يصل وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى لبنان، الخميس، في زيارة قصيرة، لكنها ستتميّز بإعلان موقف أميركي حازم من جماعة "حزب الله". وقال الأميركيون إن سياسة الولايات المتحدة من إيران و"حزب الله" واضحة، فواشنطن وضعته على لائحة المنظمات المتطرفة منذ سنوات، وتريد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن تواجّه النفوذ والتأثيرات الإيرانية.
وسيكون وزير الخارجية في بيروت ومعه رسالتان، الأولى وهي أنه يجب أن تواجه الدولة اللبنانية والأطراف اللبنانيون نفوذ "حزب الله" والابتعاد عنه، والرسالة الثانية هي أن واشنطن تعتبر لبنان شريكًا استراتيجيًا مع الدولة ضد "حزب الله"
وتستعد وزارة الخارجية الأميركية لزيارة الوزير تيلرسون، ومن الواضح أن الأميركيين يشددون على "خطاب" تيلرسون في لبنان، فالوزير الأميركي بحضوره وبكلامه "على الأرض" سيؤكّد أهمية لبنان كحليف في الحرب على التطرف، كما ستجدّد واشنطن متابعتها لدعم الدولة اللبنانية ومؤسساتها الرسمية، خصوصاً الجيش اللبناني، وستعلن متابعة دعم لبنان وهو يتحمل أعباء كبيرة نظراً لعدد اللاجئين السوريين على أراضيه.
وسيعلن الوزير تيلرسون أن المطلوب من الحكومة اللبنانية اتخاذ خطوات أكثر حزمًا لاحتواء حزب الله وتأثيراته على الدولة اللبنانية، كما أنه سيقول للزعماء اللبنانيين إن حزب الله لا يؤدّي أي خدمة للبنان، وفي حين تقف واشنطن إلى جانب الدولة اللبنانية، فإنها تقف في نفس الوقت ضد حزب الله.
وأشار مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إلى أن واشنطن تدير موقفها ودبلوماسيتها في لبنان بـ"اعتبار أن قضية حزب الله وتصنيفه على لائحة الإرهاب وفرض عقوبات عليه وعلى قياداته وعملائه حول العالم أمر منفصل عن دعم الدولة اللبنانية، واعتبار لبنان شريكًا استراتيجيًا، وتريد الولايات المتحدة تطوير علاقاتها معه وتتابع دعمه منذ العام 2006، وقد أعطت الجيش اللبناني حتى الآن مساعدات بمليار و500 مليون دولار، وتعتبره واحدًا من أفضل الشركاء في المنطقة".
وتأتي زيارة ريكس تيلرسون إلى لبنان في وقت مثير للاهتمام، فمن جهة يرى الأميركيون أن لبنان مقبل على انتخابات عامة ويريدون أن تكون هذه الانتخابات نزيهة وحرّة، ومن جهة أخرى لا يريدون أن تساعد هذه الانتخابات حزب الله على زيادة سيطرته على لبنان، أو أن يزداد نفوذ إيران، وربما يكون الوزير تيلرسون واضحًا مع القيادات الرسمية اللبنانية في القول إن عليها التفكير مليًا قبل التحالف أو تقديم غطاء لحزب الله.
ومن الإشارات التي تلقاها اللبنانيون من قبل حول هذه القضية، هي تطوير الكونغرس الأميركي مسودة قانون لفرض عقوبات جديدة على حزب الله، وتعطي المسودة في أحد بنودها صلاحيات للحكومة الأميركية لتفرض عقوبات على الكيانات السياسية والأشخاص الذين يوفّرون تحالفات سياسية أو غطاءً عمليًا لنشاطات حزب الله.
ولم تبت الإدارة الأميركية موقفها من توجيه تحذير واضح للمسؤولين اللبنانيين في هذا الإطار، لكنه مطروح، وربما يشير إليه الوزير تيلرسون خلال محادثاته مع رئيس الجمهورية ميشيل عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة سعدالدين الحريري، خصوصًا أن الثلاثة يشاركون حزب الله في الحكم، فيما تخوض حركة أمل الشيعية الانتخابات إلى جانب حزب الله، كما أن ميشيل عون حليف سياسي لحزب الله وكان مرشحه لرئاسة الجمهورية.
وتأتي زيارة تيلرسون إلى لبنان في ظل ارتفاع لهجة اللبنانيين والإسرائيليين حول قضايا الحدود البرية والبحرية، وقد صرف مساعد وزير الخارجية بالوكالة ديفيد ساترفيلد وقتًا لمناقشة هذه القضية مع الطرفين، اللبناني والإسرائيلي.
وأشارت بعض المعلومات إلى أن الخارجية الأميركية طلبت من السفير ديفيد ساترفيلد أن يصب اهتمامه على التوصل إلى حل لهذه القضية في الوقت المتبقي له من العمل الدبلوماسي، وأن الخارجية الأميركية أعادت طرح ما توصل إليه السفير السابق فريد هوف خلال مساعيه منذ سنوات بين اللبنانيين والإسرائيليين، لكن وزارة الخارجية الأميركية لا تؤكّد هذه المعلومات، بل قال مسؤول في وزارة الخارجية "إن الولايات المتحدة تتابع الاتصال مع حكومتي لبنان وإسرائيل حول هذه القضية، ونتابع حثّ البلدين على العمل للتوصل إلى حل سلمي وتحاشي أي مواجهة".
ولا تعتبر الحكومة أنها تقوم بدور "الوساطة" بالمعنى الكامل للوساطة بين الطرفين، وكان من اللافت أن المسؤول الأميركي أوضح بما لا يقبل الشك "أن أي نزاع عسكري بين حزب الله وإسرائيل سيعني وقوف الولايات المتحدة إلى جانب حليفتها إسرائيل".
إلا أن هذا الموقف المبدئي لا يتعارض على الإطلاق مع حرص الولايات المتحدة على الهدوء التام على الحدود بين لبنان وإسرائيل، فأولويات أميركا في منطقة الشرق الأوسط تبدأ من القضاء على تنظيم "داعش" ثم مواجهة إيران، وبعد ذلك الوصول إلى حل في سورية، وأخيرًا معالجة الأوضاع في لبنان، ولن تكون أي أزمة عبر الحدود أو حتى داخل لبنان إلا "خضّة" أمنية تعرقل الأولويات الأميركية في المنطقة.
أرسل تعليقك