غزة – محمد حبيب
غزة – محمد حبيب
أثارت تصريحات القيادي البارز في حركة حماس محمود الزهار حول استئناف العلاقات بين حركته وإيران بعد فتور واضح شهدته العلاقات خلال الفترة الماضية بسبب الموقف من الإحداث في سوريا،جدلاً واسعاً وردوداً من قبل بعض المراقبين الذين وصفوا الأمر وكأنه عودة للابن الضال إلى أحضان والده.وقال القيادي الزهار في لقاء مع الصحافيين في غزة
الاثنين الماضي ان "العلاقة بيننا في حماس وبين إيران استؤنفت" مشيرا إلى أن هذه العلاقة "كانت قد تأثرت بسبب الموضوع السوري ..وخرجت حماس من سوريا كي لا تكون مع هذا الطرف أو ذاك ،وقد أكدنا إننا لا نتدخل بالشأن السوري او شان اي دول عربية اخرى".
في غضون ذلك كشف القيادي في حركة حماس أحمد يوسف، عن زيارة سرية قام بها وفداً من حركته إلى طهران بهدف تخفيف حدة الخلافات في العلاقات المشتركة.
وقال يوسف ان "هناك أعضاء من المكتب السياسي للحركة ذهبوا في زيارة سرية إلى طهران والتقوا بالمسئولين الإيرانيين وحاولوا أن يصلوا إلى نهج تصالحي في قضية إدارة علاقاتهم الإستراتيجية لاسيما في ملف التعامل مع إسرائيل".
وأشار يوسف إلى انه كان من المتوقع أن يقوم رئيس الكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل بزيارة إلى طهران إلا انها لم تتم بسبب انشغال الجمهورية الإسلامية بالملف السوري وبناء علاقتها مع المجتمع الدولي (أمريكا والاتحاد الأوروبي).
وقال "يمكن لحركة حماس الانتظار ورئيس مكتبها السياسي لبعض الوقت حتى تنفرج بعض الملفات الخاصة في العلاقات الإيرانية الأمريكية الأوروبية، وتتم الزيارة بعد ذلك".
وفيما يتعلق بالعلاقة بين حماس وسوريّة، أكد يوسف ان حركته قررت قطع علاقتها بدمشق بسبب استمرار حالة القتل التي ينتهجها النظام تجاه شعبه، على حد قوله.
وذكر يوسف أن حماس تحاول بعد فقدان أحد حلفائها (سوريّة) فتح جبهات وعلاقات مع آخرين، قائلاً: "نسعى الآن للملمت علاقتنا مع إيران وحزب الله اللبناني، كذلك الحال بالنسبة لجمهورية مصر العربية وجهنا لها رسائل إيجابية على آمل أن تغير القاهرة طريقتها في التعامل معنا".
وغادرت حركة حماس ورئيس مكتبها السياسي خالد مشعل سوريّة إلى قطر بعد أن تخلت عن علاقاتها الوثيقة مع النظام السوري في أعقاب اندلاع الاضطرابات الداخلية في البلاد.
وبحسب الأجواء لدى قيادة حماس، فإن تقدماً كبيراً حصل على صعيد تحسين العلاقة مع إيران، وقد استؤنف الدعم الإيراني لكتائب عز الدين القسام ولحكومة إسماعيل هنية قبل فترة بعدما أدى توقفه إلى صعوبات كبيرة واجهت الجناح العسكري للحركة، وإلى توقف مساعدات كانت تقدمها حكومة هنية في مجالات مختلفة، كذلك استؤنف التواصل على صعيد ملفات أكثر سخونة، من العراق إلى سوريا إلى المخيمات الفلسطينية.
وأشارات المصادر الى أن«حماس» مهتمة كثيراً بدفع القطريين والأتراك نحو تفعيل العلاقة مع إيران، وتسعى إلى بناء تفاهمات لا تلزم الأطراف كافة بخطوات سريعة أو حاسمة بالنسبة إلى الملف السوري. لكن الحركة تعرف، كما تركيا وقطر، أن إيران التي تمتلك استراتيجية خاصة في المنطقة، تعوّل كثيراً على تحوّل في السياسة التركية والقطرية إزاء سوريا. وهي ترغب في أن تقوم «حماس»، بنفسها، بدور إضافي في سوريا من خلال أمور كثيرة.
وتضيف المصادر الى أن لدى تركيا وقطر إشارات عملانية وخطوات ربما لم تظهر كلها إلى العلن بعد، لكنها تدل على تحوّل في فهم تركيا وقطر لكل التطورات الحاصلة في الملف السوري خلال السنة الأخيرة، وإقرار ضمني بفشل مشروع إسقاط الرئيس بشار الأسد، وكذلك خشية تركيا وقطر من النفوذ المتعاظم للسعودية وللجماعات الوهابية المتصلة بها، في قلب قوى المعارضة السورية، السياسية منها والمسلحة.
