نفى مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جون بولتون، أن تكون لدى الحكومة الأميركية أي صلة بمحاولة اغتيال الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو خلال عرض عسكري في العاصمة كاراكاس، السبت، وقال خلال مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" أجراها الأحد "يمكنني التأكيد بكل وضوح أن حكومة الولايات المتحدة لم تشارك أبدَا في ما حدث".
وأشار بولتون إلى أن الحادث "قد يكون حجة دبرها نظام مادورو نفسه أو شيئًا آخر"، مضيفًا أنه إذا كانت لدى السلطات الفنزويلية "معلومات ملموسة" بشأن أي انتهاك محتمل للقانون الأميركي "فسندرس الأمر بجدية"، وتابع "وفي الوقت ذاته أعتقد أنه يجب علينا التركيز على الفساد والأعمال القمعية التي يمارسها نظام مادورو في فنزويلا".
وأعلن وزير الإعلام في فنزويلا، خورخي رودريغيز، أن الهجوم هو محاولة اغتيال الرئيس مادورو أثناء إلقائه كلمة بمناسبة الذكرى الـ81 لإنشاء الحرس الوطني، عبر طائرات مسيرة محملة بالمتفجرات، انفجرت إحداها قرب المنصة الرئاسية، وأسفر الحادث عن إصابة 7 أفراد من الحرس الوطني بجروح طفيفة، ولم يصب الرئيس الفنزويلي بأذى.
واتهم مادورو لاحقًا المعارضة والرئيس الكولومبي، خوان مانويل سانتوس، بالوقوف وراء الهجوم، مضيفًا أنه يتوقع من الرئيس الأميركي دونالد ترامب المساعدة في التحقيق في محاولة الاغتيال، نظرًا إلى أن بعض مدبري الهجوم عليه يقيمون في الولايات المتحدة، وتحديدًا في ولاية فلوريدا، وفق قوله.
فيما تبنت جماعة معارضة تطلق على نفسها "جنود فانيلا" الهجوم، معلنة أن "دعم الحكومة التي نسيت الدستور وتستغل خدمة الدولة للتربح هو إهانة للشرف العسكري"، فيما هرع الحراس بسرعة وتجمعوا حول الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بألواح واقية من الرصاص، بينما كان الحظ الجيد يقف خلفه، لينجو من محاولة اغتيال كانت على وشك أن تضيف اسمه إلى قائمة من الزعماء والسياسيين الذين رحلوا برصاصة قناص أو تفجير مدبر أمام أعين العالم.
وبينما تمتلئ صفحات التاريخ بتفاصيل دامية إثر تعرض العديد من الزعماء والسياسيين لاغتيالات اختلفت دوافعها، فإن قلة منهم كان لرحيلهم وقع كبير بسبب حضور تلك العدسة التلفزيونية التي وثقت لحظات رهيبة لم تعتمد على روايات متباينة لمؤرخين أو ذاكرة من عاصروها، وإنما على شريط التخزين في الكاميرا.
وفيما يلي أبرز حوادث الاغتيال التي شاهدها العالم على الهواء مباشرة.
جون كينيدي.. موكب النهاية
في ظهيرة يوم الجمعة 22 نوفمبر عام 1963، مر موكب الرئيس الخامس والثلاثون للولايات المتحدة جون فتزجرالد كنيدي في شوارع مدينة دلالس بولاية تكساس، وسط حشود كبيرة تراصت على الجانبين لتحية الرئيس الذي تحدى تهديدات كثيرة بالقتل في تلك المدينة.
وبينما كان الرئيس يحيي الحشود من سيارة مكشوفة برفقة زوجته جاكلين أمام عشرات من كاميرات المحطات التليفزيونية، انطلقت رصاصة قناص لتسكن رأسه، ليصبح العالم مع على موعد مع أشهر عملية اغتيال في العصر الحديث توثق عبر الكاميرات.
السادات .. وحادث المنصة
كان يمكن لسكان القاهرة سماع هدير طائرات الفانتوم التي كانت تقوم بحركات استعراضية في سماء القاهرة وعلى علو منخفض أمام الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة محمد أنور السادات في ذكرى نصر السادس من أكتوبر عام 1981، وبينما كانت الأعين شاخصة في السماء لمتابعة الألعاب الأكروباتية للطائرات، جاء الدور على سلاح المدفعية لتقديم ما لديه في الاستعراض العسكري الذي حضره كبار رجال الدولة وضيوف أجانب.
