أميركا تواجه فراغاً تشريعياً للمرة الأولى ومكارثي يغادر محذراً من انهيار المؤسسة
آخر تحديث GMT23:59:38
 العرب اليوم -

أميركا تواجه فراغاً تشريعياً للمرة الأولى ومكارثي يغادر محذراً من انهيار المؤسسة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - أميركا تواجه فراغاً تشريعياً للمرة الأولى ومكارثي يغادر محذراً من انهيار المؤسسة

الكونغرس الأميركي
واشنطن -العرب اليوم

استيقظت الولايات المتحدة على وقع صدمة تاريخية زعزعت أسس الحكم الأميركي، وجرّدت رئيس مجلس النواب من منصبه لأول مرة في التاريخ، مخلّفة فراغاً تشريعياً غير مسبوق وجروحاً حزبية من الصعب أن تندمل في أي وقت قريب.
فمن أوصل رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفين مكارثي إلى منصبه أخرجه منه بالطريقة نفسها، عبر إحراجه شخصياً وتعطيل المجلس تشريعياً.

وغادر مكارثي، الذي وصل إلى رئاسة المجلس بعد عملية شد حبال طويلة مع الوجوه نفسها التي دفعته لإخلاء منصبه، مقهوراً، مبنى الكونغرس ليل الثلاثاء - الأربعاء بعد هزيمة تاريخية حفرت اسمه في التاريخ الأميركي بوصفه أول رئيس مجلس نواب يعزله زملاؤه.
ومع خروجه، يترك المجلس في فراغ تشريعي بانتظار اختيار بديل يحظى بأغلبية الأصوات التي لم يتمكن من حصدها، وهذا البديل غير موجود حتى الساعة. لذلك رفع مجلس النواب جلساته حتى يوم الثلاثاء المقبل على أمل العثور على وجه توافقي.

بمجرد أن امتص الجمهوريون الداعمون لمكارثي وقع صدمة عزله سارعوا إلى محاولة احتوائها عبر النظر في احتمالات بديلة قادرة على وقف النزيف الداخلي في الحزب ودمل جرح الانقسامات فيه، وبرز اسم ستيف سكاليز، أحد القيادات الجمهورية الحالية، الذي بدا فعلياً بجس نبض المشرعين للتحقق من مدى الدعم الموجود له. ولعلّ العائق الأبرز الذي يواجه النائب المحافظ عن ولاية لويزيانا هو وضعه الصحي، إذ تم تشخيصه مؤخراً بسرطان الدم وهو يخضع حالياً لعلاج بالأشعة. لكنه أكد لدى سؤاله هذا الأسبوع أن صحته جيدة.

وسكاليز ليس الاسم الوحيد المطروح، إذ تتردد أسماء أخرى كجيم جوردان، رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب، وأحد أشرس المدافعين عن الرئيس السابق دونالد ترمب، إضافة إلى توم إيمير وهو من القيادات الجمهورية، وكيفين هيرن النائب عن ولاية أوكلاهوما. ولم يتردد بعض النواب في طرح اسم ترمب بديلاً، خاصة أن قوانين المجلس لا تتطلب أن يكون رئيسه نائباً، فقال النائب عن ولاية تكساس تروي نيلز: «كيفين مكارثي لن يترشح مجدداً للرئاسة. أرشح دونالد ترمب لرئاسة مجلس النواب».

خيار مستبعد لكنه يدل على عدم وجود مسار واضح أمام الجمهوريين لاحتواء الانقسامات التي تتعمق يوماً بعد يوم فيما بينهم. فالنفوذ الذي مكّن نائباً واحداً، مثل مات غايتس، من عزل مكارثي، خير دليل على تنامي تأثير الشق الجمهوري المتشدد في الحزب، وتعطيله مساراً تشريعياً أساسياً في نظام الحكم الأميركي.

إلا أن هذا النفوذ لم يكن ممكناً من دون مباركة مكارثي الذي سلّم غايتس والمجموعة الصغيرة التي عارضت وصوله إلى رئاسة المجلس في يناير (كانون الثاني) الماضي، مفتاح عزله من خلال التوصل إلى تسوية معهم تضمن فوزه، لكنها لا تضمن بقاءه.

ولهذا السبب كانت أول نصيحة تفوّه بها رئيس المجلس المعزول لخلفه المنتظر بعد خسارته: «يجب أن تغيّر القواعد»، وذلك في إشارة إلى قاعدة العزل التي أدت إلى مغادرته منصبه بعد أقل من 9 أشهر على تسلمه، بسبب معارضة 8 أعضاء فقط من حزبه له، من أصل 221 جمهورياً.
وتحدث النائب الجمهوري دون بيكون عن هذه المعادلة، محذراً: «كل ما يحتاجه الأمر هو 218 صوتاً، أي أن هؤلاء الـ8 الذين لا يمكن التحكم بهم سوف يستمرون بالتحكم برئيس المجلس ويقومون بالأمر نفسه الذي فعلوه مع كيفين...».

