شهدت العاصمة السودانية الخرطوم، الأحد، أول أيام العصيان المدني المعلن من قبل ناشطين. ووجدت دعوة العصيان استجابة لدى المواطنين بنسب متفاوتة في أحياء مدن الخرطوم الثلاث، فيما أكد مسؤولون بالحكومة فشل العصيان، مؤكدين أن المؤسسات في البلاد تعمل بصورة طبيعية.
وكانت أحزاب سياسية معارضة وحركات مسلحة أعلنت انضمامها لحملة العصيان المدني في السودان التى اطلقها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدين المشاركة بكامل عضويتهم في العصيان. وشهدت بعض أحياء الخرطوم حركة خفيفة في الشوارع والمؤسسات التعليمية، على عكس ما هو معتاد في يوم الأحد، أول أيام الأسبوع، بينما تركزت كثافة الحركة في وسط الخرطوم، وحذرت لجنة تنسيق شؤون أمن محلية الخرطوم من تداول وتعاطي الشائعات المنتشرة على مواقع التواصل، مشددة على جميع المواطنين الإسهام في دحض الدعاوى للفوضى وتعطيل دولاب العمل العام.
وكشفت اللجنة عقب تفقدها عدداً من المرافق الحيوية والخدمية برئاسة معتمد محلية الخرطوم الفريق ركن أحمد علي عثمان أبوشنب، عن انسياب العمل بشكل طبيعي بجميع المرافق.
وشملت المرافق مدارس ومستشفيات وأسواق ومحطات وقود ومخابز ومتاجر ومواقف المواصلات، حيث شهدت جميع المواقع حضوراً مبكراً للعاملين والمعلمين والتلاميذ والمركبات العامة العاملة في خطوط الموصلات.
وأكدت اللجنة في بيان حصل عليه "العرب اليوم" الأحد، توافر الخدمات والسلع الأساسية المقدمة للمواطنين من توافر العلاج المجاني للأمراض المزمنة بالمستشفيات الحكومية والتي تدخل في قائمة أسعار الدواء المدعوم والمنقذة للحياة. وأكد معتمد محلية الخرطوم الفريق ركن أحمد علي أبوشنب، من خلال البيان استتباب الأمن في جميع أنحاء المحلية وعدم وجود ظواهر مخلة بالأمن المجتمعي أو العصيان المدني، وأشار إلى أن لجنة أمن المحلية اطلعت خلال تفقدها على استقرار وانسياب جميع الخدمات وحضور وانصراف جميع المعلمين والتلاميذ للمدارس في الوقت المحدد وعقب انتهاء ساعات الدراسة المقررة، إضافة إلى انتظام حركة المرور والنقل العام والمواصلات بمواقف المحلية المختلفة، وأكد أبوشنب على توافر جميع المواد البترولية بمحطات الوقود وسلعتي الغاز والخبز.
ودعا المعتمد خلال لقائه مديري ومعلمي المدارس بالتبليغ عن أي من الظواهر والشائعات التي تؤثر عن استتباب الدراسة والتأثير على مسار العام الدراسي. ولم تتأثر حركة المواصلات العامة بالعصيان، حيث كان ملاحظا تواجدها في المحطات العامة الرئيسية والفرعية، رغما قلة مستخدميها، وحشدت شركة مواصلات الحكومة المعروفة بـ "بصات الوآلي" مركباتها في المواقف والمحطات بصورة غير معتادة تحسباً لإختفاء المركبات العامة الخاصة بالمواطنيين.
وجاءت الدعوة للعصيان المدني بعد احتجاجات متواصلة، على محدوديتها، ضد قرارات اقتصادية قاسية قضت برفع الدعم الحكومي عن الوقود والكهرباء والدواء وتحرير جزئي لسعر صرف الدولار. ويوم الجمعة الماضية اضطرت الحكومة للتراجع عن قائمة أسعار جديدة للدواء وقرر الرئيس عمر البشير اعفاء الأمين العام للمجلس القومي للأدوية والسموم، في محاولة لامتصاص الاستياء الكبير في الشارع من غلاء الدواء.
وتأثرت الجامعات والمدارس بشكل أكبر بالعصيان وخلت من الطلاب، وشهدت حركة المرور في وسط الخرطوم حركة أقل من المعتاد باعتبار أن الأحد هو أول يوم في الأسبوع ودائما ما كان يشهد كثافة في الحركة. وتأخر الطابور المدرسي في أكثر من مدرسة عن موعده الثامنة صباحا بسبب عدم حضور الطلاب واضطرت مدارس لإلغاء اليوم الدراسي بسبب كثرة الغياب، بينما خلت مدارس أخرى من الطلاب.
وقال أستاذ في مدرسة حكومية جنوبي الخرطوم "إن بعض الأهالي منعوا أبناءهم من الحضور للمدرسة لكن النسبة الأكبر حضرت"، وزاد "لقد وصل عدد الطلاب في يوم العصيان أكثر من 80%.. وأفاد سائق سيارة تجارية في موقف "جاكسون"، أكبر محطات المواصلات وسط الخرطوم "أن الشوارع خالية كأنه يوم عطلة"، وأكد أنه ذهب من المحطة الوسطى الخرطوم حتى أمدرمان وعاد في 10 دقائق، وهو ذات المشوار الذى كان يستغرق ساعة نتيجة للزحام.
وكان واضحا أغلاق كبير لمعظم الصيدليات والمكتبات، أما البقالات ومحال الخضراوات هي الاكثر عملاً. لكن الكثير من المحال التجارية في الرئيسية حول الخرطوم شوهدت مغلقة الأبواب.
وتناقضت الروايات بين أنصار الحكومة ودعاة العصيان، ونشر الناشطون صورا لشوارع في المدينة تبدو خالية من المارة في الصباح وقت الذروة مقابل صور تظهر اكتظاظا للسيارات بالشوارع. وعمدت القنوات التلفزيونية المحسوبة على الحكومة إلى نقل مباشر لحراك المواطنين في الشارع والمؤسسات الحكومية لتؤكد فشل العصيان.
أرسل تعليقك