انطلقت في المغرب، الإثنين، مناورات "الأسد الإفريقي 2022" العسكرية، بمشاركة أكثر من 7 آلاف جندي من المغرب والولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى من بينها فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وتونس وغانا وحلف الناتو.
وستقام المناورات العسكرية، التي تعتبر الأهم على المستوى الإفريقي، للمرة الثانية على التوالي بمنطقة المحبس، جنوبي المملكة، منذ اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على كامل أراضيه في 10 ديسمبر 2020.
ومن المرتقب أن تشمل هذه المناورات، التي تستمر حتى 30 يونيو الجاري، مدن أكادير وتارودانت وبن جرير وطانطان والقنيطرة، بمشاركة 10 بلدان إفريقية ودولية، بما فيها المغرب والولايات المتحدة، حسب معطيات القوات المسلحة الملكية المغربية.
ودأب المغرب منذ سنة 2007 على احتضان تدريبات "الأسد الإفريقي"، وهو تدريب عسكري ضخم متعدد الجنسيات، ينظم بشراكة بين القيادة الأميركية في إفريقيا "أفريكوم" والقوات المسلحة الملكية.
تعزيز التعاون العسكري
وكشفت القيادة الأميركية في إفريقيا "أفريكوم" أن دورة هذه السنة من مناورات الأسد الإفريقي "ستشهد تدريبات مشتركة لقيادة قوات المهام، وتمرينا مشتركا بالذخيرة الحية، وتمرينا بحريا، وآخر جويا يشمل طائرات قاذفة".
كما أوضحت أن التمرين سيشمل تدريبا مشتركا للمظليين، وتدريبا ميدانيا كيميائيا وبيولوجيا وإشعاعيا ونوويا، إلى جانب تمرين الاستجابة، وبرنامج المساعدة المدنية الإنسانية.
ومن شأن هذا التمرين، وفق "أفريكوم"، أن "يعزز قابلية التشغيل بين الدول الشريكة، ويدعم الاستعداد الاستراتيجي العسكري للولايات المتحدة للاستجابة للأزمات والطوارئ في إفريقيا وحول العالم".
كما يسعى المشاركون في هذا التمرين إلى "تعزيز قدرات الدفاع المشتركة لمواجهة التهديدات العابرة للحدود، والمنظمات المتطرفة العنيفة".
وأكدت القوات المسلحة الملكية المغربية في بيان، أن الهدف من هذه المناورات يتمثل في "تطوير قابلية العمل المشترك التقني والإجراءات بين القوات المسلحة الملكية وقوات البلدان المشاركة، إلى جانب التدريب على تخطيط وقيادة عمليات مشتركة في إطار متعدد الجنسيات".
مناورات عسكرية في المحبس
وللسنة الثانية على التوالي، يجرى جزء من هذه المناورات العسكرية على أراض بالصحراء المغربية، وبشكل خاص منطقة المحبس، حيث من المرتقب أن تقام تدريبات ميدانية بالمنطقة الحدودية الواقعة بالجنوب الشرقي للمملكة.
وحسب مراقبين، فإن إجراء هذا التمرين على تراب المحبس للعام الثاني يعد "تكذيبا لما تحاول جبهة البوليساريو الانفصالية الترويج له من خلال أخبار زائفة وبروباغندا تعتمد على تزوير الحقائق حول قصفها لمناطق تقع وراء الشريط الأمني العازل، ومن ضمنها منطقة المحبس".
ويقول مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، عبد الفتاح الفاتيحي، إن إقامة تمرين "الأسد الإفريقي" في المحبس، "يحمل دلالة رمزية بالغة الأهمية بالنسبة للمغرب، تتجلى في حرصه على جعل أجزاء من الصحراء مسرحا لإجرائها".
ويضيف"، أن هذه الخطوة "تعد تأكيدا للسيادة الإدارية والعسكرية والأمنية للمغرب على كامل ترابه، وعلى استعداده للدفاع عنها ضد أي تهديدات".