ولعلّ المفارقة الأهم في معادلة العزل هذه، هي أن الجمهوريين الـ8 المعارضين، استمدوا قوتهم من الحزب الديمقراطي الذي رفض إنقاذ مكارثي، وتوحد كل أعضائه للتصويت ضده.

وقال زعيمهم حكيم جيفريز: «إنها مسؤولية الجمهوريين لإنهاء الحرب الأهلية الجمهورية»، مشيراً إلى سلسلة من الاعتراضات على أداء مكارثي؛ أبرزها دعمه ادعاءات ترمب بوجود تزوير في الانتخابات، وتصرفاته بعد أحداث اقتحام الكابيتول في السادس من يناير 2021.

وجلس الديمقراطيون بصمت في قاعة المجلس وهم يراقبون هذا الاقتتال الجمهوري، معولين على أن تعطيهم هذه المشاهد دفعاً لدى الناخب الأميركي لانتزاع الأغلبية من الحزب الجمهوري في الانتخابات المقبلة.
لكن هذه الاستراتيجية لا تخلو من مخاطر، فهي تترك مجلس النواب معطلاً حتى انتخاب رئيس له، مع احتمال أن يكون الرئيس الجديد أكثر تشدداً من مكارثي، الأمر الذي سيعرقل بنوداً كثيرة على أجندة البيت الأبيض من تمويل المرافق الحكومية إلى إقرار مشاريع اقتصادية، وصولاً إلى تمويل الحرب في أوكرانيا.
فرغم تحفظات الديمقراطيين بشأن مكارثي فإنه تمكن خلال فترة رئاسته من تسليمهم معظم هذه البنود، آخرها إقرار تمويل المرافق الحكومية بشكل مؤقت رغم معارضة غايتس ومناصريه له، وهو فعلياً ما أدى إلى عزله.

ولم يتحفظ رئيس المجلس المعزول عن انتقاد خصومه السياسيين، فلمّح في مؤتمر صحافي عقده بعد التصويت على عزله، إلى أن رئيسة المجلس السابقة نانسي بيلوسي ضللته عندما وعدته بدعمه في حال سعى معارضوه إلى عزله. وقال مكارثي بلهجة ظهرت عليها الخيبة: «لقد كنت في هذه الغرفة عندما وعدتني... ما حصل هو قرار سياسي من قبل الديمقراطيين وأعتقد أن ما فعلوه في السابق آذى هذه المؤسسة، وتقييمي هو أن هذه المؤسسة انهارت اليوم لأنها لا تستطيع القيام بواجبها، إذا تمكن 8 أشخاص فقط من التحالف مع الحزب المعارض لفعل هذا... كيف يمكن للمؤسسة أن تحكم؟».

وبانتظار اختيار وجه جديد لرئاسة المجلس، يدخل مجلس النواب في فراغ تشريعي غير مسبوق، لن تتضح معالمه ولا تأثيره في أي وقت قريب.

فهذه المرحلة التي تعيشها الولايات المتحدة، تجريبية بامتياز، وتاريخيتها تعني أن الكونغرس بشكل خاص وأميركا بشكل عام لم يختبرا أمراً من هذا القبيل في السابق طوال فترة تأسيس المجلس التشريعي منذ 234 عاماً.

ما هو واضح حالياً هو أن مجلس النواب في حالة جمود تشريعي تام باستثناء عملية التصويت لانتخاب رئيس. فلا يمكنه عقد جلسات للتصويت على تمويل الحكومة، أو تمويل أوكرانيا أو حتى الاستمرار بجلسات استماع عزل الرئيس الحالي جو بايدن حتى تنصيب رئيس جديد له.

وتحدث النائب أندي بار عن هذا الفراغ فقال في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز»: «إنه يوم حزين للحزب الجمهوري لأن كل يوم يمر من دون رئيس للمجلس هو يوم لا يمكننا أن نعقد فيه جلسات للعزل. وهو يوم لا نستطيع فيه أن نُقر تمويلاً محافظاً. وهو يوم لا نستطيع فيه السعي لتأمين حدودنا».

وفي خضم هذه المعمعة التشريعية، تواجه الولايات المتحدة سلسلة من التحديات المقبلة التي تحتاج إلى تكاتف الحزبين لتخطيها؛ أبرزها تمويل المرافق الحكومية الذي سينتهي في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بالإضافة إلى تمويل أوكرانيا الذي يدفع البيت الأبيض ومجلس الشيوخ لإقراره بأسرع وقت ممكن. وقد اختصر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في النواب الجمهوري مايكل مكول المشهد، فوصف عزل مكارثي بـ«الصادم»، مشيراً إلى أن مغادرته ستنعكس سلباً على أوكرانيا وعلى صورة أميركا في الخارج.

بهذه الكلمات، وصف زعيم الديمقراطيين حكيم جيفريز مشهد الاقتتال الجمهوري، مضيفاً أن «إنهاء الحرب مسؤوليتهم».

