بيروت ـ أحمد الحاج
بدأت لقاءات المشاورات بشأن الحوار في قصر بعبدا مع رؤساء الكتل النيابية، واقتصرت على الكتل المؤيدة لدعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وتمتدّ على مدى يومين، مع تحليق سعر صرف الدولار الذي تجاوز الـ33 ألفاً، وفيما الشارع يغلي على إيقاع الأزمات المتتالية.
وشملت اللقاءات الثلاثاء، رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، ورئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" النائب طلال أرسلان، ورئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية. ويستقبل عون الاربعاء وفداً من "اللقاء التشاوري" والنائب أسعد حردان والنائب هاغوب بقرادونيان والنائب جبران باسيل.
وأشارت مصادر بعبدا الى ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لا يحاول أن ينقذ الأشهر المتبقية من العهد بطاولة الحوار إنما يريد إنقاذ البلد من خلال هذا الحوار ويرفض القول إنه تعويم لعهده.
ولفتت المصادر نفسها الى ان عون طرح على الحاضرين اليوم مسألة تعطيل السلطتين التنفيذية والقضائية وان إرسلان أجابه أن اجتماع مجلس الوزراء ضروري فيما قال رعد لعون إن لدى "حزب الله" ملاحظات بشأن عمل مجلس الوزراء و"نتمنى أن تذلل العقبات أمام انعقاده".
وتحدثت مصادر بعبدا عن إمكان تراجع الرئيس عون عن عقد الحوار: هذا موضع تقويم من قبل الرئيس عون وعلى ضوء لقاءات الغد يحدد قريباً موقفه من الدعوة للحوار أو عدمها. وشدّد رعد من بعبدا على أنّ موقف كتلته "كان مؤيداً لدعوة الحوار، وموافقاً على مشاركتنا في الحوار الوطني المقترح"، مضيفاً: "أكّدنا أنّ البلد في زمن الشدّة والضيق هو أحوج إلى عدم الانقطاع من الحوار".
واستقبل الرئيس عون رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد الذي قال بعد اللقاء: "تناول اللقاء مع فخامة الرئيس، بالتحديد، الدعوة الى الحوار الوطني التي أطلقها وأطلعنا على البنود المقترحة للحوار، وكان موقفنا مؤيدا لهذه الدعوة وموافقا على مشاركتنا في الحوار الوطني المقترح، وأكدنا ان البلد في زمن الشدة والضيق، هو احوج الى عدم الانقطاع عن الحوار. اما في زمن الرخاء، فالدعوة الى الحوار تكون دعوة عادية وضرورية، وفي زمن الضيق والشدة والضغط والمزايدات، عدم الانقطاع عن الحوار هو اكثر من ضرورة. لذلك أكدنا تلبيتنا للدعوة ومشاركتنا فيها، وندعو شركاءنا في الوطن الى التحلي بالعقل والحكمة والتخلي عن المزايدات، لأن هذا البلد هو بلدنا ونحن معنيون بالحفاظ عليه وعدم اخذه الى الهاوية، ومن يعمره بعد الهاوية هو نحن ولا احد غيرنا، وكل أحد غيرنا سيبقى خارج البلد ونبقى نحن، المواطنون اللبنانيون فقط اسياد هذا البلد".
ثم التقى الرئيس عون، رئيس "كتلة ضمانة الجبل" النائب طلال ارسلان الذي تحدث الى الصحافيين بعد الاجتماع، وقال: "ان الوضع في البلد لا نحسد عليه وهو مأزوم والناس تعيش في اوضاع صعبة جدا، وما يحصل هو جريمة موصوفة بحق اللبنانيين جميعا".
ورأى ان "الترهل الاقتصادي والمالي وفقدان السيطرة على الدولار بهذا الشكل، يحتم على الجميع تحمل مسؤولياتهم بشكل أدق وأوسع ومسؤول. الفوضى العارمة في المؤسسات الدستورية أفقدت الناس ثقتها بهذه المؤسسات وهذا امر خطير ويحمل انعكاسات سلبية على مسار البلد ووحدته".
