بغداد – نجلاء الطائي
أقدم مسلحون مناهضون لـ"داعش"، على إحراق مركبة تابعة للمتشددين وسط مدينة الموصل المقبلة على معركة واسعة لتحريرها، في وقت وزعت كتائب مسلحة محلية في مدينة الموصل، منشورات حثّت فيها الأهالي على حمل السلاح ضد تنظيم "داعش".وقال مصدر محلي لـ"العرب اليوم" ، ان عناصر من كتائب أحرار نينوى فصيل القعقاع أحرقوا مركبة لـ"داعش" في حي الرفاق شرقي الموصل. وكانت كتائب احرار نينوى، التي تشكلت أخيرًا، وزعت منشورات ورقية في شوارع الموصل تخاطب السكان باللهجة الموصلية وتحثهم على جمع السلاح وتشكيل فصائل المقاومة مع إعلان ساعة الصفر وتحديد أهداف لضربها.
يقول سكان ومسؤولو أمن عراقيون إن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" سحق مخطط تمرد في مدينة الموصل قاده أحد قادة التنظيم الذي كان يعتزم تغيير ولائه والمساعدة في تسليم عاصمة دولة الخلافة إلى قوات الحكومة. وأعدم التنظيم 58 شخصا يشتبه بأنهم شاركوا في المخطط بعد الكشف عنه الأسبوع الماضي. وقال السكان الذين تحدثوا إلى "رويترز" من بعض الأماكن القليلة التي لا تزال تعمل بها خدمات الاتصالات إن المتآمرين قُتلوا غرقا ودفنت جثثهم في مقبرة جماعية في أرض بائرة على مشارف المدينة.
ومن بينهم مُساعد محلي لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي قاد المشاركين في المخطط وفقا لروايات متطابقة من خمسة سكان ومن هشام الهاشمي وهو خبير في شؤون الدولة الإسلامية يقدّم المشورة للحكومة في بغداد ومن العقيد أحمد الطائي من قيادة عمليات محافظة نينوى. ولن تنشر "رويترز" اسم قائد المخطط لتفادي زيادة المخاطر الأمنية على أسرته كما لن تكشف عن هويات اولئك الذين تحدثوا عن المخطط من داخل المدينة.
وكان هدف المتآمرين تقويض دفاعات الدولة الإسلامية في الموصل في المعركة المقبلة والمتوقع أن تكون الأكبر في العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003. وتعتبر الموصل هي المعقل الرئيسي الأخير للدولة الإسلامية في العراق. وكان يسكنها قبل الحرب نحو مليوني شخص وهي أكبر خمس مرات من مساحة أي مدينة أخرى سيطر عليها التنظيم. ويقول مسؤولون عراقيون إن هجوما بريا كبيرا قد يبدأ هذا الشهر بدعم من قوة جوية أمريكية وقوات الأمن الكردية ووحدات شيعية وسنية غير نظامية.
ونجاح الهجوم على الموصل سيدمّر فعليا الشطر العراقي من دولة الخلافة التي أعلنتها الجماعة المتشددة عندما اجتاحت شمال العراق في 2014. لكن الأمم المتحدة تقول إنه قد يتسبّب أيضا في أكبر أزمة إنسانية في العالم وقد يؤدي في أسوأ سيناريوهاته إلى تشريد مليون شخص. ويرابط مقاتلو الدولة الإسلامية في خنادق للدفاع عن المدينة ولهم باع في استخدام المدنيين كدروع بشرية في الدفاع عن الأراضي التي يسيطرون عليها.
ويقول الهاشمي إن المنشقين أُلقي القبض عليهم بعد الإمساك بأحدهم ومعه رسالة على هاتفه تتحدث عن نقل أسلحة. واعترف اثناء الاستجواب بأن الأسلحة كان مخبأة في ثلاثة مواقع لاستخدامها في التمرد دعما للجيش العراقي عندما يقترب من الموصل. وذكر أن التنظيم داهم ثلاثة منازل استخدمت لإخفاء الأسلحة في الرابع من أكتوبر/ تشرين الأول. وفي بغداد قال المتحدث باسم وحدة مكافحة الإرهاب العراقية صباح النعماني "هؤلاء كانوا أفرادا من داعش (الدولة الاسلامية) انقلبوا ضد التنظيم في الموصل، هذا مؤشر واضح إلى أن هذه المنظمة الإرهابية بدأت تفقد الدعم ليس فقط من قبل السكان بل حتى من قبل أفرادها."
ولم يتمكّن متحدث باسم التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة والذي ينفذ ضربات جوية ضد أهداف للتنظيم في سورية والعراق من تأكيد أو نفي الروايات عن المخطط المُحبَط. وبدت مؤشرات إلى انشقاقات داخل الخلافة هذا العام عندما طُرد التنظيم السني المتشدد من نصف الأراضي التي سيطر عليها قبل عامين في شمال وغرب العراق. وعبّر بعض الأشخاص في الموصل عن رفض لحكم التنظيم المتشدد بكتابة حرف "م" على الجدران في إشارة إلى "المقاومة" أو كتابة كلمة "مطلوب" على منازل المتشددين. وتعاقب مثل هذه الأفعال بالقتل.
وقال النعماني إن وحدته نجحت على مدى الشهرين المنصرمين في فتح قنوات اتصال مع "متعاونين" بدأوا يقدمون معلومات ساعدت في توجيه ضربات جوية لمراكز قيادة المتشددين ومواقعهم في الموصل. وذكر السكان أن قائمة بأسماء أصحاب المخطط الثمانية والخمسين الذين أعدموا سلمت إلى مستشفى لإخطار أسرهم لكن التنظيم لم يُرجع جثثهم. وقال أحد السكان وهو قريب لواحد ممن نُفّذ فيهم حكم الإعدام "البعض من أقارب المعدومين أرسلوا نساء كبار السن للاستفسار عن الجثث فقامت عناصر "داعش" بتوبيخهم وقالوا لهم لا توجد جثث ولا قبور. هؤلاء خونة مرتدون ومحرّم دفنهم في مقابر المسلمين."
وقال العقيد الطائي "بعد الانقلاب الفاشل قام "داعش" بسحب الهويات الخاصة التي أصدرتها للقادة المحليين لمنعهم من الهرب من الموصل مع عوائلهم." وذكر أحد السكان أن الدولة الإسلامية عينت مسؤولا جديدا هو محسن عبد الكريم أوغلو وهو قيادي في وحدة القناصة ومعروف عنه الصرامة الشديدة لمساعدة حاكم الموصل أحمد خلف الجبوري في الحفاظ على السيطرة. ووضع متشددو التنظيم شراكا خداعية في ارجاء الموصل وحفروا خنادق وجنّدوا أطفالا للعمل كجواسيس في إطار استعداداتهم للهجوم المرتقب.
أرسل تعليقك