يستعد الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة المغربية الجديدة عزيز أخنوش، بعد جولة أولى من المشاورات، للكشف عن تركيبة تحالفه الحكومي، عقب فوز حزبه التجمع الوطني للأحرار بالمركز الأول في الانتخابات التشريعية، حيث بينت تصريحات زعماء الأحزاب المتصدرة للانتخابات ملامح تركيبة الحكومة المقبلة، وهي الأصالة والمعاصرة والاستقلال إلى جانب حزب الاتحاد الاشتراكي الذي عبر عن استعداده لدخول الحكومة.
وتعدّ رغبة الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة في مشاركتهما في التحالف الحكومي بالمغرب بداية صراع على المناصب الوزارية، إلى جانب حزب الاستقلال الذي يؤكد على أنه يستحق حقائب وزارية وازنة، في ظلّ تقارب برامج الأحزاب، ما سيجعل رئيس الحكومة عزيز أخنوش أمام عراقيل كبيرة تعرقل عملية توزيع المناصب الوزارية. وعبّر حزب الاتحاد الاشتراكي عن استعداده لدخول التشكيلة المرتقبة، ما يطرح أمام رئيس الحكومة إمكانية توسيع التحالف ليشمل هذا الحزب إذا وافق الأصالة والمعاصرة على هذا المقترح أيضا، لأن الحزبين في حالة تعارض واختلاف إلى حد الآن، وهو ما كشفته معارضة الاتحاديين أي تواجد للأصالة في التحالف الحكومي المقبل.
وتعتقد قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي أن اشتغالها مع التجمع الوطني للأحرار في الأغلبية الحكومية السابقة يؤهلها عن جدارة للتواجد ضمن الفريق المقبل، ولهذا رفض الحزب اليساري الذي حصل على خمسة وثلاثين مقعدا مشاركة الأصالة والمعاصرة في أي تحالف حكومي مقبل. واعتبر الاتحاد الاشتراكي عبر صفحته الرسمية أن “حزب الأصالة والمعاصرة الذي يطمح إلى القيادة السياسية بواسطة الانتخابات يُسقط طموحه في هذا الباب عندما يرتبه الرأي العام في الصف الثاني، لاسيما عندما يكون قد اختار حليفه السياسي”، يقصد العدالة والتنمية الذي اتفقا معا على تحالف سابق للانتخابات.
ويعتقد هشام فقيه، الباحث في القانون العام والعلوم السياسية بجامعة الرباط، أن “خارطة التحالفات أصبحت واضحة حيث حصلت أحزاب التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال على 269 مقعدا، وهي أغلبية كافية لتشكيل حكومة منسجمة، وهذا ما أقره المؤتمر الوطني لحزب الاستقلال والأصالة والمعاصرة”. وأضاف، أن “حزب الاتحاد الاشتراكي مكانه في المعارضة حفاظا على التوازن السياسي داخل المؤسسة التشريعية بين المعارضة والأغلبية كشرط أساسي لنجاح العملية السياسية، حيث منحت الوثيقة الدستورية مكانة هامة للمعارضة”، مشددا على أنه “بإمكان الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية لعب هذا الدور بشكل جيد”.
وقال إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، متحدثا عن عرض رئيس الحكومة، إن “موقع الاتحاد الاشتراكي بحسب نتيجة الانتخابات، أربع وثلاثين مقعدا نيابيا، ومرجعيته وبرنامجه وقوته السياسية وعلاقاته وتحالفاته، ماضيا وحاضرا، هو أننا نكون جزءا من الفريق الحكومي لمرافقة المرحلة الجديدة لتنزيل مقتضيات النموذج التنموي الجديد”. وتابع في كلمته الافتتاحية على هامش أشغال المجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي، المنعقد مساء الأحد، أن “الأغلبية تعني أن نكون جزءا من التدبير بكل ما يتطلب الأمر من تفان وحرص على نظافة اليد وإنجاح عمل الحكومة وحرص على الانسجام وتحمل المسؤولية الجماعية”.