اضاف: "نحن لا نتحدث في السياسة، فهناك ثوابت اقتصادية ومالية مرتبطة بلقمة عيش الناس الكريمة، لا يجب ان تتعلق بمواقف وتجاذبات سياسية لا يدفع ثمنها الا المواطن، أكان موظفا في القطاع العام او الخاص أو عاطلا عن العمل"، وأشار الى ان "الاستمرار بهذا الشكل السوداوي يهدد أمن البلد الاجتماعي بشكل اساسي"، وقال: "انطلاقا من هذه الثوابت، فإن الحوار يجب ان يكون قائما بشكل دائم ومن غير المبرر لأحد رفض مبدأ الحوار، ويمكننا الجلوس مرات عدة وكل يوم لنتحاور ويمكن حتى الاختلاف على بعض النقاط، انما يجب السير وفق قاعدة الديموقراطية وما تقرره الاكثرية".
وتابع: "لا يجوز الاستمرار بتعطيل هذا الموضوع، وخصوصا على ابواب انهيار حصل بالفعل، انما يهدد بمزيد من الانهيارات المتراكمة التي يمكن ان تحصل. من هذا المنطلق ايدنا دعوة فخامة الرئيس الى الحوار، ونحن سنشارك اذا تمت الدعوة اليه، واتمنى على الجميع ترك المواقف السياسية خارج اطار الطاولة، والحديث جديا لايجاد حلول للمشاكل المالية والاجتماعية التي يعاني منها المواطن".
سئل: تنادون بعدم التعطيل وهناك تعطيل لمجلس الوزراء.
اجاب: "لا ارغب بالدخول في جدل "البيضة والدجاجة"، يهمني ان اصل الى نتيجة لعدم اضعاف المؤسسات الدستورية، لان العكس سيضعف ثقة المواطن بالدولة. لذلك، كل شيء معطل، ومطلوب تحريك كل مؤسسات الدولة، والحوار الايجابي في ما بيننا كلبنانيين للخروج من هذه الازمة".
سئل: تعليقك على المعترضين على الدعوة الى الحوار، هل تعتقد انهم يمارسون دورا سياسيا داخليا ام ان هناك اشارات خارجية تمنع اللبنانيين من التحاور؟
اجاب: "لا اريد اتهام أحد ولا ان أضع النية السوداء أمامي في هذا الموضوع. ما أقوله هو انني لا أبرر لأي شخصية لبنانية الاستقالة من دورها الفاعل لضرورة ايجاد الحلول وتفعيل الحوار الوطني المستدام وغير المحصور بنقطة او نقطتين، في ظل الانهيار الاجتماعي والمالي الحاصل. ان الميثاقية اللبنانية والدستور والوضع اللبناني، يحتم مبدأ الحوار الدائم بين اللبنانيين".
سئل: هناك صبغة معينة تؤخذ على الحوار وكأنه حوار الممانعة؟
أجاب: "سبق ان اجبت على ذلك وقلت انني افصل مواقفنا السياسية عن مبدأ الحوار الوطني العام".
سئل: انتم جزء من الطبقة السياسية، الا تتحملون جزءا من المسؤولية في ما وصل اليه لبنان اليوم؟
اجاب: "ان المسؤولية نتحملها جميعا، ومطلوب منا جميعا ايجاد الحلول والتحاور من اجل ذلك، وإنقاذ الوضع المالي والاقتصادي والاجتماعي في البلد، هذا امر برسمنا جميعا".
سئل: كيف تشارك في حوار لا تشارك فيه الأكثرية الدرزية؟ وهل ممكن ان تتحالف انتخابيا مع النائب السابق وليد جنبلاط؟
اجاب: "ان مسألة الاكثرية او الأقلية غير مطروحة، وان حضوري الحوار هو من موقعي التمثيلي وليس من أي موقع آخر. اما عن الانتخابات فمن المبكر الحديث عنها، ولم ترسم بعد كل التحالفات. البلد حاليا ينهار وهناك اولويات".
سئل: هناك فريق سياسي له موقف من طاولة الحوار، فعن اي حوار نتحدث وهل ستتحول بابا لترجمة اي اتفاق سيفرض على اللبنانيين من الخارج؟
اجاب: "فلنعترف أولا بمسألة اساسية من دون ان نمارس سياسة "النعامة". نحن امام ازمة نظام سياسي حقيقي في البلد، ونحن نتحدث منذ سنوات عن هذا الامر. ان هذا النظام غير منتج ولا يوصل الى حلول، بل يوزع المسؤوليات بشكل فوضوي بصورة تضيع معها المسؤولية. لذلك، يجب علينا ان نتحاور لإغلاق ثغرات عدة لا يغلقها الدستور، للاسف".
