تتواصل المعارك في محيط المخا، غرب مدينة تعز اليمنية، بين الجيش الحكومي، مسنودًا بقوات التحالف العربي من جهة، و"الحوثيين" وقوات الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، من جهة أخرى. وقصف التحالف مواقع في قرية شبارة، في المخا، وأخرى في محيط المخا، ومواقع تابعة لمعسكر "خالد بن الوليد".
واستهدفت قوات "الحوثيين" والرئيس اليمني السابق، بقصف صاروخي، قوات الجيش في منطقة الجديد، ومناطق أخرى، بصواريخ "كاتيوشا". ووصلت قوات برية إلى ثكنات الجيش اليمني في المخا، ووفق مصادر عسكرية، فإن القوات ستنخرط في الجبهات، شمال المخا، وأخرى ستتوجه إلى شرق المخا، للتقدم في اتجاه معسكر "خالد بن الوليد". وقال العقيد اليمني أحمد الوصابي إن الجيش، في حال لم يسيطر على معسكر "خالد بن الوليد"، الممتد من مفرق المخا إلى موزع، جنوب المخا، فإن الإنجازات العسكرية في المخا ستكون مهددة، وعرضة للهجمات البرية والصاروخية من مواقع المعسكر.
وأشار "الوصابي" إلى أن الجيش لا يستطيع التوجه إلى الخوخة، التابعة لمحافظة الحديدة، دون أن يسيطر على المعسكر، الذي بإمكانه فتح محورين للهجوم على الجيش في المخا، كما أنه يؤمن إمدادات "الحوثيين" من الحديدة إلى جبهة المخا، والسيطرة عليه تؤمن الانتصارات الحالية، وتعد نقطة انطلاق للجيش في اتجاه الخوخة.
وأوضح "الوصابي" أن التضاريس، التي يقع في إطارها معسكر "خالد بن الوليد"، جبلية ووعرة، على عكس مدينة وساحل المخا المفتوح، والذي حقق فيه الطيران نجاحًا كبيرًا، بينما التضاريس الصعبة تخدم "الحوثيين"، منوهًا بأن معركة معسكر "خالد بن الوليد" ستكون صعبة نوعًا ما. واستند "الوصابي" إلى معركة مديرية ذباب، المطلة على باب المندب، العام الماضي، والتي حقق فيها الجيش نجاحًا، وسيطر على أجزاء واسعة من معسكر "العمري"، ومركز المديرية، دون أن يسيطر على معسكر "خالد بن الوليد"، الذي اطلق عملية واسعة، فيما بعد، ليستعيد السيطرة على معسكر "العمري" وذباب، في مارس / آذار الماضي، ما يجعل خطر هذا المعسكر واضحًا، ويفرض السيطرة عليه .
وأعلنت القوات اليمنية، الأسبوع الماضي، استكمالها تحرير ميناء ومدينة المخا، التابعين إداريا لمحافظة تعز، بعد معارك مع "الحوثيين"، والقوات الموالية لهم، استمرت أسابيع. وفي مدينة تعز، دارت مواجهات عنيفة بين قوات الجيش والمقاومة الموالية للرئيس اليمني من جهة، و"الحوثيين" من جهة آخرى، في الجبهات الشرقية والغربية.
وهاجمت قوات "الحوثيين" مواقع الجيش والمقاومة، شرق تعز. وصدت المقاومة هجومًا استهدف موقع المكلكل الاستراتيجي، شرق المدينة. ودفعت القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي بتعزيزات عسكرية إلى الجبهة الغربية، بهدف استعادة قرية تبيشعة، التابعة لمديرية جبل حبشي، والتي سيطر عليها "الحوثيون"، الجمعة.
