الخرطوم - محمد إبراهيم
تسارعت خطوات التقارب بين السودان وكينيا مؤخرا ووصلت العلاقات الثنائية بين البلدين مراحل متقدمة، توُجت باللقاءات الثنائية بين قادة البلدين، وحل الرئيس الكيني اوهورو كينياتا، السبت، ضيفًا على الخرطوم بعد أسبوع من دعوة أطلقها السودان إلى جميع الدول الافريقية للانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية والاحتذاء بجنوب افريقيا وبورندي وجامبيا مبشرًا بتوالي خروج الأفارقة تدريجيًا من المحكمة عقب تحركات مكثفة قادتها الخرطوم
"كنياتا في الخرطوم"
ووصل الرئيس الكيني أوهورو كنياتا السبت في زيارة رسمية إمتدت ليومين على رأس وفد رفيع من بلاده وإستقبله في مطار الخرطوم رئيس الجمهورية المشير عمر البشير وعدد من المسؤولين وسفراء الدول الأفريقية ،ووصف وزير الخارجية السوداني كمال الدين إسماعيل في تصريحات صحفية في مطار الخرطوم زيارة الرئيس الكيني "كينياتا" إلى السودان بأنها تأتي في فترة مهمة جدا على مستوى العلاقات الثنائية والأوضاع في الإقليم، وقبيل إنعقاد القمة الرئاسية بالقصر الجمهوري بالخرطوم، وسط تكهنات بأن يبحث الرئيسان احتمال انسحاب كينيا من المحكمة الجنائية الدولية، وهي الخطوة التي طالما إنتظرتها الخرطوم بعد أن لوحت "نيروبي" أكثر من مرة بأنها على أعتاب الخروج من الجنائية، ورد إسماعيل على أسئلة الصحافيين عما إذا كانت كينيا ستنسحب من المحكمة، فأجاب "هذا أمر تقرره كينيا"
"مباحثات القصر"
وشهد القصر الرئاسي بالخرطوم جلسة مباحثات رسمية بين الرئيس البشير وضيفه اوهورو كنياتا إمتدت لعدة ساعات من ليل السبت بحثت عدد من الملفات المهمة للبلدين، وركزت المباحثات على العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في مجالات التعاون، والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وعقب إنتهاء القمة الرئاسية صرح وزير الدولة بالخارجية كمال الدين إسماعيل، وقال إن مباحثات الرئيسين تطرقت للقضايا الثنائية المشتركة، مؤكدا تطابق الرؤى حول مختلف القضايا التي تم نقاشها، مشيراً للعلاقات المتميزة بين الخرطوم ونيروبي، وأعربت وزيرة الخارجية الكينية أمينة عبدالله عن سعادتها بزيارة السودان، مؤكدة عمق العلاقات بين البلدين، ووصفت زيارة كنياتا للسودان بالتاريخية وأوضحت أن الجانبين ناقشا الملفات الثنائية والقضايا الإقليمية، بجانب الأوضاع في المنطقة، وأمسك الطرفين.
"اليوم الثاني"
وأجرى الرئيس الكيني في اليوم الثاني، عددًا من الزيارات بدأها بمصفاة الخرطوم بمرافقة وزير النفط والغاز د.محمد زايد عوض ووزير الصناعة د.محمد يوسف علي، وأشاد كينياتا بالتقدم الذي وصل إليه السودان في مجال صناعة النفط، والتوسع في بنيته التحتية، ووقف على مراحل تكرير الخام بالمصفاة والتقنيات المتطورة التي تستخدم في عمليات التكرير، واستمع الرئيس الكيني إلى شرح مفصل عن إنشاء المصفاة حتى وصلوله مرحلة التكرير، مؤكداً رغبته في نقل تجربة السودانية في مجال صناعة النفط والمنشآت النفطية، والاستفادة من الخبرات التي اكتسبها السودان في هذا القطاع الحيوي، من جهته استعرض وزير النفط تجربة السودان بصورة عامة والامتيازات التي تمنحها اتفاقية قسمة الإنتاج مع الشركاء، مُشيراً إلى أن ثورة إنتاج النفط علاوة على فوائدها الاقتصادية والطفرة التنموية التي أحدثتها في البلاد، خرَّجت كوادر بشرية مؤهلة في مجال صناعة البترول.
