تونس ـ أزهار الجربوعي
دعا الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي، الخميس، إلى وضع استراتيجية أفريقية موحدة لمكافحة الإرهاب والتصدي لتهريب السلاح، مشددا على أهمية إنجاح التجربة الديمقراطية في مالي، ودورها في ضمان استقرار منطقة الساحل والصحراء، جاء ذلك خلال قمم أفريقية ثنائية جمعت الرئيس التونسي بنظرائه الأفارقة عل غرار رئيس
الكونغو والتشاد والنيجر، خلال زيارة رسمية يؤديها إلى مالي بمناسبة تنصيب الرئيس المالي الجديد المنتخب إبراهيم بوبكر كايتا.
وجدد رئيس الجمهورية التونسية تهانيه لنظيره المالي بفوزه في انتخابات أكد أن "العالم شهد على شفافيتها ونزاهتها"، مشدّدا على أهمية إنجاح تجربة التحول الديمقراطي في مالي وتجاوز فترة عدم الاستقرار السياسي والأمني التي أثرت على كامل منطقة الساحل والصحراء.
وأكد الرئيس المالي على أهمية التعاون بين تونس ومالي، خصوصا على المستوى السياسي والاقتصادي، لافتا إلى أن تمكّن بلاده من كسب رهان تنظيم انتخابات ديمقراطية وشفافة، من شأنه أن يرسي مناخا جديدا من الثقة بين مختلف الأطراف السياسية وسيساهم في دفع أبناء الشعب المالي نحو مصالحة حقيقية، وفق تعبيره.
وكان للرئيس التونسي الدكتور محمد المنصف المرزوقي عدد من اللقاءات المهمة والقمم الثنائية مع زعماء القارة الأفريقية في باماكو على غرار رؤساء النيجر، تشاد، الكونغو ورئيس مفوضية دول غرب آسيا، فضلا عن لقائه بعدد من رجال الأعمال الماليين ووفد عن الجالية التونسية المقيمة في مالي.
وشدد الرئيس التونسي ونظيره النيجري محمدو يوسفو على أهمية إنجاح تجربة الانتقال الديمقراطي في مالي ومساعدته في تجاوز التحديات الأمنية والتي مثلت تهديدا جديا لدول منطقة الساحل والصحراء كافة، كما دعا الرئيس المنصف المرزوقي إلى ضرورة وضع إستراتيجية مشتركة لدول المنطقة قادرة على مواجهة ظاهرة تهريب الأسلحة والتصدي لبروز الجماعات مسلحة التي باتت تشكل خزّانا رئيسيا لظاهرة الإرهاب في المنطقة.
كما ناقش الرئيس التونسي، الخميس، مع الرئيس التشادي إدريس ديبي والكونغولي دنيس ساسو نغيسو، سبل تطوير التعاون بين الدول الأفريقية سيما من حيث المجال الاقتصادي ومجال التعاون الفني والصحي.
وأكد الرئيس التونسي لنظيره التشادي أهمية دعم حضور القطاع التونسي في السوق التشادية وتذليل الصعوبات التي يواجهها، سيما الشركات العاملة في مجال الأشغال الكبرى.
وأعرب رئيس مفوضية دول غرب أفريقيا شيخ حاجبو سوماري، عن اهتمام دول غرب أفريقيا بالانفتاح على تونس، في حين عبّر الرئيس المنصف المرزوقي، عن عزم تونس توطيد علاقتها مع هذا التجمع الإقليمي الاقتصادي والمالي الذي يضم قرابة ثمانية دول وسوق استهلاكية ضخمة، مشدّدا على أهمية توقيع اتفاقية تبادل حر مع دول غرب افريقيا، الأمر الذي سيمكن من فتح آفاق أخرى للعلاقات الاقتصادية بين الجانبين ويمنح القطاع الخاص فرص استثمارية فعلية في القطاع التجاري والخدماتي والتعاون الفني.
