اعتبر أغلب السياسيين العراقيين في استطلاع للرأي حول "استفتاء" اقليم كردستان العراق، وما يخلّفه من تداعیات، أن هذا الاستفتاء سيتم الغائه، فیما توقع اخرون بأنه سيواصل مشروعه الانفصالي. وأكد 92 %من السياسيين أن الاستفتاء سيتم الغائه وانه غیر الدستوري ، مما تسبب تنحي رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني، في حین رأى 8 % أن الاستفتاء سيمضي مشروعه، مدعوما من قبل اطراف فضلت الصمت.
ويشیر الاستطلاع الذي قام به موقع " العرب اليوم " إلى أن ھذه الاستنتاج يمثل وجھة نظر قراءھا فقط، من دون ان يكون استطلاعا على المستوى العام. واتخذت الحكومة الاتحادية إجراءات قانونیة بسبب التصويت على الاستقلال، وفرضت عقوبات على بنوك كردية وحظرت الرحلات الدولیة للإقلیم، كما تسعى لبسط سیطرتھا على المناطق المتنازع عليها وحصر الاقليم في زاوية ضيقة ونقل السلطة والرأي إلى العاصمة بغداد لزيادة الضغط على سلطات الإقلیم.
ويرى خبراء قانون، أن القانون العراقي يسمح باعتقال بارزاني لأسباب عديدة أبرزھا انتھاك الدستور وتعريض وحدة البلاد إلى الخطر، والسعي إلى تقسیم البلاد والسماح برفع علم إسرائیل داخل الأراضي العراقیة وتمجید الدولة العبرية وتسويقھا في داخل البلاد. ودعا نائب رئیس الجمھورية نوري المالكي، في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2017 ،إلى إدامة الحصار على بارزاني، ووصف رئاسته للإقلیم بفاقدة الشرعیة، مؤكداً على سقوط مغامرة التقسیم.
وأفاد مصدر مطلع، في 20 أيلول/سبتمبر 2017 ،أن أغلب السواح العرب في السلیمانیة تركوا الفنادق وخرجوا من المدينة. وفي مقابل ذلك تلوح في الأفق محاولات لمشاريع مريبة، من جھات سياسية ونیابیة، لإنقاذ بارزاني، من ورطة الاستفتاء التي جعلته محاصرا في الداخل والخارج. وھذه القوى والشخصیات، لم تتحرك وقتھا إلى لجم مساعي بارزاني الانفصالية وخرقه للدستور، فیما ھي الیوم تعجل في إعادة تأھیله من جديد، في حوارات معه خارج سقف الدستور.
وأكد رئیس الوزراء حیدر العبادي، في 3 تشرين الأول/أكتوبر 2017 ،أن "لا حوار مع سلطات إقلیم شمال العراق إلا بعد إلغاء نتائج الاستفتاء".
وخاطب العبادي في وقت سابق القيادة الكردية على الدخول في حوار قائلا "يجب أن يُلغى هذا الاستفتاء ونبدأ في حوار في إطار الدستور. لن ندخل في أي حوار بناء على نتائج مثل هذا الاستفتاء". وأكد العبادي في كلمة أمام البرلمان في بغداد أن الحكومة المركزية لن تناقش على الإطلاق نتائج الاستفتاء.
ورجح عدد من الزعماء الاكراد بأبقاء نتائج الاستفتاء ومن بينهم وزير النقل في حكومة اقليم كردستان، مولود مراد ، فيما أكد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي، عبد الباري زيباري، أنه لا يمكن إلغاء نتاج استفتاء إقليم كردستان بقرار سياسي. وقال زيباري إنه من الناحية القانونية الشعب الذي صوت هو فقط الذي يملك هذا الحق في الإلغاء.
