يجتمع ممثلون عن التيارات المختلفة داخل المعارضة السورية والفصائل المقاتلة، للمرة الأولى منذ بدء النزاع السوري، حول طاولة واحدة في الرياض الثلاثاء المقبل، للبحث عن رؤية موحدة يحملونها إلى مفاوضات "محتملة" مع النظام، ويبدو المكون الكردي الغائب الأبرز، لعدم تلقيه أي دعوة للمشاركة.
وتستضيف السعودية، الداعمة للمعارضة التي تقاتل النظام السوري، اللقاء في إطار توصيات مؤتمر فيينا حول سوريا، والذي انعقد في 30 تشرين الأول/أكتوبر بمشاركة 17 دولة بينها الولايات المتحدة وروسيا وإيران والسعودية، في غياب ممثلين عن النظام السوري والمعارضة.
وأبرز مكونات المعارضة السورية في الخارج ومن المقرر أن يرسل 20 ممثلًا عنه إلى مؤتمر الرياض.
ويضم الائتلاف عددًا من الشخصيات والأحزاب والمكونات العرقية المتنوعة، وممثلين عن عدد من الفصائل العسكرية، لكنه يتهم برغم ذلك بأنه لا يمثل كافة الفصائل المقاتلة الفاعلة على الأرض.
وانبثق عن لقاء استضافته القاهرة في شهر كانون الثاني/يناير الماضي بمشاركة معارضين من توجهات مختلفة. وجمع في حزيران/يونيو قرابة 150 معارضًا يعيشون داخل سوريا وخارجها، بينهم قوى كردية. ومن أبرز مؤسسيه المعارض البارز هيثم مناع، وقال مناع إن عشرين شخصية سيمثلون هذا التجمع في الرياض.
وشارك ممثلون عن هذا التجمع في لقاءات استضافتها موسكو في وقت سابق، ويقدم نفسه كبديل عن الائتلاف المعارض، ويعتبر أن "لا مكان" للأسد في مستقبل سوريا.
وتأسست في 2011 وتضم أحزابًا قومية ويسارية وكردية وشخصيات وطنية، أبدت رفضها للتدخل الخارجي في سوريا منذ اندلاع النزاع. ومع أنها تعد من أبرز مكونات المعارضة المقبولة من النظام، تعرض عدد من قيادييها للاعتقال في السنوات الثلاث الماضية، أبرزهم عبد العزيز الخير ورجاء الناصر. وهي من القوى التي شاركت في لقاءات استضافتها موسكو في العامين 2014 و2015.
وبحسب المنسق العام حسن عبد العظيم، ستشارك هيئة التنسيق في مؤتمر الرياض بعد تلقيها دعوة.
ولم يتضح ما إذا كانت مكونات أخرى من معارضة الداخل، كـ"تيار بناء بناء الدولة السورية" الذي يرأسه المعارض لؤي حسين والجبهة الشعبية للتغيير والتحرير برئاسة قدري جميل، قد تمت دعوتها للمشاركة في هذا المؤتمر.
معارضون مستقلون
من المرجح أن تتم دعوة مجموعة من الشخصيات المعارضة المستقلة، وبينها ناشطون ورجال أعمال لكن أسماءهم لم تعلن بعد.
ومن المتوقع مشاركة 15 ممثلًا عن الفصائل المقاتلة في مؤتمر الرياض، وفق مصدر سياسي معارض. لكن التفاصيل حول هوية هذه المجموعات لا تزال غامضة.
وأكد "جيش الإسلام"، الفصيل المسلح النافذ في ريف دمشق، تلقيه دعوة للمشاركة في اجتماع الرياض، من دون أن يعلن إذا كان ينوي تلبية هذه الدعوة أم لا.
ومن المرجح أن تكون الجبهة الجنوبية، التي تتلقى دعمًا غربيًا وتنشط في جنوب سوريا، في عداد الفصائل التي تمت دعوتها، إلا أنها لم تعلن ذلك رسميًا.
ورفضت حركة أحرار الشام، الفصيل الإسلامي (غير الجهادي) الأكثر نفوذًا في سوريا، التعليق على تقارير نشرتها صحف سعودية حول دعوتها للمشاركة في مؤتمر الرياض. ولم يصدر عنها أي موقف رسمي بهذا الصدد.
ويغيب حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وذراعه العسكري، وحدات حماية الشعب الكردية، عن الاجتماع على الرغم من الدور العسكري البارز الذي لعبته الوحدات ميدانيًا في مواجهة تنظيم "داعش"، بمساندة من الائتلاف الدولي بقيادة واشنطن. وأكدت مصادر كردية أن الحزب لم يتلق أي دعوة.
