واشنطن، لندن ـ يوسف مكي، سليم كرم
كشف الرئيس الأميركي جو بايدن، الثلاثاء، إنه سيدرس فرض عقوبات على نظيره الروسي فلاديمير بوتين مباشرة إذا غزت روسيا أوكرانيا، مضيفاً أنه قد يحرك على المدى القريب بعضا من 8500 جندي أميركي وُضعوا في حالة تأهب. وحذّرت الولايات المتحدة من أنها "قد تفرض عقوبات قاسية على روسيا تشمل قيوداً على صادرات معدّات التكنولوجيا المتقدّمة الأميركية"، فيما أكّدت أنّ محاولات موسكو استخدام قطاعها الضخم للنفط والغاز كـ"سلاح" ستأتي بنتائج عكسية، فيما توعّد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون روسيا بعقوبات غربية "أشدّ من أيّ أمر قمنا به من قبل" إذا غزت أوكرانيا، وذلك في أعقاب محادثات مع قادة عدد من الدول الحليفة بشأن تهديدات موسكو.
وقال مسؤول أميركي رفيع للصحافيين طالباً عدم الكشف عن هويته "نحن على استعداد لفرض عقوبات تحمل تداعيات هائلة" تتجاوز الإجراءات السابقة التي طُبّقت عام 2014 بعدما اجتاحت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية.
وأضاف: "ولّى زمن الإجراءات التدريجية"، مؤكّداً أنّه "في حال قامت روسيا بغزو أوكرانيا مجّدداً فسنبدأ من أعلى سلّم التصعيد".
وتطرّق المسؤول الأميركي إلى المخاوف السائدة في أوروبا من أن تردّ روسيا على أيّ عقوبات عبر تقليص صادراتها من الطاقة إلى القارة العجوز التي تعتمد عليها بشدّة، بالقول إن موسكو ستؤذي نفسها أيضاً في حال أقدمت على خطوة من هذا القبيل.
وأوضح أنّه على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يحصل على نحو 40 بالمئة من إمداداته من روسيا، إلّا أن موسكو تعتمد أيضاً بشكل كبير على عائدات الطاقة في ميزانيتها الوطنية، ما يعني أنّه "اعتماد متبادل".
وتبحث الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون في الأسواق العالمية عن مصادر بديلة للطاقة للتخفيف من تداعيات أيّ نزاع، في وقت تعاني فيه أوروبا في الأساس من ارتفاع أسعار الطاقة بشكل كبير خلال الشتاء.
وقال المسؤول: "نعمل مع الدول والشركات حول العالم لضمان أمن الإمدادات وتجنّب أي صدمات في الأسعار في إطار خطة طوارئ تشمل التفاوض مع جهات إمداد في شمال أفريقيا وآسيا لزيادة إنتاج الغاز بشكل مؤقت".
ولفت إلى أن "صهاريج الغاز الطبيعي المسال بدأت بالفعل تغيير مسارها من آسيا، ما يؤثّر بشكل كبير على صمود إمدادات الطاقة في أوروبا".
وأكّد أنّ حزمة العقوبات الاقتصادية التي تعدّها #واشنطن للردّ على أيّ غزو روسي لأوكرانيا ستشمل قيوداً غير مسبوقة على صادرات معدّات التكنولوجيا المتقدّمة الأميركية.
وأردف: "نتحدّث عن تكنولوجيا متقدّمة نصمّمها وننتجها"، مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمّية وتكنولوجيا صناعة الطيران وهو ما "سيضرب بشدّة طموحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاستراتيجية لتحويل اقتصاده نحو التصنيع".
وتابع: "هذه قطاعات دافع عنها بوتين نفسه على اعتبارها طريق روسيا للمضيّ قدماً في تنويع اقتصادها ليتجاوز النفط والغاز".
وأوضح "في العديد من الحالات، إذا كانت روسيا ترغب بتطوير هذه القطاعات، فهي تحتاج إلى استيراد التكنولوجيا والمنتجات التي لا ننتجها إلّا نحن وحلفاؤنا وشركاؤنا".
وتوعّد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون روسيا بعقوبات غربية "أشدّ من أيّ أمر قمنا به من قبل" إذا غزت أوكرانيا، وذلك في أعقاب محادثات مع قادة عدد من الدول الحليفة بشأن تهديدات موسكو.