ويستطرد بأن مناورات "الأسد الإفريقي" التي يشرف المغرب والولايات المتحدة على تنظيمها، تمثل تجربة نوعية تتوق العديد من الدول إلى الاستفادة منها، فيما يراهن المغرب عليها من أجل تعزيز الكفاءة العسكرية المغربية تقنيا ولوجيستيا".
ويعتبر الفاتيحي أن "من شأن هذه المناورات أن تجعل المغرب قوة عسكرية، وتعزز نفوده بما يتيح له استيعاب التحديات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء".
تقوية التعاون المغربي الأميركي
وبحسب متابعين للشأن العسكري، تجسد هذه المناورات "مناسبة لتعزيز التعاون بين الرباط واشنطن في المجال العسكري، ولبنة إضافية في العلاقات بين البلدين".
ويقول الخبير في الشأن الأمني والعسكري محمد شقير، إن "إجراء جزء من هذه التدريبات العسكرية بمنطقة المحبس على مقربة من المنطقة العازلة، يجسد تأكيد الجانب الأميركي على موقفه الإيجابي حيال مغربية الصحراء، واعترافها بأن هذه المنطقة تعد جزء لا يتجزأ من تراب المملكة".
ويؤكد شقير في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "هذا التمرين الذي يكتسي أهمية كبرى على المستوى القاري من شأنه أن يساهم في تعزيز التحالف الاستراتيجي القائم بين المغرب والولايات المتحدة، خصوصا في أبعاده العسكرية والأمنية".
كما يشدد المتحدث على أن المناورات "تسعى للرفع من تأهب الجيوش المشاركة، وفي مقدمتها الجيش المغربي، كما تعد اختبارا حقيقا لمدى جاهزيتها لمواجهة المخاطر والتهديدات الأمنية، من خلال الاحتكاك بأقوى الجيوش وأحدثها، وعلى رأسها الجيش الأميركي".
ويشير شقير، إلى أن احتضان المملكة لهذا التمرين العسكري الضخم "يبرز مدى الأهمية الجيوستراتيجية والجيوسياسية التي يحظى بها المغرب، والدور الإقليمي الذي بات يلعبه كدولة مستقرة بقدرات عسكرية، تسمح له بمواجهة التنظيمات الإرهابية ومختلف التهديدات التي ترعاها الحركات المتشددة بالمنطقة".
ويلفت الخبير العسكري، إلى أن الجيوش المشاركة في مناورات الأسد الإفريقي 2022 "ستخضع لأول مرة لتدريبات مكثفة على طائرات أباتشي الأميركية، مما سيتيح لها الاطلاع على القدرات الهائلة لهذه الطائرات الأميركية، المصممة للقتال في أصعب الظروف والمناطق، كما هو الشأن في مسرح العمليات في منطقة الساحل والصحراء".
مواجهة التطرف في الساحل والصحراء
من جهة أخرى، يؤكد مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية عبد الفتاح الفاتيحي أن مناورات الأسد الإفريقي "ستزيد من فعالية قدرات الجيش المغربي القتالية والتقنية، بما يمكنه من مواكبة تنامي الخطر الإرهابي بمنطقة الساحل".
ويلفت الفاتيحي إلى أن "المغرب وبعد سلسلة من مناورات الأسد الإفريقي، يسعى إلى استثمار هذا التراكم الناجح في التعاون العسكري مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، بالقدر الذي يجعل نفوذه أكثر تأثيرا على المستوى القاري والدولي".
ويضيف: "تنظيم المغرب للاجتماع الوزاري الأول لدول إفريقيا الأطلسية، بمشاركة 21 بلدا مطلة على الواجهة الأطلسية، يدعم فكرة تخطيط المغرب لتشكيل إطار عسكري وجيوستراتيجي لدول لها شراكات أمنية لحماية الاستثمارات الدولية في المنطقة، ولمواجهة التحديات الأمنية المطروحة في إفريقيا اليوم".
ويختتم الفاتيحي حديثه قائلا: "الثبات على هذا التقليد يعكس من جهة الثقة التي يحظى بها المغرب من قبل الولايات المتحدة وباقي الدول المشاركة، ومن جهة لاستثمار في تموقعه الاستراتيجي والجيوستراتيجي".
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك