مابين النفي والتأكيد تفتت حقيقة المعلومة عن بدء تدفق قوات عسكرية أميركية إلى معسكر "كي وان"، في مدينة كركوك، من أجل تشكيل غرفة عمليات مشتركة مهمتها التنسيق والتعاون بين تلك القوات والجيش العراقي، تحت ذريعة حماية أمن كركوك، في وقت نفت العمليات المشتركة، السبت، ما تناقلته مواقع الكترونية تقف خلفها "أجندات مكشوفة الأهداف" بشأن انتشار قوات أميركية في قضاء طوزخورماتو، فيما دعت إلى "عدم التعاطي" مع الجهات المروجة لها.
ونقلت مصادر في قيادة قوات مكافحة الإرهاب الكردية، تأكيدها بأن هذه الخطوة تأتي بناءً على طلب من رئيس جهاز مخابرات كردستان لاهور شيخ جنكي، خلال لقائه قائد القوات الأميركية في العراق وسورية الجنرال جيمي جيرارد، قبل ثلاثة أسابيع بهدف التعاون في جهود مكافحة الإرهاب وحماية الوضع الأمني.
يقول الدكتور واثق الهاشمي، عن موضوع دخول قوات امريكية الى محافظة كركوك:
إن حديث دخول قوات أميركية إلى كركوك، هو حديث يتم تداوله عبر وسائل الإعلام، لكن هناك بيان صدر من خلية الإعلام الحربي، ينفي حدوث هذا الأمر جملة وتفصيلا، حيث يقول البيان بعدم وجود قوات أميركية في كركوك، ومن يسيطر على الوضع الأمني في كركوك هو جهاز مكافحة الإرهاب، لذا فإن الموضوع قد يدخل في باب الإشاعات، خاصة ونحن اليوم في حملة انتخابية بدأت بصورة مبكرة، والحكومة الاتحادية لا تخشى شئ اذا قالت إنها استعانت بقوات أميركية في كركوك.
ولفت الى إن الكرد يشعرون بالإحباط، فخطوة البارزاني بإجراء الاستفتاء أضاعت عليهم كل ما بناه الإقليم منذ عام 1992 ولحد الآن، حتى الجانب الأميركي نصح البارزاني بعدم الذهاب باتجاه هذه الخطوة، لأن عواقبها سوف تكون وخيمة، وبالتالي يحاول الآن السيد البارزاني إعادة العلاقات، لكن لاتوجد بارقة أمل بهذا الاتجاه، قد تكون هناك رغبة كردية بدخول قوات أميركية إلى كركوك، لكن الفاعل الأساسي في هذا الموضوع هو الحكومة العراقية.
لا يمكن تدويل قضية كركوك، فاليوم كل العالم مع العراق الواحد الموحد، بعد أن كانت هناك اجندات خليجية وأميركية لتقسيم العراق، هناك تأييد دولي للعراق بعد انتصاره على داعش، كما أن الحكومة العراقية هي حكومة ديمقراطية منتخبة، وفيها تمثيل من المكون الكوردي، لذا لا يمكن تدويل قضية كركوك، فهي محافظة عراقية وتضم جميع المكونات.
بالمقابل نفت العمليات المشتركة، السبت، ما تناقلته مواقع الكترونية تقف خلفها "أجندات مكشوفة الاهداف" بشأن انتشار قوات أميركية في قضاء طوزخورماتو، فيما دعت الى "عدم التعاطي" مع الجهات المروجة لها.
وقالت العمليات في بيان صحافي تلقى " العرب اليوم " نسخة منه، إن "بعض المواقع الالكترونية في أربيل تستمر ببث الشائعات والاخبار غير الصحيحة التي تزعم انتشار قوات أميركية في قضاء طوز خورماتو".
وأضافت العمليات، أن "قيادة العمليات المشتركة تنفي هذه المزاعم والاخبار الملفقة جملة وتفصيلا"، داعية إلى "عدم التعاطي مع الجهات المروجة لها التي تقف خلفها اجندات مكشوفة الاهداف".
