دمشق - خليل حسين
أصدرت حكومة تصريف الأعمال السورية، ثلاثة قرارات برفع اسعار المشتقات النفطية بنسبة زادت عن 30 بالمئة في خطوة استهجنها السوريون المقيمون في مناطرة سيطرة الحكومة، وذلك بعد ساعات قليلة على نفي وزارة الإعلام السورية تشكيل حكومة جديدة برئاسة وزير الكهرباء الحالي عمد خميس، وانضم إلى الأصوات الرافضة للقرار العديد من أساتذة الجامعات ونواب في البرلمان المنتخب حديثا والذي يشكل نواب حزب البعث الحاكم الغالبية الساحقة من أعضائه حيث دونوا على صفحاتهم في الفيسبوك تهديدات بالطعن بالقرارات خلال الجلسة المقبلة للبرلمان الأحد.
وشهد الخميس نشر تقارير إعلامية عن تشكيل حكومية سورية جديدة نشر أحدها موقع روسيا اليوم الذي انفرد مع غيره من وسائل الإعلام الروسية في الآونة الأخيرة بنشر أخبار حصرية عن الداخل السوري قبل أن ينبري مصدر في وزارة الإعلام السورية لنفي هذه التقارير معتبرا أن "التشكيل الحكومي يتم وفق الأساليب والطرق الدستورية وكل ما أذيع أو نشر في مواقع الشبكة العنكبوتية ووسائل إعلامية أخرى غير دقيق إطلاقا”، وجاءت قرارات وزارة التجارة الداخلية السوري برفع سعر ليتر البنزين من 160 ليرة إلى 225 ليرة والمازوت من 135 إلى 180 ليرة واسطوانة الغاز المنزلي من 1800 ليرة إلى 2500 ليرة كوقع الصاعقة على السوريين الذي انخفض مستوى معيشتهم بشكل كبير لاسيما بعد أن فقدت عملتهم الوطنية أكثر من 90 بالمئة من قيمتها أمام الدولار مع بقاء رواتب موظفي الحكومة لا تتجاوز ال 30 ألف ليرة أي 60 دولارا في أحسن الأحوال.
وسبق رفع الأسعار تنظيم الحكومة السورية حملة على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام التابع للحكومة تروج لذلك وانضم إليها في وزير النفط سليمان العباس في الحكومة الحالية التي تعد منذ انتخاب مجلس الشعب حكومة تسيير أعمال لا يحق لها إصدار القرارات حيث قال الوزير إن الحكومة تعد دراسة لعقلنة وترشيد أسعار المشتقات النفطية من عدة لجان مختصة ومنها لجنة رسم السياسات الاقتصادية بما يتناسب مع المتغيرات التي طالت سعر الصرف وارتفاع أسعار النفط عالمياً، إضافة إلى ارتفاع تكاليف النقل والشحن بسبب الظروف التي فرضتها الأزمة.
واعتبر الوزير السوري إن الدعم الحكومي للمشتقات النفطية مستمر، لكنه سيكون بهوامش تتناسب مع المتغيرات، مشيراً إلى أن نسبة دعم مادتي المازوت والغاز تتراوح بين 10 بالمئة و25 بالمئة وبهامش دعم أقل لمادة البنزين معتبرا أن تكلفة ليتر المازوت تبلغ 227 ليرة والبنزين 233 ليرة واسطوانة الغاز 2653 ليرة، وتنص المادة /١٢٥/ من الدستور السوري الحالي على أن الحكومة تعد بحكم المستقيلة عند انتهاء ولاية رئيس الجمهورية وعند انتخاب مجلس شعب جديد وإذا قدم أغلبية الوزراء استقالاتهم وتستمر الوزارة بتسيير الأعمال ريثما يصدر مرسوم بتسمية الوزارة الجديدة، وردا على هذه القرارات قال عضو البرلمان السوري الفنان عارف الطويل الذي يصنف ضمة قائمة الأعضاء المستقلين في البرلمان رغم إدراج اسمه في قائمة "الوحدة الوطنية" التي ترأسها حزب البعث الحاكم.. "لا يحق لحكومة تسيير الأعمال أن تتخذ قرارات جديدة إنما تنفذ وتسير قراراتها القديمة" معتبرا أنه "على أعضاء مجلس الشعب وأنا منهم الطعن بهذا القرار خلال الجلسة صباح الأحد المقبل".
واعتبر النائب الطويل أن "المهزلة أن يكون هناك وزارة اسمها وزارة حماية المستهلك وتقوم بإذلال المستهلك الفقير وإنه على النواب ممن انتخبهم واستأمنهم الشعب ألا يسكتوا عن هكذا قرارات جائرة بحق الفقير والعسكري والمزارع والموظف والعاطل عن العمل"، ورد نقيب المحامين في سوريا نزار سكيف وهو نائب في البرلمان ايضا عن حزب البعث الحاكم بالقول "إن قرار رفع أسعار المشتقات النفطية الصادر عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك من الناحية القانونية قرار دستوري بالمطلق وصحيح من الناحية القانونية موضحاً أن الحكومة لها صلاحيات إصدار القرارات وفق الاختصاصات التي منحها لها الدستور في المادة 128 ولو كانت بحكم المستقيلة أو حكومة تصريف أعمال حيث أن تصريف الأعمال يعني القيام بكافة الصلاحيات حتى يؤدي الوزراء الجدد اليمين الدستورية، وأوضح أنه ليس من صلاحيات مجلس الشعب الطعن بالقرارات الإدارية وفقا للمادة 75 من الدستور التي حددت صلاحياته مشيرا أنه وفي حال وجود مطعن دستوري يكون الاختصاص بالطعن للمحكمة الدستورية وليس لمجلس الشعب، ورد النائب "الطويل".. "سنبقى ضد هذه القرارات والعمل على تعطيله واحالته الى المحكمة الدستورية ولكن قبل أن نختلف على قانونية القرار لننظر إلى النتائج الاجتماعية والاقتصادية الكارثية بحق المواطن الفقير"، وتؤكد العديد من الدراسات التي أعدتها مراكز وهيئات تابعة للحكومة السورية أن متوسط ما تحتاجه أي أسرة سورية مؤلفة من 6 اشخاص شهريا هو 170 ألف ليرة سورية في حين لا يزد معدل دخل الأسرة عن 50 الف ليرة في أحسن الأحوال.