وبعدما وقع حادث صغير بانزلاق جندي من دراجته أمام المنصة، لم ينتبه الحضور إلى تعطل مزيف لمركبة عسكرية تحمل مدفعًا بعد وقت وجيز أيضًا أمام المنصة لينزل منها القناص حسين عباس ويطلق دفعة من الطلقات استقرت في عنق الرئيس المصري بينما نزل خالد الإسلامبولي وألقى قنبلة ثم أخذ رشاش السائق واتجه للمنصة رفقة المنفذ الثالث عطا طايل الذي ألقى قنبلة لم تنفجر، ليلحقه المنفذ الرابع عبدالحميد عبدالسلام بقنبلة أخرى أيضًا لم تنفجر.
وتجمع الثلاثة بأسلحتهم في هذه الثواني المعدودة وصوبوا مرة أخرى باتجاه السادات عن قرب ليتأكدوا من قتله، قبل أن تطاردهم قوات الأمن في وقت لاحق، ووثقت عدسات التليفزيون المحلي والأجنبي عملية الاغتيال الدرامية لتصبح واحدة من أشهر جرائم الاغتيال في التاريخ الحديث.
بوضياف.. أمام الميكرفون
لم يمض على الرئيس الرابع للجزائر محمد بوضياف الملقب بـ"السي الطيب الوطني"، سوى 6 أشهر على استلامه المسؤولية، حين قرر القيام بزيارة تفقدية لولاية عنابة يوم 29 يونيو 1992، وخلال خطاب مذاع على الهواء في دار الثقافة بالمدينة، وأمام كل مسؤولي الدولة وممثلي المجتمع المدني، قاطعت فرقعة خطبة الرئيس عند عبارة: إن الدول التي فاتتنا ..بماذ فاتتنا؟ بالعلم.. والإسلام..."، تلتها طلقات رصاص من سلاح الملازم الأول لمبارك بومعرافي لتصيب الرئيس الذي لفظ أنفاسه الأخيرة على متن طائرة مروحية قبل وصولها إلى مستشفى عين النعجة العسكري في العاصمة.
بينظير بوتو.. موت وسط الأنصار
بعد عودتها من المنفى بشهرين، تعرضت رئيس الوزراء السابقة بي نظير بوتو إلى محاولة اغتيال فاشلة تسببت في مقتل ما لا يقل عن 139 شخصًا في ديسمبر عام 2007، لكن تلك لم تكن المحاولة الأخيرة في سلسلة من التهديدات التي كانت تأتيها من أطراف عدة وعلى رأسها التنظيمات المتطرفة.
ففي تجمع انتخابي قبل الانتخابات المقررة في يناير عام 2008، وأثناء تحيتها للحشود التي التفت حول موكبها في مدينة روالبندي وأمام عدسات وسائل الإعلام، وقع إطلاق نار استهدف زعيمة حزب الشعب الباكستاني، ثم أتبعه انفجار قوي، لتلقى السياسية الباكستانية البارزة حتفها من ارتطام رأسها في غطاء السيارة التي كانت تستقلها بسبب شدة الانفجار الذي أودى بحياة 23 شخصًا آخرين.
قاديروف.. رحيل "يوم النصر"
في التاسع من مايو عام 2004، كان ملعب دينامو في غروزني في الشيشان على موعد من احتفال عسكري هائل بمناسبة يوم النصر، وبينما كان الرئيس أحمد قاديروف يشاهد مع كبار رجال الجمهورية السوفيتية السابقة التابعة للاتحاد الروسي العرض، قطع انفجار ضخم أصوات الأغاني والموسيقى خلال العرض من جهة المنصة الرئيسية، ليقتل الرئيس الشيشاني ضمن 32 شخصًا آخرين ويجرح 46 شخصاً.
وقد تبنى قائد المتمردين شامل باساييف عملية الاغتيال التي نفذت أمام عدسات الكاميرات.
السفير الروسي.. ودماء العرض الفني
لم يكن زعيمًا بحجم رئيس دولة أو حزب، لكنه كان الممثل الأعلى لروسيا في دولة أخرى. وأثناء حضوره معرض صور مخصصًا لمشاهد طبيعة روسيا في صالة عرض فني في حي جنقايا الراقي في العاصمة التركية أنقرة، حرص السفير الروسي في تركيا أندري كارلوف، على ألقاء كلمة بهذه المناسبة.
لكن الضابط التركي مولود ميرت ألتينتاش، لم يمهله الفرصة لإكمال الكلمة أمام كاميرات وسائل الإعلام، فأخرج سلاحه وأطلق تسع رصاصات من مسافة قريبة على السفير، هاتفًا:" الله أكبر.. لا تنسوا حلب"، قبل أن يتدخل رجال الأمن ويردوه قتيلًا.
أرسل تعليقك