وكان نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية نايف الشمري أكد، الجمعة، أن العراق ليس بحاجة لوجود قوات أميركية برية أو بناء قواعد لها، فيما شدد على ضرورة عدم جعل الاراضي العراقي "منطلقًا للاعتداء على دول أخرى".
وكان النائب عن محافظة كركوك محمد عثمان كشف، الأربعاء (29 تشرين الثاني 2017)، عن وصول قوات أميركية تابعة للتحالف الدولي إلى المحافظة، مشيرًا إلى أن تلك القوات لعبت دوراً مهما في محاربة تنظيم "داعش".
وتنذر المعطيات الأمنية في كركوك من بروز جماعة متطرفة تستعد لأن تكون بديلا عن تنظيم داعش، الذي تم طرده من آخر معاقله في المحافظة مطلع تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وتشير بعض الخروق التي شهدتها مدينة طوزخورماتو التركمانية، مؤخرا، الى وجود تنظيم يطلق على نفسه (الرايات البيضاء) او (السفيانيين). وتتبنى الجماعة أفكار وأساليب تنظيم داعش، لكنها لم تسجل عملية انتحارية باسمها حتى الآن.
ويرصد مسؤولون ومراقبون التباساً في مكان وتوقيت ظهور (جماعة السفيانيين) التي يعتقد أنها تشكلت من بقايا داعش الهاربين من الحويجة، فقد برزت المجموعة في مناطق الصراع الواقعة بين بغداد وإقليم كردستان، وفي وقت تقترب فيه الحكومة الاتحادية من الاعلان رسمياً عن هزيمة "داعش".
وجرى الاشتباك الاول بين (الرايات البيضاء) مع فصائل من الحشد الشعبي في مناطق تضم نازحين من العرب السنة بالإضافة إلى نازحين كرد فروا مؤخرا من طوزخرماتو.
هذه المعطيات دفعت بعض الجهات الى الاعتقاد، بأن ما حدث في تلك القرى هو رد فعل من بعض النازحين على الأحداث التي شهدتها مدينة الطوز، التي أدت إلى إحراق مئات المنازل والمحال التجارية.
لكنّ أطرافا كردية تعزو ما يحدث هناك الى محاولات "استفزازية" ضد أهالي تلك المناطق لإفراغها من الكرد، عن طريق عناصر مسيئة داخل الحشد.وانتشرت القوات الاتحادية وفصائل من الحشد الشعبي، في منتصف تشرين الاول الماضي، داخل مدينة الطوز ثم دخلت الى مركز كركوك.
وأدت عملية الانتشار الى هروب نحو 100 ألف شخص من مناطق كركوك الى إقليم كردستان، وشهدت مدينة الطوز اشتباكات بين فصائل من الحشد التركماني وأطراف كردية، وشهدت كركوك، مساء الأربعاء الماضي، قتل 3 من منتسبي الحشد وإصابة 7 آخرين، خلال اشتباك مسلح مع جهة مجهولة في جنوب شرق داقوق، بحسب نجاة حسين العضو التركماني في مجلس محافظة كركوك.
ويقول حسين، إن "قوة من الحشد وقعت في كمين بمنطقة تسمى جنبور، قرب مواقع التماس بين القوات الاتحادية والبيشمركة، وقامت بالاتصال مع فصائل أخرى من حشد طوز خرماتو الذي جاء مع قوة من الجيش".
وأضاف المسؤول التركماني إن "القوة التي جاءت وقعت في كمين هي الاخرى، وتسبب ذلك بسقوط شهداء وجرحى"، وأكد أن "الجهة المسلحة المجهولة فرت بعد ذلك الى الجبال".وينفي حسين، وهو أمين تيار الحكمة في كركوك، علمه بهوية المسلحين. لكنه يؤكد ان جهات في طوزخرماتو، تتحدث عن تشكيل إرهابي جديد يسمى الرايات البيضاء او السفيانيين، ينشط في مناطق قرب داقوق.