ولم تتلق "قوات سوريا الديمقراطية" التي تضم فصائل كردية وعربية وتمكنت من طرد تنظيم "داعش" من مساحات واسعة في شمال شرق سوريا في الشهرين الأخيرين أي دعوة للمشاركة في مؤتمر الرياض.
وأعلنت وكالة الأنباء السعودية أن المملكة ستستضيف اجتماعًا لجماعات المعارضة السورية في الفترة من الثامن إلى العاشر من ديسمبر/كانون الأول بهدف اختيار ممثلين للمحادثات الدولية التي ستجرى مستقبلًا بشأن سوريا.
ويمثل اجتماع السعودية محاولة لتوحيد صف الجماعات المعارضة التي يعتبر تشرذمها عقبة منذ وقت طويل على طريق الحل السلمي للأزمة المستمرة منذ قرابة خمس سنوات.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية قوله "وجهت المملكة العربية السعودية الدعوة لكافة شرائح المعارضة السورية المعتدلة بمختلف فئاتها وتياراتها وأطيافها العرقية والمذهبية والسياسية داخل سوريا وخارجها للمشاركة في اجتماع موسع للمعارضة السورية في العاصمة الرياض."
وأضاف المصدر أن "المملكة ستوفر كافة التسهيلات الممكنة لتتمكن المعارضة السورية من إجراء المفاوضات فيما بينها وبشكل مستقل."
وتعد السعودية من أقوى مؤيدي جماعات المعارضة التي تسعى للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد الذي أصبح مصيره نقطة خلاف في محاولات التوصل لاتفاق سلام.
ولن يضم الاجتماع تنظيم "داعش" الذي سيطر على مساحات من الأراضي في شرق سوريا وشمال غرب العراق وأعلن قيام خلافة. وتنفذ الولايات المتحدة وحلفاؤها ضربات جوية ضد التنظيم في البلدين.
وتقاتل العديد من جماعات المعارضة السورية التنظيم المتشدد كما يقاتله نظام الأسد. ولن تشارك في الاجتماع أيضا جبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة في سوريا والتي تدرجها الولايات المتحدة والأمم المتحدة على قائمة الجماعات الإرهابية.
وأكد جيش الإسلام وهو أحد فصائل المعارضة المسلحة وجماعتان اخريان على تلقي دعوات للمشاركة في اجتماع الرياض على الرغم من أن جيش الإسلام لم يذكر ما إذا كان سيحضر الاجتماع أم لا.
وقال أعضاء من المعارضة السياسية السورية في المنفى إن الاجتماع سيجمع 65 ممثلا على الأقل لجماعات سياسية وجماعات مسلحة.
وانتقدت إيران مؤتمر المعارضة قائلة إنه سيؤدي إلى فشل المحادثات الدولية. وقالت طهران إن مصير الأسد يجب أن يحدده الشعب السوري فقط.
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، السبت، إن الجولة المقبلة من المحادثات الدولية بشأن سوريا ستجرى في نيويورك هذا الشهر.
وفي الشهر الماضي التقت روسيا والولايات المتحدة ودول أخرى من أوروبا والشرق الأوسط في فيينا حيث تم وضع خطة من أجل عملية سياسية في سوريا تؤدي إلى إجراء انتخابات خلال عامين.
وقال منذر أقبيق عضو الائتلاف الوطني السوري ومقره تركيا إن الدعوة وجهت إلى وفد من الائتلاف مؤلف من 20 عضوًا للمشاركة في اجتماع الرياض. والائتلاف هو المعارضة السياسية الرئيسية المدعومة من الغرب إلا أن صلاته ضعيفة بمقاتلي المعارضة على الأرض وينظر إليه على أنه بعيد عن المواطنين بوجه عام.
وتأسس الائتلاف السوري المعارض في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 في الدوحة، بموجب اتفاق بين المجلس الوطني السوري وقوى معارضة أخرى. وحظي باعتراف رسمي من أكثر من 120 دولة في مؤتمر أصدقاء سوريا الذي استضافته مراكش نهاية 2012 بوصفه "ممثلا وحيدا للشعب السوري". ويرأسه حاليا خالد خوجة المستقر في تركيا.
وشارك الائتلاف مع وفد من النظام السوري في جولتي مفاوضات عقدت في نهاية 2013 ومطلع 2014 في جنيف بإشراف الأمم المتحدة، دون تحقيق أي تقدم. ويتمسك الائتلاف بشرط رحيل الأسد عن السلطة وبمقررات "جنيف 1" الصادرة في 2012 والتي تنص على تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة.
أرسل تعليقك