يعدّ مرفق السكة الحديد في مصر من المرافق الحيوية، والتي يعتمد عليها آلاف المواطنين يوميا كوسيلة مواصلات اقتصادية، وسريعة، وآمنة في كثير من الأحيان، لكن عقب كل حادثة تطرح الكثير من الأسئلة حول خصخصة السكة الحديد كسبيل لإصلاحها وتطويرها. وبين عامي 2006 و2018، تكرر مشهدان؛ ففي مستهل العام الأول، اصطدم قطاران بالقرب من مدينة الإسكندرية، ما أسفر عن إصابة نحو 20 شخصًا، بينما كان الحادث في 2017و2018، أكثر ترويعا، فأسفر عما يزيد عن 50 قتيلا، وأكثر من مائة مصاب.
وبعد عشرات الحوادث في السكك الحديدية، منذ عام 2006، وحتى الآن، طرح البنك الدولي على مصر قرضًا بقيمة 500 مليون دولار، لتطوير وإعادة هيكلة السكك الحديدية، من هنا تجددت فكرة "الخصخصة"، التي يشجعها البنك الدولي، ويحصي إيجابياتها في تجارب 16 دولة على مستوى العالم، إلا أنها مازالت في مصر سيئة السمعة بحسب خبراء ماليين.
ومنذ أيام، وبعد حادثة تصادم قطار البحيرة، وجّه الرئيس السيسي، بتشكيل لجنة عليا برئاسة مساعد رئيس الجمهورية، إبراهيم محلب، تضم أساتذة النقل بالجامعات ووزارة النقل ومتخصصين من الفنية العسكرية، للتفتيش على جميع جرارات وعربات ومعدات السكة الحديد، في الجمهورية، وعرض توصياتها بسرعة، قائلا: "ولو تطلب الأمر وقف بعض خطوط السكة الحديد لحين معالجة أوجه القصور".
وأضاف الرئيس السيسي، أن مرفق السكك الحديدية يحتاج إلى 250 مليار جنيه لضبط منظومته قائلا: "عايزين سكة حديد مظبوط، لابد أن تعمل بأسلوب علمي حديث، وما سيتم إنفاقه على التطوير الحديد سيكون من جيوب الناس، وليس من الدولة". ووافق مجلس النواب بشكل نهائي، على مشروع قانون مقدم من الحكومة، بتعديل بعض أحكام القانون رقم 152 لسنة 1980، بإنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر، بإضافة اختصاصين جديدين للهيئة، هما إدارة وصيانة شبكات السكك الحديدية، مع إفساح المجال نحو إبرام عقود التزام لأعمال إنشاء وإدارة وتشغيل وصيانة كافة مرافق السكك الحديدية التي كانت حكرا على الهيئة القومية لسكك حديد مصر، وذلك وصولا إلى تحسين الخدمة وتوسعة نطاقها، وجذب مزيد من الاستثمارات.
وقال الدكتور هشام عرفات، وزير النقل، إن الوزارة نجحت في استصدار قانون السكة الحديد الجديد بعد 15 عاما من المحاولات السابقة، لكن بدعم القيادة السياسية تم تعديل قانون السكة الحديد بما يسمح للقطاع الخاص بالمشاركة في إنشاء وتشغيل صيانة خطوط السكك الحديدية.
وأضاف عرفات "هذا القانون كان حلمًا منذ أكثر من 15 سنة.. الحلم أصبح حقيقة.. بدون مشاركة القطاع الخاص في تطوير السكة الحديد هنكون بنهزر ونضيع وقت"، لافتًا إلى أن الوزارة عازمة مشاركة القطاع الخاص في تطوير السكة الحديد وسيكون إنشاء خط العين السخنة - العلمين أول مشروع.
وبعد أن رددت بعض الصحف أنه تم خصخصة السكة الحديد، أكدت وزارة النقل المصرية، أنه لا صحة لاتجاه الحكومة نحو خصخصة مرفق السكك الحديدية، كما رددت بعض الصحف، مؤكدة أن مرفق السكة الحديد هو ملك للدولة، وتم إدخال تعديلات على بعض نصوص قانون السكك الحديدية والتي تسمح فقط بمشاركة القطاع الخاص بإنشاء وإدارة وتشغيل خطوط السكك الحديد وصيانتها دون أن تنقل ملكية هذا المرفق للقطاع الخاص.
وبدوره، المهندس حسين خاطر، عضو لجنة النقل والموصلات بمجلس النواب، أن السكة الحديد مديونيتها تصل إلى 42 مليار جنيه، لافتا إلى تهالك العربات والقضبان والجرارات، نظرًا لكثرة الضغوط عليها، باعتبارها أهم المرافق الحيوية بالدولة، ومن ثم لابد من دخول القطاع الخاص في عملية تطوير هذا المرفق.
وقال المهندس علاء سعداوى، عضو الاتحاد الدولي للنقل، إن دخول القطاع الخاص للسكك الحديدية أصبح أمرًا منتهيًا، ولكن لابد أن يتم دراسة العمل بالتوازي بين الطرح للقطاع الخاص وبين الشبكة القديمة للقطارات. وأكد أن مصر تمتلك 9000 كيلومتر سكك حديد، وهي الشبكة القديمة والتي يرى القطاع الخاص أنها شبكة خاسرة، وبالتالي لابد أن يتم العمل على طرح مشروعات جديدة للقطاع الخاص بالتوازي مع الشبكة الحالية، وهو ما يتيح الفرصة أمام وزارة النقل لمضاعفة أطوال السكك الحديد لتصل إلى 18000 كيلومتر أو على الأقل 15 ألف كيلومتر ويصبح مشروعًا قوميًا جديدًا يضاف إلى الإنجازات الحالية للحكومة.
وأوضح أن القطاع الخاص سبق وطلب إنشاء خط للقطارات السريعة بين "القاهرة – الإسكندرية" وعرض آخر بين "الغردقة –الأقصر" وعرض آخر لخط "العين السخنة –حلوان" وعرض آخر لخط موازٍ لخط الصعيد. وأكد أن التوسع في الخطوط الجديدة يسهم في رفع كفاءة الخدمات المقدمة للركاب، وفي نفس الوقت يعطي القدرة على توفير إيرادات إضافية لتطوير الخطوط الحالية.
وقال اللواء سعيد طعيمة، وكيل لجنة النقل بمجلس النواب، أن البنية التحتية في هذا المرفق متوافرة، من حيث وجود قطارات، وجرارات، وقضبان، وأبنية، وإشارات، وغيرها، وبالتالي، دور القطاع الخاص سيقتصر على الحصول على امتياز خدمة معينة، أو خطوط بعينها، ويتم استثماره على أن تؤول قيمة الأصول للدولة في نهاية المطاف.
وأشار طعيمة، إلى إمكانية إشراك الأشخاص الطبيعيين، أو الاعتباريين، مع الهيئة القومية لسكك حديد مصر، في إدارة وتشغيل وصيانة شبكات السكك الحديدية، وتطويرها وتدعيمها، وإدارة وصيانة المنشآت والأجهزة اللازمة لتقديم هذه الخدمة، وتنفيذ المشروعات اللازمة لتحقيق أغراضها أو المرتبطة بهذه الأغراض، وتطوير خدماتها في جميع أنحاء البلاد، لافتًا أن هيئة السكك الحديدية، عانت كثيرًا بسبب المجاملات التي طغت على تعيين العاملين بها، مؤكدًا أن المجاملات، كانت السبب الرئيسي في وقوع العديد من حوادث القطارات.
أرسل تعليقك