وحذر النائب في البرلمان السوري الصحفي "نبيل صالح" من خطورة قرارات الحكومة معتبرا أن ارتفاع الأسعار وتدني مستوى معيشة الناس سيدفع جزءا منهم إلى الجريمة والدعارة والغش والنصب والاحتيال لتأمين حياتهم"، ووصف صالح الواقع السوري بأنه تحول إلى "مجتمع الغابة الذي يعيش فيه أولاد ونساء حكومة الأشرار الذين رفعوا الأسعار وزادوا في رغبة العض والافتراس" مهددا بأنه لن ينجو أحد من العض، وهذه المرة فإن الجاني هو الحكومة التي تسجن التجار الذين فعلو بالأمس فعلتها اليوم.
ورأى النائب في البرلمان السوري نضال حميدي إن غلاء اسعار الوقود "مجحف بحق المواطن الذي لم يعد له طاقة على التحمل وعلى الدولة ايجاد الحلول" اعتقد ان زيادة في الرواتب بعد حالة الغلاء لكنها لن تجدي وعلى الحكومة ان تستشعر معاناة المواطن"، ورأى البعض في قرارات الحكومة الأخيرة مجرد مسرحية هزليه مضحكة تشبه ما قامت به السلطات السورية قبل انتخابات مجلس الشعب الأخيرة حيث تم استجواب عدد من الوزراء في البرلمان بحجة التقصير والفساد في محاولة لإقناع السوريين بأن البرلمان يعمل بشكل صحيح حيث رأى الدكتور أيهم محمود في جامعة تشرين السورية أن هذه المسرحية هزلية وقد يقوم مجلس الشعب الأحد المقبل بتعطيل هذه القرارات وتخفيض الأسعار قليلا ليتم امتصاص غضب الشارع السوري، وتساءل هل وقف عضو من أعضاء مجلس الشعب نتيجة ذبح الشعب أمامهم، ما هي أخبار المفكر نبيل صالح كما سمى نفسه ما هي أخبار جماعة تحيا سوريا ويموت الشعب من الجوع الذين كانوا فرحين بتزوير الانتخابات وسوق الناس بالغصب إليها كما جرت العادة، ما هي أخبار الممانعين والثوار على جبهات الاغتراب الواسعة ولن نتحدث عن البعثيين فهؤلاء أموات منذ زمن بعيد ولا تجوز على الأموات سوى الرحمة، لكن الموت يبدو أنه مرض معدي وخطير.
وذهب الباحث الاقتصادي الدكتور "عمار يوسف" إلى نفي الاتجاه بالقول .. هل سنشهد الأحد مسرحية هزلية جديدة",, محذرا من أن القرارات الحكومية الأخيرة ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق والخدمات بنسبة 100%، مؤكدا، أن الأحد المقبل"سنرى العجب العجاب" في الأسعار والتي سترتفع بدءا من "أجرة السرفيس ونهاية بجرزة البقدونس"، ورأى يوسف أنه لا يوجد أي مبرر اقتصادي لإصدار هكذا قرارات، مشيرا إلى أن الحكومة بهذه القرارات ستدفع المواطنين إلى الهجرة بعد أن يصلوا لمرحلة "الجوع" وكان بإمكان الحكومة أن تزيد من وارادتها بعيدا عن رفع أسعار حوامل الطاقة التي تمس شريحة واسعة من المجتمع.
وحذر يوسف من أن تطال قرارات ارتفاع الأسعار رغيف الخبز، مشيرا إلى أن ذلك متوقع خلال الأيام المقبلة، بينما ذهب الأديب السوري المعروف عادل محمود إلى القول "الطريقة الوحيدة للقضاء على الفقر... هي القضاء على الفقراء.. فعلا ... هذا ما يحدث في" سوري الحديثة"، أما حزب الإرادة الشعبية الذي يترأسه المعارض قدري جميل الذي كان نائبا اقتصاديا في حكومة الحلقي قبل إقالته في 30 أكتوبر / تشرين الأول 2013 فأصدر بيانا اعتبر فيه قرارات الحكومة "جريمة جديدة بحق المواطن السوري وأن جرائم الإرهاب الاقتصادي الاجتماعي الذي تمارسه الحكومة لا تقل عن جرائم الإرهاب الفاشي الداعشي في عدم اكتراثها بالمواطن، والإسهام في «تطفيشه»، وتحضير بنية الوضع اللاحق في البلاد على مقاس قوى النهب والفساد، قديمها وجديدها، من أمراء الحرب واستدامة الأزمة.
أرسل تعليقك