وخلال اجتماعه في العاصمة المالية في باماكو بعدد من رجال الأعمال الماليين، شدد المرزوقي على ضرورة الاهتمام بأفريقيا التي تمثل عمقا استراتيجيا وأرضية واعدة للاستثمار التونسي يجب العمل عليها خلال هذه الفترة، وفق قوله، داعيا إلى مزيد التشاور ووضع اليات ترمي إلى تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين والارتقاء بها إلى مستوى الشراكة.
وأكد رئيس جمعية الصداقة المالية التونسية حمودي سيدي أحمد، أهمية تعميق الشراكة بين البلدين في المجال الاقتصادي من خلال تشجيع المستثمرين التونسيين على الاستثمار في مالي التي تتوفر على إمكانيات استثمارية واعدة في مجال التعاون الصحي والسياحي والخدماتي، مؤكدا أن التجربة أثبتت كفاءة الإطارات التونسية وقدرتها على تقديم الإضافة في المجالات كافة.
واعتبر رئيس جمعية الصداقة المالية التونسية أن مالي مازالت تنتظر تدفق الاستثمارات التونسية خاصة في ظل وجود تسهيلات فعلية للقطاع الخاص والعام التونسي الذي بإمكانه فرض وجوده في السوق المالي.
ولدى تطرقه للوضع الداخلي في تونس، أثناء اجتماعه بأعضاء الجالية التونسية المقيمين في مالي، أكد الرئيس المرزوقي ثقته بقدرة التونسيين على تجاوز الأزمة السياسية الراهنة التي تعصف بالبلاد منذ اغتيال المعارض محمد البراهمي في 25 تموز/يوليو الماضي، داعيا إلى إجراء حوار حقيقي يجمع كافة الأطراف السياسية ويسهم في بلورة توافق حقيقي يفضي إلى صياغة دستور مدني وإتمام انتخاب أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في أقرب الآجال، وينتهي إلى انتخابات ديمقراطية وشفافة تضع حدا للمرحلة الانتقالية وتكون في خلال ستة أو سبعة أشهر.
وتركزت معظم تدخلات أفراد الجالية التونسية على ضرورة تركيز تونس في سياستها الاقتصادية، على مالي وأفريقيا من خلال وضع استراتيجية حقيقية للانفتاح على العمق الأفريقي الذي يتوفر على فرص استثمارية مهمة في القطاعين العام والخاص. كما أعرب بعض رجال الأعمال على أهمية تشجيع الدولة لهم خاصة وأنهم نجحوا في تركيز مشاريع تجارية وخدماتية مهمة في مالي من خلال تدعيم حضور الخطوط التونسية في السوق المالية وفي أفريقيا، نظرا لأهمية ذلك في تطوير العلاقات الاقتصادية وتسهيل التبادل التجاري بين البلدين.
ويؤدي الرئيس التونسي زيارة إلى باماكو رفقة وزير الخارجية عثمان الجارندي، تستمر يومين، شارك خلالها الرئيس المنصف المروقي في مراسم تنصيب الرئيس المالي الجديد، إبراهيم بوبكر كايتا، إلى جانب عدد من رؤساء ورؤساء حكومات عدد من بلدان العالم.
ويعتبر الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، الذي ما يفتؤ يكرر عبارته الشهيرة "لا مستقبل لتونس داخل تونس"، من أشد المناصرين لإعادة بلاده إلى عمقها المغاربي والإفريقي وتعميق حضورها في محيطها الإقليمي، وقد انتهج الرئيس التونسي المنصف المرزوقي منذ دخوله قصر قرطاج، سياسة تقوم على تغيير الخطوط العريضة للساسة الخارجية لبلاده التي كانت ترتكز على العلاقات الأوروبية بالدرجة الأولى، مع تهميش بقية الأبعاد المغاربية والأفريقية والعربية لتونس، وهو ما يعتبره المرزوقي "خطأ فادحا"، داعيا إلى إحياء وحدة حقيقية بين دول المغرب العربي ، مشددا على وحدة الصف الأفريقي الذي يرتبط مصيريا خصوصا من حيث قضايا الأمن والغذاء والاقتصاد والاستقرار السياسي.
أرسل تعليقك