وتابع قائلا "مسألة الإلغاء، لا يمكنها ان تحصل ،لانه شيء حدث،من الناحية القانونية، الذي له الحق في الغاء القرار هو الطرف الذي اعطى الصوت، والطرف الذي اعطى الصوت هو شعب إقليم كردستان". وفي الجهة المضادة للأستفتاء تقول النائبة من الاتحاد الوطني الكردستاني في البرلمان العراقي، ألا طالباني بأنه سوف يتم الغاء الاستفتاء، وشاطرها في الرأي المسؤول العام للجهاز الكردي لمكافحة الإرهاب في منطقة السليمانية، معقل الاتحاد الوطني الكردستاني لاهور شيخ جنكي، وكذلك رئيس برلمان كردستان العراق، يوسف محمد، رئيس إقليم كردستان العراق الذي جمعوا على الغاء الاستفتاء من قبل الحكومة المركزية .
وفي مركز الحكومة الاتحادية العاصمة ببغداد يصّر التحالف الوطني على الغاء استفتاء إقليم كردستان العراق ،معتبراً إياه غير دستوري، ويدعو الحكومة العراقية إلى اتخاذ جميع الوسائل الداعمة لترسيخ وحدة العراق أرضاً وشعباً. ومن داخل مجلس النواب العراقي يرى النائب عن ائتلاف دولة القانون، عبد السلام المالكي أن الغاء الاستفتاء تحصيل حاصل لانقاش فيه .
وكشفت النائب عن ائتلاف دولة القانون سميرة الموسوي، عن وجود تحرك نيابي لطرح اقتراح "استفتاء عراقي" يقضي بإعلان تأييد شعبي رافض لفكرة الانفصال الكردي وإلغاء فكرة الإقليم وإرجاع محافظات الشمال إلى العراق ، اضافة الى الغاء الاستفتاء . وقالت الموسوي، أنها "قدمت مقترح لأعضاء مجلس النواب يهدف لإلغاء فكرة الإقليم وانتهاء فصل فكرة الانفصال الكردي وحلم الدولة الكردية"، مشيرة إلى ان "المقترح هو استفتاء عراقي يطرح على البرلمان، وإذا تمت الموافقة عليه يخرج للعراقيين للموافقة على استرجاع محافظات الشمال وإلغاء فكرة الإقليم".
أما حزب الدعوة الإسلامية يرى أن القرار الانفرادي هو "غير الشرعي" ويؤدي إلى تمزيق العراق، وتفجير الحروب والقتال والنزاع. وقال مستشار رئيس مجلس النواب العراقي، خالد الناصر إن " مسعود بارزاني، لم يكن يسعى لإنشاء دولة كردية، بل يريد الحصول على مكاسب جغرافية، فيما يتعلق بالمناطق المتنازع عليها، مستغلا هذه الفترة الحرجة، وهو لديه مشكلة دستورية تتعلق برئاسته للإقليم، هل هي شرعية أم لا؟".
وأشار إلى أن هذا الأمر لم يمر بسهولة في ظل معارضات إقليمية ودولية وإشكاليات قانونية ودستورية تتعلق بالصلاحيات الحصرية للسلطة الاتحادية فيما يتعلق بالقضايا السيادية ، مؤيداً الغاء الاستفتاء بشكل كلي . وبالمقابل أعتبر النائب عن محافظة نينوى "عبد الرحمن اللويزي" ، ان ازمة الاستفتاء غير الشرعي الذي اجرته سلطات اقليم كردستان نهاية الشهر الماضي ، أضر بالبارزاني وبإقليم كردستان ككل.
وبين النائب عن محافظة نينوى ، أنه في المحصلة النهائية أضر تعنته نفسه وشعبه ومصالح الولايات المتحدة ، وأربك جميع حساباتها في المنطقة، وأمام هذا الضرر الكبير الذي لحق بالمصالح الأميركية، يبقى السؤال قائماً، هل ستستمر الولايات المتحدة في تحمل عناد البارزاني على حساب مصالحها ، أم ستضحي به من أجل مصلحة أكبر؟ .
أرسل تعليقك