واندلعت مواجهات عنيفة إثر هجوم الجيش والمقاومة على مواقع "الحوثيين" في تبيشعة، دون تحقيق تقدم ملحوظ في المواجهات. وقتل جندي أمن، وشخص مطلوب أمنيًا، خلال مواجهات مسلحة في منطقة المسبح، وسط تعز، ووفقًا لمصادر مطلعة، فقد تحركت قوة أمنية من قسم شرطة باب موسى، للقبض على المدعو إلياس الدبعي، على خلفية شكاوى وبلاغات، وحين وصلت إلى منزل "الدبعي"، تهرب من الحضور للقسم، لكن والده التزم بإحضارة، وخلال مغادرة أفراد قسم الشرطة تبعهم "الدبعي"، ومعه مجموعة مسلحة. واشتبك مع أفراد الأمن، ما أسفر عن مقتل جندي، يدعى شوقي، إضافة إلى مقتل "الدبعي".
وعلى الصعيد الإنساني، قدمت مؤسسة" نحن هنا" مساعدات غذائية، كما نصبت خيام للإيواء النازحين، من سكان منطقة الكدحة، التي تشهد معارك عنيفة، ونزح عدد كبير من سكانها للمديريات المجاورة. ويفتقر النازحون من المعارك لأبسط مقومات العيش، إذا كانوا ينامون في العراء.
وأكدت رئيسة مؤسسة "نحن هنا"، صباح الشرعبي، أن جمعيتها نصبت 31 خيمة، لإيواء النازحين من الكدحة إلى منطقة المشاولة، في المعافر، جنوب تعز، إضافة إلى تقديم مساعدات غذائية إلى النارحين، الذين خصص لهم المخيم، مع توفير الماء الصالح للشرب. وبينت ولفتت إلى أن المعارك، التي تصاعدت في عدد من المديريات الريفية، في تعز تحديدًا، الوازعية ومنطقة الكدحة، خلفت نزوح عدد كبير من الأهالي إلى المديريات المجاورة. وتفتقر الأسر النازحة لأبسط مقومات العيش، فيما تفتقر أسر أخرى للسكن ومتطلبات الحياة، وسط غياب للمنظمات الدولية والمحلية عن هذه المأساة الحقيقية.
ودعت "الشرعبي" المنظمات الدولية والمحلية إلى النزول الميداني، والاطلاع على حجم الكارثة الإنسانية للأسر النازحة، وتوفير متطلبات العيش للنازحين. وتعيش محافظة تعز وضعًا إنسانيًا متدهورًا للغاية، نتيجة قلة المساعدات، واتساع المعارك جغرافيًا، وحركة النزوح الكبيرة، وتوقف معظم القطاعات الخاصة عن العمل، الأمر الذي تسبب في فقدان الالاف من سكانها لأعمالهم.
وتشن القوات الموالية لـ"الحوثيين" هجمات مكثفة في جبهات جبل حبشي وحيفان، وعدد من الجبهات المحيطة بمدينة تعز، لإحراز تقدم عسكري. وتعد القوات التي تقاتل "الحوثيين" في تعز قوات محلية، لها قيادات عسكرية من ذات المحافظة، بينما القوات التي تقاتل في باب المندب والمخا قوات من المحافظات الجنوبية، لها قيادات عسكرية جنوبية. ولقيت تدريبات ودعمًا إماراتيًا كبير، إضافة إلى الإمكانيات العسكرية والغطاء الجوي الكبير من التحالف، وهذا ما تفتقر إليه القوات المحلية في تعز.
وفي يناير / كانون الثاني الماضي، قتل 142 شخصًا، وجرح 477 آخرين، بينهم نساء وأطفال، جراء القصف العشوائي من قبل مليشيات "صالح" و"الحوثي" على الأحياء السكنية في تعز، حيث قُتل 23 طفلاً، وجُرح 62 آخرين، كما قتلت ثماني نساء، وأصيبت 18 أخريات. وبلغ عدد قتلى الرجال 111 شخصًا، إضافة إلى إصابة 397 آخرين، وكانت أغلب الإصابات خطرة.
ولفت تقرير لـ"ائتلاف الإغاثة" إلى أن 23 منزلاً، وممتلكات خاصة أخرى، تضررت جراء القصف، كليًا وجزئيًا، خلال كانون الثاني الماضي.
أرسل تعليقك