لكنّ قائد تنظيم الشمال في منظمة بدر ووزير حقوق الإنسان السابق محمد مهدي البياتي، يتحدث عن امتلاكه معلومات ان "الرايات البيضاء لديها معسكرات في تلك المواقع وبنفس أساليب داعش"، وأضاف البياتي، ان "تلك المجموعة هي من بقايا تنظيم داعش، وقد استغلت التوترات الاخيرة التي حدثت في كركوك لكي تهدد المحافظة وديالى ايضا".
ويشير الوزير السابق الى "وجود شواهد وعمليات مسلحة تؤكد وجود تلك المجموعة التي يرتدي عناصرها اللثام، وتتبنى التكفير شأنها شأن داعش، لكنها لم ترسل انتحاريين حتى الآن".
وإثر انتشار القوات الاتحادية، شهدت بعض مدن كركوك حالة من الفوضى وعدم الوضوح، بحسب مسؤول محلي، ويؤكد المسؤول، ان "كركوك تشهد عمليات قتل وتسليب للمنازل في وضح النهار، وفيها عدد غير معروف من التشكيلات المسلحة".
وأكد المسؤول المحلي ان "الحكومة في بغداد مغيبة عن الوضع في كركوك، وتستمع الى آراء غير منصفة"، محذراً من "انفجار الوضع في المحافظة"، على الصعيد ذاته، يقول شوان الداودي، النائب الكردي عن كركوك، إن المحافظة "تضم أنواع المسلحين والمتطوعين غير المنضوين في الحشد الشعبي، بالاضافة الى بقايا داعش".
وأكد الداودي، ان "كركوك كانت تضم 3 آلاف داعشي قبل تحريرها في تشرين الاول الماضي، فيما عثرت القوات على 800- 1000 جثة مسلح"، ويعتقد النائب الكردي هروب عناصر داعش المتبقين الى مناطق محيط كركوك، مشيرا الى تحذيرات حكومية من وجود مسلحين في مستنقعات الحويجة.
وكانت الاشتباكات الاخيرة قد حدثت في قرى تضم نازحين من الطوز، وآخرين من العرب السُنة، نزحوا منذ 3 سنوات من مناطق سليمان بيك، شرق تكريت، ويكشف الداودي، وهو عضو في الاتحاد الوطني الكردستاني، عن نزوح 50 الف كردي حتى الآن من الطوز، بعد تفجير 400 منزل وحرق ألف محل تجاري يمتلكها مواطنون كرد.
وبحسب الأمم المتحدة فمنذ 16 تشرين الأول فرّ 35 ألف مدني من مدينة طوزخورماتو، وكانت منظمة العفو الدولية اتهمت القوات العراقية بمهاجمة مدنيين كرد بطريقة عشوائية، وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها من افتعال حرائق وعمليات نهب في المدينة.
ويرى النائب شوان الداودي أن "ما يحدث في داقوق هو عملية إفراغ للكرد والسُنة كما حدث في طوزخرماتو، ورفض عودة سكان سليمان بيك، التي تحررت منذ أكثر من عامين"، وتحدث الداودي عن "اعتداءات بالرمانات اليدوية وبالرصاص على المنازل والشباب الكرد في المقاهي بشكل يومي".
وكان البرلمان قد شكل، الاربعاء الماضي، لجنة تحقيقية بخصوص أحداث قضاء طوزخورماتو، تضم أعضاء كرداً وعرباً وتركماناً، ويقول المسؤول المحلي في كركوك، الذي تحفظ على نشر اسمه، ان "المحال التجارية بالطوز التي كتب عليها تركماني سلمت من الحرق، فيما التي تحمل عبارة كردي التهمتها النيران".
أرسل تعليقك