حذر خبراء من انعكاسات أزمة انهيار إمدادات المياه خلال أسابيع في لبنان، حسب تقديرات "اليونسيف". ويرى الخبراء أن انعكاسات أزمة المياه والمواد الغذائية ستكون الأسوأ ما لم تحدث حلحلة في الوضع السياسي لوقف الانهيار. مواطنون لبنانيون أكدوا اختفاء الأدوية من الصيدليات ومضاعفة أسعار المواد الغذائية، وأن الكثير من المواد لم تعد في متناول الجميع خاصة في ظل تزايد البطالة وتوقف الأعمال في مقابل الارتفاع اليومي لسعر الصرف.
كارثة على الأبواب وقدرت المنظمة أن "معظم محطات ضخ المياه ستتوقف تدريجياً في مختلف أنحاء البلاد في غضون أربعة إلى ستة أسابيع". وقالت في بيان لها أمس، إن "أكثر من 71 في المئة من الناس (نحو 4 ملايين في لبنان) معرضون لخطر عدم الحصول على المياه". في تقريرها الصادر في نهاية أغسطس/ آب 2020، حذرت "الأسكوا" من الخطر على الأمن الغذائي في لبنان مع نهاية العام 2020، وقدرت أن يكون أكثر من 50 في المئة من سكان لبنان عرضة لخطر عدم الوصول إلى الاحتياجات الغذائية الأساسية بحلول نهاية عام 2020.
الجوع يهدد أطفال لبنان
وفي تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" في أول يوليو/ تموز 2021، قدّر أنه أكثر من 30 في المئة من الأسر في لبنان لديها طفل واحد على الأقل تخطى إحدى وجبات الطعام الأساسية، أو نام بلا عشاء، و77 في المئة من الأسر تقول إنها تفتقرإلى ما يكفي من طعام أو ما يكفي من المال لشراء الطعام.
لبنان في عمق الأزمة
حول التقارير السابقة الدكتور أيمن عمر الأكاديمي والباحث الاقتصادي اللبناني، أن الأرقام تعكس عمق الكارثة الحقيقة، وأنه يمكن القول أن لبنان ليس على حافة المجاعة، بل دخل بها. وأضاف أن أخطر ما في الأزمة اللبنانية هو التفكك التدريجي للدولة بكل مكوّناتها ومؤسساتها، وتقاعس المسؤولين عن القيام بأبسط واجباتهم. ويرى أن الأزمة تطال كل مناحي الحياة المعيشية، بحيث يصبح تهديد الأمن الغذائي والمائي أمراً لا مفر منه، وتحصيل حاصل في مؤشرات الانهيار.
تدهور مستمر
مع التدهور المستمر لسعر صرف الليرة وانخفاض القدرة الشرائية للرواتب حوالي 90 في المئة وارتفاع مؤشر أسعار استهلاك المواد الغذائية في يونيو/ حزيران الماضي 1223.47 في المئة، أي ارتفاع أسعار المواد الغذائية 12 ضعفا عن يونيو/ حزيران 2020، وفق سعر صرف حوالي 17000 ليرة للدولار. أما اليوم ومع تخطي سعر الصرف حاجز 20000 فمن المتوقع أن تزيد الأسعار عن 14 ضعفا.
الأزمة الأخطر
وأشار عمر إلى أن أزمة انهيار شبكات إمدادات المياه هي الأخطر، حيث حذرت "يونيسف" في 23 من الشهر الحالي من انهيار شبكة إمدادات المياه في لبنان خلال شهر ونصف الشهر.وأضافت المنظمة في بيان، أن "أكثر من أربعة ملايين شخص، من بينهم مليون لاجئ، يتعرضون لخطر فقدان إمكانية الحصول على المياه الصالحة للشرب في لبنان".وقدرت أن "معظم محطات ضخ المياه ستتوقف تدريجياً في مختلف أنحاء البلاد في غضون أربعة إلى ستة أسابيع".وقالت إن "أكثر من 71 بالمئة من الناس (نحو 4 ملايين في لبنان) معرضون لخطر عدم الحصول على المياه".وتابعت: "قطاع المياه في لبنان غير قادر على العمل بسبب عدم قدرته على دفع كلفة الصيانة بالعملة الأجنبية". وأوضحت أنه من الأسباب أيضا "انهيار شبكة الكهرباء، ومخاطر ارتفاع كلفة المحروقات".
سيناريوهان
وأوضح عمر أن لبنان أمام سيناريوهين، إما تشكيل حكومة تعيد بناء الثقة واستقطاب الدعم الخارجي من أجل لجم سعر الصرف وما له من انعكاس إيجابي على الأمن الغذائي والمائي، أو الفوضى الاجتماعية والتحلل البنيوي للدولة واتجاه الأمور إلى ما لا يحمد عقباها.
ضغوط سياسية
في الإطار ذاته قال العميد شارل أبي نادر الخبير الاستراتيجي اللبناني، إن التحذيرات بشأن كارثة مائية وغذائية في لبنان تدخل ضمن الضغوط التي يتعرض لها لبنان، والتي ترمي إلى التصويب على مسؤولية حزب الله عن ما وصل إليه الوضع في لبنان، نتيجة الحصار الغربي المالي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي.وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الاتجاه العملي والذي يأتي ترجمة للنقص الحاد في المحروقات، يترتب على فارق سعر الدولار ونتيجة انخفاض قدرة مصرف لبنان على دعم المواد الأساسية المتعلقة بالغذاء، أو المتعلقة بالمحروقات، والتي هي أساسية لضخ مياه الشرب.
تبعات الأزمة السياسية
ويرى أبي نادر أن الوضع السياسي الداخلي المأزوم، والذي يمنع تكوين سلطة سياسية صالحة لإعادة التوازن إلى الإدارة وإلى الوضع الاقتصادي والمالي يبقى أحد الأسباب الرئيسية لهذه الأزمة، وأنه بمجرد سلوك الوضع السياسي نحو الحل، تتحسن الأوضاع الاقتصادية والحياتية بنسبة معقولة، أي أنها تبتعد الانهيار الحالي.
اختفاء المواد والسلع
فيما قالت غولاي الأسعد الباحثة السياسية والمرشحة السابقة للبرلمان، إن لبنان دخل في عمق الأزمة.وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن أزمة عدم توفير المازوت دفعت كافة القطاعات إلى التوقف، منها المخابز والفنادق ومحطات المياه.وأشارت إلى أن الأزمة لم تعد تقتصر على عدم توفر الخامات أو الأغذية، بل انعكست على آلية البيع، حيث يستغل البائعون الأزمة في تخزين السلع وبيعها بأسعار مضاعفة طبقا لسعر الصرف الجديد.
قد يهمك ايضا
قصف مدفعي إسرائيلي على لبنان ردا على إطلاق صاروخين
الخزانة الأميركية تستقصي «الإمتثال» اللبناني لمكافحة غسل الأموال
أرسل تعليقك