وكرّر جونسون تحذيره للرئيس الروسي فلاديمير بوتين من الدمار الذي يرجّح أن ينجم عن أيّ توغل لقواته في أوكرانيا، وذلك لدى إطلاعه البرلمان على آخر التطورات في أعقاب اتصال أجراه في وقت متأخر من ليل أمس مع الرئيس الأميركي جو بايدن وعدد من حلفاء بلاده الأوروبيين.
وقال جونسون: "اتفقنا على أنّنا سنردّ على أيّ هجوم روسي على أوكرانيا بشكل موحّد عبر فرض عقوبات اقتصادية شديدة ومنسّقة، أشدّ من أيّ أمر قمنا به من قبل ضدّ روسيا".
ولدى سؤاله بشأن ما إذا كان سيتم تعليق مشاركة موسكو في منظومة "سويفت" العالمية للتعاملات المالية، قال جونسون "لا شكّ في أنّ سويفت سيكون سلاحاً فعالاً للغاية".
ولفت إلى أنه سيكون على الولايات المتحدة التعامل مع خطوة من هذا النوع، نظراً لأنّها مركز النظام المالي العالمي، مضيفاً "نجري محادثات بهذا الشأن".
وأكّد أنّ الأوكرانيين سيقاومون أيّ توغّل روسي "بعناد وإصرار"، بعدما أعطى الضوء الأخضر لإرسال حوالى 2000 قطعة سلاح بريطانية مضادّة للدبابات إلى أوكرانيا ومدرّبين عسكريين.
ورأى أنّ الدماء التي ستسفك من جراء أيّ غزو روسي "ستكون أشبه بالحرب الأولى في الشيشان أو البوسنة أو أي نزاع شهدته أوروبا منذ العام 1945".
وقال جونسون: "لا يمكننا المساومة على رؤية لأوروبا موحدة وحرّة" والتي برزت بعد نهاية الحرب الباردة عام 1989، "لأنّ روسيا أشهرت مسدّسا على أوكرانيا".
لكنه أوضح أنّ إرسال قوات قتالية تابعة لحلف الأطلسي إلى أوكرانيا، غير المنضوية في الحلف، "ليس احتمالاً مرجّحاً في الأمد القريب".
وبدأت القوات الروسية سلسلة جديدة من المناورات في جنوب البلاد على مقربة من أوكرانيا وفي شبه جزيرة القرم، مع تدريبات يشارك فيها ستة آلاف عنصر وطائرات مقاتلة وقاذفات.
ونقلت الوكالات عن قائد القوات الروسية في جنوب روسيا ألكسندر دفورنيكوف قوله إنها عملية "مشتركة" تشمل خصوصًا "سلاح الجوّ ومضادات الطائرات وسفن أسطولَي البحر الأسود وبحر قزوين"، في خضمّ توترات حادة بين موسكو والغرب على خلفية الملف الأوكراني.
بحسب وكالة "تاس"، فإن تدريبات سلاح الجو تشمل 60 مقاتلة وقاذفة في أربع مناطق لا سيّما شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في 2014 ردّاً على ثورة موالية للغرب في أوكرانيا.
هدفها خصوصاً تنسيق تحرّك البحرية والطيران خلال إطلاق صواريخ.
ويشارك ستة آلاف عنصر في مناورات للتحقّق من جهوزيتهم للقتال في عدة قواعد في مناطق مختلفة بجنوب روسيا.
يأتي الإعلان عن هذه المناورات بعد ساعات على تنديد الكرملين بوضع واشنطن آلاف الجنود الأميركيين في حالة تأهب بسبب الأزمة بين روسيا والغرب بشأن أوكرانيا، ورأى في ذلك "تصعيداً للتوتر" من جانب واشنطن.
قد يهمك ايضا
محادثات بين أميركا وقطر لتأمين إمداد أوروبا بالغاز استعدادًا لغزو روسي "في أي وقت" لأوكرانيا
أميركا تُهدد روسيا بأنها ستدفع ثمنًا باهظًا إذا قرر بوتين غزو أوكرانيا برد سريع وصارم
أرسل تعليقك