لكن هذه الحرب ليست وليدة اليوم، بل بدت معالمها واضحة في جلسات انتخاب رئيس مجلس النواب في يناير، التي تطلبت 15 جولة تصويت قبل إنهائها وتنصيب مكارثي رئيساً للمجلس.

حينها لعب الرئيس السابق دونالد ترمب دوراً أساسياً في رأب الصدع وحشد الصف الجمهوري وراء مكارثي، داعياً حليفه المقرب مات غايتس حينها للتصويت لصالح «صديقه» مكارثي رغم العلاقة المضطربة بين الرجلين التي وصلت إلى ذروة اضطرابها بعد اقتحام الكابيتول، ليعود مكارثي ويتودد إلى الرئيس السابق خلال زيارة له في مقر إقامته في مارالاغو بفلوريدا.

ورغم هذا الدور الإيجابي لترمب حينها، فإن الرئيس السابق معروف بتحديه المتزايد للتقاليد الجمهورية، وخير دليل على ذلك رفضه المشاركة في المناظرات الرئاسية الجمهورية، وإصراره على عدم التوقيع على تعهد بدعم مرشح الحزب. تصرفات يقول البعض إنها تحفّز داعميه في الحزب، كغايتس، على تحدي المنظومة التقليدية التي وضعها الحزب الجمهوري منذ تأسيسه.

ولعلّ ما يشجع «متحدي المنظومة» هو استطلاعات الرأي التي تظهر ترمب في المقدمة رغم كل التحديات التي اختلقها من جهة وواجهها من جهة أخرى، بالإضافة إلى كمية التبرعات الهائلة التي يحصلون عليها مع كل تحدٍّ. وقد عوّل غايتس على هذه التبرعات في سلسلة من الرسائل الإلكترونية التي وجهها لمناصريه، مسلطاً الضوء على دوره في عزل مكارثي، وطالباً منهم تمويل حملته الانتخابية. وهو أمر أثار حفيظة الجمهوريين كحاكم الولاية التي يمثلها رون ديسانتس، الذي قال: «عندما تتخذ قراراً بالتصرف، يجب أن يكون هذا مرتكزاً على أن القرار صائب. ولا يجب التصرف بهدف الحصول على تبرعات...».

وفي ظل هذه التجاذبات والانشقاقات الجمهورية، يتململ الجمهوريون قلقين من أن يؤدي الاقتتال إلى تنصيب زعيم الديمقراطيين حكيم جيفريز رئيساً للمجلس.
احتمال بسيط لكنه وارد، فرئيس المجلس يحتاج للأغلبية لوصوله إلى سدة الرئاسة، هذا يعني أن غياب توافق جمهوري، وانقسام الأصوات لصالح عدد من المرشحين قد يؤدي في نهاية المطاف إلى فوز جيفريز بالأغلبية في ظل وحدة الصف الديمقراطي، ليشكل الأمر في حال حصوله سابقة تاريخية، في عهد محكوم بالسوابق

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

عزل المتحدًث بإسم الكونغرس الأميركي للمرة الاولى في تاريخ أميركا

 

بايدن يُطالب الكونغرس بالتصويت على مساعدات لأوكرانيا عقب تجنب الإغلاق الحكومي

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا تواجه فراغاً تشريعياً للمرة الأولى ومكارثي يغادر محذراً من انهيار المؤسسة أميركا تواجه فراغاً تشريعياً للمرة الأولى ومكارثي يغادر محذراً من انهيار المؤسسة



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:21 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة
 العرب اليوم - ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة

GMT 23:36 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً
 العرب اليوم - طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد هنيدي يتراجع عن تقديم عمّ قنديل في رمضان 2025
 العرب اليوم - محمد هنيدي يتراجع عن تقديم عمّ قنديل في رمضان 2025

GMT 15:16 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العلاقة بين الاكتئاب وحرارة الجسم دراسة جديدة تسلط الضوء

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 04:05 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع عدد المصابين بأخطر سلالة من جدري القرود في بريطانيا

GMT 18:25 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مانشستر سيتي يرصد 150 مليون يورو لضم رودريغو

GMT 18:20 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

17 ألف ريال غرامة للهلال السعودي بسبب أحداث مواجهة النصر

GMT 02:26 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة لاعب وإصابة 4 بسبب صاعقة رعدية بملعب كرة قدم في بيرو

GMT 03:11 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمطار الغزيرة تغمر مطار برشلونة في إسبانيا

GMT 18:15 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة لاعب وإصابة 5 بـ صاعقة في بيرو

GMT 13:14 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط مروحية عسكرية مصرية ووفاة ضابطين أثناء تدريب

GMT 15:29 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير من مخاطر استخدام ChatGPT-4o في عمليات الاحتيال المالي

GMT 03:42 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يواصل هجماته على إسرائيل ويطلق 90 صاروخًا

GMT 18:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

آينتراخت فرانكفورت يحدد 60 مليون يورو لبيع عمر مرموش

GMT 19:28 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

قتلى من حزب الله بقصف إسرائيلي على محيط السيدة زينب في دمشق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab