أعلن الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، اليوم (الاثنين)، استضافة بلاده مقر «مبادرة الشرق الأوسط الأخضر»، وإسهامها بمبلغ 2.5 مليار دولار دعماً للمبادرة على مدى السنوات العشر المقبلة.جاء ذلك خلال افتتاحه أعمال القمة في نسختها الثانية، بمدينة شرم الشيخ المصرية، والتي انطلقت برئاسة مشتركة بين الأمير محمد بن سلمان، والرئيس عبد الفتاح السيسي، وتأتي بالتزامن مع انعقاد قمة قادة العالم في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 27).
وقال الأمير محمد بن سلمان «يسرني أن أكون بينكم اليوم وأنقل لكم تحيات خادم الحرمين الشريفين وتمنياته بنجاح هذه القمة»، مؤكداً أن تحقيق الأهداف المرجوة من المبادرة الطموحة «يتطلب استمرار التعاون الإقليمي، والإسهامات الفاعلة من قبل الدول الأعضاء للإسهام في الوصول للأهداف المناخية العالمية، وتنفيذ التزاماتها بوتيرة أسرع في إطار الاتفاقيات الدولية ذات الصلة».
وأضاف «بتضافر الجهود الإقليمية، تسعى المبادرة إلى دعم الجهود، والتعاون في المنطقة، لخفض الانبعاثات وإزالتها بأكثر من 670 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وهي الكمية التي تمثل الإسهامات الوطنية المحددة من جميع دول المنطقة»، مبيناً أنها تمثل أيضاً «10 في المائة من الإسهامات العالمية عند الإعلان عن المبادرة، بالإضافة إلى زراعة 50 مليار شجرة وزيادة المساحة المغطاة بالأشجار إلى 12 ضعفاً، واستصلاح 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، مخفضة بذلك 2.5 في المائة من معدلات الانبعاثات العالمية».
وتحقيقاً لتلك المستهدفات؛ أشار ولي العهد، إلى إطلاق بلاده مبادرة «السعودية الخضراء» لخفض الانبعاثات بأكثر من 278 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول 2030، من خلال تطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون، والعديد من المبادرات الأخرى، منها منصة تعاون دولية لتطبيق هذا النهج، وصندوق استثمار إقليمي مخصص لتمويل حلول تقنيات الاقتصاد الدائري للكربون، ومبادرة حلول الوقود النظيف من أجل توفير الغذاء.
ونوّه بأن السعودية قامت بتسريع وتيرة تطوير وتبني تقنيات ومصادر الطاقة النظيفة، المتمثلة باستخدام الطاقة المتجددة، بهدف إدارة الانبعاثات من المواد الهيدروكربونية، لافتاً إلى أن أبرز هذه الخطوات يتمثل في تنويع مزيج الطاقة المستخدم في توليد الكهرباء بالمملكة، بحيث يتم إنتاج 50 في المائة من الكهرباء داخل البلاد بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، والوصول بالتالي إلى إزالة 44 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، أي ما يعادل 15 في المائة من إسهامات المملكة المحددة وطنياً حالياً، بحلول عام 2035.
وتحقيقاً لمستهدف التشجير، الذي يجسد استخدام الحلول الطبيعية لمواجهة الانبعاثات، أبان الأمير محمد بن سلمان، أنه في القمة السابقة تم إطلاق مبادرات عديدة، منها تأسيس مركز إقليمي للتغير المناخي، وبرنامج إقليمي لاستمطار السحب، كما أعلنت السعودية عن استهدافها زراعة 10 مليارات شجرة، وزيادة المناطق المحمية البرية والبحرية إلى 30 في المائة من إجمالي المساحة الوطنية، للإسهام في تنفيذ أهداف المبادرة.
وواصل «تأكيداً على التزام السعودية بجهود الاستدامة الدولية، أُعلن عن استضافة المملكة مقر الأمانة العامة لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر، وقرارها الإسهام بمبلغ 2.5 مليار دولار؛ دعماً لمشروعات المبادرة وميزانية الأمانة العامة على مدى عشر سنوات»، مضيفاً «وانطلاقاً من دورها الريادي، أعلنت المملكة اليوم عدد من المبادرات التي من شأنها تمكين تحقيق مستهدفات المبادرة الطموحة».
وكشف ولي العهد، عن استهداف صندوق الاستثمارات العامة للوصول للحياد الصفري لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050، من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون ليكون من أوائل صناديق الثروة السيادية عالمياً، والأول بمنطقة الشرق الأوسط، في استهداف الوصول للحياد الصفري بحلول ذلك العام، بما يعزز دوره لاعباً رئيساً في دعم الجهود العالمية في مواجهة تحديات المناخ، مع الأخذ بعين الاعتبار الخطط التنموية للدول الأعضاء، وقدرتها على الانتقال المسؤول إلى أنظمة طاقة أكثر استدامة، وتشجيع الاستثمار فيها بالتعاون بين الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات الإقليمية والدولية.
وجدد، التزام السعودية بالعمل مع دول المنطقة من أجل تحقيق أهداف مبادرة الشرق الأوسط الأخضر لتكون نموذجاً عالمياً لمكافحة التغير المناخي، معرباً عن أمله في أن تحقق قمة اليوم مخرجاتٍ تساهم في تعزيز العمل المشترك لضمان مستقبلٍ مشرق وزاهر لأجيالنا القادمة.
وأشاد الأمير محمد بن سلمان في ختام كلمته، بمشاركة قادة وممثلي الدول الأعضاء، ومساهمتهم القيمة وجهودهم المبذولة لإنجاح أعمال القمة، مثمناً مخرجاتها التي «عكست التزام دولنا ورغبتها في تلبية أهداف المبادرة، وحرصها على استمرار التعاون، ورفع مستوى التنسيق لمواجهة تحديات التغير المناخي، للإسهام في الوصول إلى الأهداف المناخية العالمية».
كان ولي العهد السعودي قد استضاف النسخة الأولى من «قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر» بالرياض في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وأتاحت إجراء أول حوار إقليمي من نوعه بشأن المناخ، حيث اتفق القادة المشاركون من أكثر من 20 دولة على ضرورة التعاون وتوحيد الجهود لمواجهة تغير المناخ.
وتقدم «مبادرة الشرق الأوسط الأخضر» خريطة طريق طَموحة وواضحة للعمل المناخي الإقليمي؛ مما يضمن تنسيق الجهود واتباع نهج موحّد لمواجهة تبعات تغير المناخ على دول المنطقة. وتمكّن المبادرة إيجاد فرص اقتصادية ضخمة في المنطقة، بما يساهم في تعزيز التنمية المستدامة ودفع عجلة التنويع الاقتصادي وتوفير فرص العمل وتحفيز استثمارات القطاع الخاص في عموم المنطقة؛ مما يعود بالنفع على الأجيال المقبلة ويفتح الآفاق أمام المستقبل الأخضر.
وتسعى الدول المشاركة في «قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر» 2022 إلى تحقيق المستهدفات الإقليمية التي دعت إليها المملكة في القمة الافتتاحية للمبادرة، والمتمثلة في تقليل الانبعاثات الكربونية في المنطقة بأكثر من (10 في المائة) من الإسهامات العالمية، وزراعة (50) مليار شجرة في المنطقة وفق برنامج يعدّ أكبر البرامج لزراعة الأشجار في العالم.
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك