الحد. وسيناء أيضاً ليست مهمة لهذا الحد بالنسبة للمصريين. ولذلك فإن المجنون الليبي يسعى للجم السادات. ويحاول إقناعه بأنه لا جدوى من الحرب، وأنها ستكون فشلاً ويطلب منه وضع خطة مناسبة أولاً. وإذا طلب منه المال فسيقول له إنه سيعطيه عندما تكون هناك خطة. والسادات لن يعطيه خطة». وقد ردت غولدا مائير قائلة: «إنني أشفق على السادات. إنه مسكين».
يذكر أن أرشيف الدولة الرسمي في إسرائيل يكشف حالياً عن 61 وثيقة أخرى تتألف من 1229 صفحة عن حرب أكتوبر، هي في غالبيتها بروتوكولات لجلسات عقدتها القيادات السياسية قبيل الحرب. وقد تم الكشف عنها، رغم معارضة الحكومة، وذلك بناء على طلب من الجنرال في الاحتياط، أوري أور، والمؤرخين رامي سيفيت وأوري بن يوسيف، الذين يرأسون مركز أبحاث حرب أكتوبر. وقد توجهوا بدعوى إلى محكمة العدل العليا لإرغام الحكومة على كشف الوثائق المتعلقة بالحرب، بعد مضي 48 سنة عليها. وتقرر كشف هذه الوثائق حالياً، على أن يتم البحث في طلب كشف المزيد من الوثائق العسكرية لاحقاً.
قد يهمك أيضا
حسين سالم يروي تفاصيل المكالمة التي تلقاها يوم اغتيال محمد أنور السادات
جيهان السادات تؤكد أن الرئيس الراحل كان يشجعها على العمل الاجتماعي
أرسل تعليقك