سئل: هناك كلام عن حوار من طرف واحد.
اجاب: "لا اريد التسليم بهذا الموضوع، ولا ازال اسأل ان كان الجميع سيتحملون المسؤولية في هذا الموضوع، فلا أحد يشارك في الحوار كرمى لأحد".
سئل: لكن الحوار عادة لم يوصل الى نتيجة.
اجاب: "في هذه الحالة، ما البديل؟ اتخاذ قرار بعدم التحاور والوصول الى حائط مسدود؟".
سئل: رئاسة الجمهورية تقول ألا يجب ان يتحول الخلاف السياسي الى خلاف وطني.
اجاب: "تماما لان هذه الامور تهدد وحدة البلد والمسلمات التي قام عليها مبدأ انشاء الكيان".
سئل: هل انت مع اللامركزية المالية؟
اجاب: "عندما نصل اليها "منصلي عليها". لكن من الضروري بحث الموضوع المالي والاقتصادي".
وبعدها، التقى رئيس الجمهورية رئيس "تيار المرده" النائب السابق سليمان فرنجية الذي قال بعد اللقاء: "لبينا دعوة فخامة الرئيس الشخصية للقاء، ومنذ اليوم الاول لانتخابه سبق ان قلنا انه عندما يدعونا فخامة الرئيس للقاء فنحن جاهزون، وأبلغته بأننا سنبقى على هذا المبدأ حتى اليوم الاخير من عهده كي نعطي رأينا وإذا أراد الأخذ به او سماعه فهذا يعود اليه. لكن ليس هناك من موقف شخصي مع فخامته، لا بل نلتقي معا في الموضوع الاستراتيجي".
أضاف: "اما في موضوع الحوار، فيجب ان يكون بين فريقين برأيين مختلفين، اما ان يكون ضمن فريق واحد، فلا فائدة من الحوار للشكل فقط. لذلك، تمنينا لهم التوفيق، وأي قرار يتخذه هذا الفريق الذي ندعمه، سنؤيده من دون تردد لعلمنا انهم لن يتفقوا على امر نعارضه، لكن ان نحضر من اجل الحضور فقط فلا فائدة من ذلك. وبالتالي لن نشارك في الحوار".
سئل: هل صحيح ان هناك مسعى من "حزب الله" للمصالحة بينك وبين التيار الوطني الحر تمهيدا لتحالف انتخابي؟
اجاب: "حزب الله لا يعمل الا للخير بيننا وبين التيار الوطني الحر، لكن لكل رأيه. ويجب معرفة ما اذا كان الوزير جبران باسيل يرضى بأن يتحالف مع الفاسدين".
سئل: هل الحوار هو تمهيد لطريقك الى رئاسة الجمهورية؟
اجاب: "لو كان الامر صحيحا لكنت عملت على ارضاء فخامة الرئيس. ولكن انا قلت قناعتي".
وكان عون قد أكّد أمس أهمّية اللقاء الحواري الذي دعا إليه، وشدّد على "ضرورة أن يتخطّى هذا الحوار الخلافات السياسية البسيطة"، لافتاً إلى أنّ "الخلاف السياسي لا يجب أن يوصلنا إلى خلاف وطني حول مبادئ جوهرية وأساسية مثل الهوية والوجود، ما قد يهدّد وحدة لبنان وسيادته واستقلاله".
وأمل رئيس الجمهورية دعم هذه اللقاءات "لأنّ الحوار يعنينا جميعاً، وهدفه ليس تحقيق مصلحة حزبية او شخصية. فالوطن للجميع، والإنماء كما الازدهار للجميع أيضاً، وعلينا التعاون للمحافظة على هذه الحياة المشتركة في ظلّ الاطمئنان والأمان".
هذا ويستكمل الرئيس عون غدا الاربعاء لقاءاته التحضيرية للمؤتمر، فيستقبل وفد "اللقاء التشاوري"، ووفد "الحزب القومي الاجتماعي"، و"كتلة نواب الارمن" ووفد "تكتل لبنان القوي".
قد يهمك ايضا
ميشال عون يدعو لانعقاد مجلس الوزراء في أسرع وقت
ميقاتي يُعلق على دعوة عون إلى الحوار والحريري يعتذر وبري يؤكد أن مجلس النواب سيّد نفسه
أرسل تعليقك