وأكد الباحث في العلوم السياسية حمزة الأندلسي، أن “ذلك من أجل المصلحة الشخصية للقيادة الحالية أكثر مما هي مصلحة للحزب برمته”، معتقدا أن “الحزب في حاجة ماسة للرجوع إلى المعارضة من أجل إعادة قوته والحصول على مقاعد إضافية في الاستحقاقات المقبلة تمكنه بكل أريحية من التموقع في الأغلبية”. وأضاف "مسألة رفض الاتحاد مشاركة الأصالة والمعاصرة مرتبطة فقط بالمناصب لأنه في حالة اصطفاف ‘البام’ في المعارضة سيتمكن الاتحاد من نيل مناصب مهمة في الحكومة كما في مجلس النواب، أي رئاسة المجلس مجددا على غرار الولاية السابقة".
في المقابل قالت مصادر من داخل الاتحاد الاشتراكي، إن “قيادات كبيرة داخل الأصالة والمعاصرة تناور حتى لا يحصل الاتحاد الاشتراكي على موقع داخل الحكومة المقبلة”، مشيرة إلى أن “الاتحاد الاشتراكي سيكون قيمة مضافة داخل الحكومة عكس الأصالة والمعاصرة الذي تحالف سابقا مع العدالة والتنمية وقد يكون رقما سياسيا معرقلا لعمل الحكومة”.
ويعتقد هشام فقيه أن “سبب القوة التي يرتكن إليها الاتحاد الاشتراكي في مشاركته في الحكومة مرتبط أولا بالمشروعية التاريخية لحزب الاتحاد الاشتراكي الذي ساهم في التناوب التوافقي، إضافة إلى كون إدريس لشكر يحاول الدفاع عن تناول جديد من أجل تنفيذ أهداف النموذج التنموي الجديد، علاوة على نقطة أخرى تتعلق بكون حزب الأصالة والمعاصرة سبق أن هاجم عزيز أخنوش قبل أن تبدأ الانتخابات، حيث اصطف إلى جانب حزب العدالة والتنمية، وبالتالي فحزب الاتحاد الاشتراكي هو الأجدر بالمشاركة في الحكومة”.
واستطرد “الخلاف بين الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة لن يؤثر على تشكيل الحكومة وانسجامها، خاصة أن هناك تباعدا أيديولوجيا بين الاتحاد الاشتراكي وباقي الأحزاب”. ويسعى عزيز أخنوش لتشكيل تحالف حكومي وبرلماني قوي، ويعمل على تجميع المواقف للانتهاء من تشكيل الحكومة قبل افتتاح الدورة التشريعية المقبلة التي ستكون في منتصف شهر تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، ومباشرة الحكومة عملها لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية وتجسيد برنامجها الحكومي على أرض الواقع.
وكانت النتائج التي أعلنتها الداخلية المغربية في التاسع من سبتمبر الحالي قد كشفت أن التجمع الوطني للأحرار تصدر الترتيب بحصوله على 102 مقعد نيابي، متبوعاً بحزب الأصالة والمعاصرة بـ86 مقعداً، وحزب الاستقلال بـ81 مقعداً، فيما احتل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المرتبة الرابعة بـ35 مقعداً، وحزب الحركة الشعبية المرتبة الخامسة بـ29 مقعداً، والتقدم والاشتراكية المرتبة السادسة بـ22 مقعدا، في حين احتل العدالة والتنمية المرتبة الثامنة بـ13 مقعدا من أصل 395 مقعدا يتكون منها مجلس النواب المغربي.
قد يهمك ايضا
المغرب يعلن عن إصدار منشور وزاري لتفعيل تدابير تتبع الانتخابات
الحكومة المغربية تمهّد لـ«تعميم» الحماية الاجتماعية للمواطنين
أرسل تعليقك