وأفادت مصادر في حماس الى أن الحركة باتت تقول لقواعدها إن مصلحة المقاومة في فلسطين، ومصلحة «الإخوان المسلمين» ليستا في إسقاط النظام السوري، وإن كل نقاش حول توصيف النظام حالياً ليس أولوية وليس ملزماً لأحد، وخصوصاً لـ«حماس»، وإن مصلحة فلسطين والمقاومة في فلسطين هي في تعزيز العلاقة مع إيران وحزب الله وقوى المقاومة في المنطقة. وبالتالي فإن الحركة تمارس دوراً خاصاً على صعيد احتواء مجموعات مقاتلة في سوريا تضم مقاتلين محسوبين عليها، وكذلك لعب دور خاص لتحييد المخيمات الفلسطينية في سوريا ولبنان عن الأزمات القائمة، وإن من واجبها العمل على تعزيز الحوار والتواصل مع كل الأطراف الفاعلة في هذا المحور.
وأشارت المصادر الى وجود ترحيب ايراني بـ«حماس»، ولو مع صياغة جديدة للعلاقة معها. ولدى حزب الله قرار مركزي بالتعاون واستعادة الحرارة وكل الثقة، لكن وفق عِبر المرحلة الماضية.
وما لا شك فيه أن العلاقة بين حركة حماس وايران لم تكن على ما يرام بسبب ما يجري في سوريا والدعم الايراني اللامحدود لنظام بشار ، وانحياز حماس الى مبادئها بعدم التدخل في الشأن السوري الداخلي ، وتأكيدها على حق الشعوب في الحرية والكرامة والعدالة وضرورة حل الخلافات الداخلية بالحوار.
ويرى مراقبون ان جهات ايرانية متنفذة تتعامل مع حماس من منطلق أنها في أزمة وأن ايران المنقذ والمخلص، وأطلقت العنان لوسائل اعلامية ايرانية ولبنانية تابعة لها للطعن في حماس وكان آخرها الزعم والترويج بوجود زيارة لرئيس المكتب السياسي لحماس الى طهران.
وبعد اعلان حماس رسميا بعدم وجود مثل هذه الزيارة ، قالت طهران أن حماس طلبت ارجاء الزيارة لوقت لاحق جراء انشغالات المسؤولين الإيرانيين في هذه الفترة ، وهو أمر يبعث على السخرية فالزيارة لم يكن لها رصيد من الواقع !!.
وأوضح مراقبون أن العلاقة بين حماس وطهران هي علاقة وثيقة وراسخة في العداء المشترك لـ (اسرائيل) ، واذا كانت العلاقة بين ايران وبعض الحركات الفلسطينية أو اللبنانية أساسها التبعية الطائفية أو المالية أو الفكرية ، فالعلاقة مع حماس مصالح متبادلة يحكمها الاحترام والتقدير.
ولا أحد ينكر تحسن العلاقة بين حماس وايران لكن ذلك لا يعود الى خطأ ارتكبته حماس بل هو تراجع في الموقف الايراني ومحاولته تبييض صفحته أمام الرأي العام الايراني والرأي العام بالمنطقة في مواجهة الانتقادات التي وجهت لهم نتيجة انفتاحهم على الأمريكيين وتقاربهم الأخير معهم والذي هو موضع جدل وتجاذب داخل ايران ، بل وانتقادات صريحة حتى من الحرس الثوري ومن مرشد الثورة نفسه السيد خامنئي .
وبحسب الاستخبارات الاسرائيلية فان ايران تدعم حماس ماليا وعسكريا، وبالمقابل فان حماس تمثل نقطة الدفاع الأولى عن ايران أمام اسرائيل من خلال اشغالها وارهاقها بالمقاومة ، ما يمنع تفرغها لايران ، وحماس تحكم قطعة من الأرض الفلسطينية وليس فقط حركة مقاومة بل حكومة وهو ما يجعلها تتقدم على حزب الله، وحماس لها امتدادتها في العالم وتمثل أكبر وأهم حركة سنية في العالم والتقارب معها ودعمها يبعد عن ايران شبح البعد الطائفي ، ويوفر لها مدخلا الى قلوب العالم الاسلامي.
ويشير المراقبون أن ايران فوجئت أثناء حرب حجارة السجيل أن حماس ورغم ما يمكن وصفه بالعقاب الايراني لها استطاعت ان تسجل موقفا عسكريا قويا ومتقدما خلال الحرب من خلال تطويرها صواريخ (M75) التي عوضتها عن الصواريخ الإيرانية التي تم توريدها لتنظيمات أخرى أملا في تركيع حماس للموقف الايراني .
ويرى مراقبون أن حاجة ايران للعلاقة مع حماس أكبر بكثير من حاجة حماس لهذه العلاقة ، فايران اليوم في ظل ما يجري من تطورات في المنطقة وداخلها ، والتحديات التي تواجهها وخسارتها جراء مأزق سوريا كل ذلك يضاعف من حاجتها إلى رمزية فلسطين ورمزية المقاومة ورمزية العلاقة مع طرف سني مهم ومقاوم، ورمزية غزة بكل ما تعنيه الكلمة من صمود وانتصار وكل ذلك لا يتحقق إلا بالعلاقة مع حماس.
أرسل تعليقك