وزار الرئيس الكيني مقر شركة "كوفتي" بالمنطقة الصناعية في الخرطوم بحري يرافقه وزير الصناعة م.محمد يوسف وقال إن الشركة تمثل أهم نوافذ العمل التجاري بين البلدين، وتحدث عن دورها في دعم العلاقات التجارية بين الخرطوم ونيروبي، مشيدًا بالجهود التي تبذلها "كوفتي" والعاملين فيها في مجال خلط وتعبئة وطرق التخزين المتقدمة للشاي، وفقاً للمواصفات العالمية عالية الجودة، وتعهد بدعمه المتواصل لعمليات الشركة المختلفة ووصفها بأنها تجسد عمق العلاقات بين السودان وكينيا، ومشيراً إلى دورها في دعم العلاقات التجارية بين البلدين.
"البيان الختامي"
وفي ختام الزيارة أصدر الجانبان بيانًا ختاميًا لخّص ما تم خلال المباحثات بين الرئيسين ومسؤولي البلدين، وأوضح البيان أن القمة ركزت على الجوانب الإقتصادية وتطوير العلاقات التجارية بين البلدين، حيث أعرب الرئيس الكيني عن رغبة بلاده لتطوير العلاقات التجارية والإستثمارية إلى آفاق أرحب، وأوضح أن الإستقرار في البلدين من شأنة تطوير هذه العلاقات في كافة المجالات وقال إن بلاده يمكن أن تستفيد من التجارب والخبرات السودانية مجال الغاز وإستكشاف وإنتاج البترول والمعادن، وعرض إمكانية إستفادة السودان من تجربة كينيا في مجالات السياحة والفندقة.
"قضايا الإقليم"
وإتفق الطرفان على التوافق في القضايا الإقليمية ولإسهام في حل النزاعات في دولة جنوب السودان والصومال وبقية دول الإقليم، وشددا على أن الإستقرار في دولة الجنوب من شأنة تعزيز الروابط التجارية بين كينيا والسودان من خلال تيسير الطرق والمعابر ووسائل النقل عبر الدولة الوليدة، ونوه الجانبان إلى الأثار السلبية للصراع في دولة الجنوب على مصالح البلدين خاصة فيما يتعلق بتدفق ألآف اللاجئين الجنوبين إلى كينيا والسودان، وتطرقت المباحثات إلى السبل الكفيلة في إطار منظومة الإيقاد والإتحاد الأفريقي لنزع فتيل الأزمة في دولة الجنوب والعمل على تهدئية النزاعات والإضطرابات في المنطقة والإقليم، وناقشت المباحثات أيضاً الأحداث المضطربة في بعض الدول العربية وأكدا على ضرورة توافق المواقف تجاه هذه القضايا وتفعيل التنسيق السياسي والبلوماسي في جميع المحافل الدولية والتصدي للتحديات التي تواجه الإقليم والقارة بأثرها، وأعلن الرئيسان إستعداهما العمل جنباً إلى جنب لتحقيق الأمن والإستقرار في الإقليم وأفريقيا، وإتفق البشير وكنياتا على العمل على أنجع السبل لتخفيف الديون على السودان والدول الأفريقية المتضررة وأعلنا عن إبتدار حملة دبلوماسية نشطة في أوساط الدول الأفريقية والمنظمات الإقليمية والدولية للتصدي للعقوبات الأحادية المفروضة على السودان.
وأعرب الرئيسان عن رضاهما التام لما وصلت إليه علاقات البلدين وأكدا على ضرورة العمل على مواصلة تطوير العلاقات الإقتصادية والتجارية والإستثمارية في كافة المجالات وشددا على أهمية الغنتظام في عقد إجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين، وأعلن الرئيس الكيني عن إستعداد بلاده لإستضافة الجولة المقبلة في "نيروبي".
أرسل تعليقك