تواجه الحكومة المغربية اتهامات من المعارضة بـ"التنصل" من وعودها الانتخابية، بعد الاقتراب من إكمالها المئة يوم الأولى في السلطة، في وقت تقول الحكومة إنها ترد على الانتقادات بـ"العمل والصمت".وتكمل الحكومة المغربية هذا الأسبوع المئة يوم الأولى من عمرها، برئاسة عزيز أخنوش، زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار (ليبرالي)، بعدما تم تنصيبها في 13 نوفمبر الماضي إثر منحها الثقة في مجلس النواب.
وجرت العادة أن تقف أحزاب المعارضة والمراقبون عند هذه المحطة، لتقييم سياسات الحكومة الجديدة، ورصد مؤشرات أولية بشأن مدى التزام الحكومة بتنفيذ وعودها للناخبين.وفي حين يعتبر معارضون أن الحكومة التي رفعت الأحزاب المشاركة فيها شعار التغيير، وأطلقت وعوداً كبيرة لاستمالة الناخبين خلال الحملة الدعائية "تبدو كأنها تتنصل من التزاماتها"، تشير الحكومة إلى جملة من الورشات التي أطلقتها في مجال الحماية الاجتماعية وخلق فرص العمل.
وقال عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي المعارض مهدي مزواري،، إن هناك "شعوراً عاماً بفشل الحكومة منذ أسابيعها الأولى"، إذ بعدما أطلقت الأحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي وعوداً كبيرة، خصوصاً في مجال التوظيف ورفع الرواتب "تنصلت اليوم من تلك الوعود، بعدما اكتشفت أنها وعود غير واقعية ولا يمكن تحقيقها، في ظل غياب الإمكانات المالية".
وكانت الحكومة وعدت بخلق مليون فرصة عمل، وإخراج مليون أسرة من الفقر، كما قدمت أحزاب الأغلبية الحكومية وعوداً برفع رواتب المعلمين إلى 7500 درهم (نحو 800 دولار) عند بداية مسارهم، بزيادة نحو 300 دولار، ورفع أجور العاملين في القطاع الصحي.وأضاف مزواري، أنه بعد "تضخم في النوايا والوعود، نعيش اليوم صمتاً مريباً، في ظل حكومة لا تتحدث عن محاربة الفساد ولا الإصلاح الجبائي، كيف ستفي بوعودها؟".
وأشار القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي المعارض إلى أن هناك اليوم "إحساساً عاماً بأن لا شيء يتحقق"، لافتاً إلى "غياب النفس السياسي لدى الحكومة، التي يبدو أعضاؤها كأنهم يمارسون تصريف الأعمال، بدون عمق سياسي".حكومة "صامتة"بدوره سجل تقرير لـ"مرصد العمل الحكومي"، وهو منظمة غير حكومية لتحليل السياسات، أن هناك "غياباً لأي مبادرات تواصلية لرئيس الحكومة، بشأن مختلف التدابير والإجراءات الحكومية، أو تقديم توضيحات في ما يخص مجموعة من القرارات المثيرة للجدل".
وأشار التقرير إلى أن "رئيس الحكومة لم يعقد أي لقاء مع مختلف الفرقاء الاجتماعيين والمهنيين، رغم الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي ميزت انطلاق عمل الحكومة"، لافتاً إلى أن الذي ساد "هو التوجه التكنوقراطي، إذ طغى على عمل الحكومة الطابع الإجرائي التقني، في غياب أي مؤشرات سياسية تحدد توجه الحكومة وتدافع عن اختياراتها السياسية في مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان".
وقال مدير "مرصد العمل الحكومي" محمد جدري، إن هناك اليوم "ارتفاعاً في منسوب الوعي السياسي لدى المواطنين، خصوصاً في ظل جائحة كورونا حيث أصبح المواطن يلمس أثر القرارات الحكومية بشكل مباشر، كإغلاق الحدود والحجر وجعل جواز التلقيح إلزامياً".وأشار جدري إلى أن "فجائية بعض القرارات الحكومية أدت إلى خرجات صدامية لبعض الوزراء، بشكل يستهلك الرصيد الشعبي للحكومة"، لافتاً إلى أن هناك ملفات أكبر "تحتاج الحكومة فيها إلى رصيد لتنزيل إصلاحات.. منها صناديق التقاعد وصندوق المقاصة.
من جهتها تقول الحكومة إنها أطلقت عدداً من المشاريع والورشات الكبرى، التي تستهدف "إحداث تحول اجتماعي واقتصادي يرقى إلى انتظارات المغاربة".وقال الدكتور عبد الودود خربوش، عضو المجلس الوطني لحزب "التجمع الوطني للأحرار"، قائد الائتلاف الحكومي، إن الحكومة "انكبت خلال 100 يوم على العمل في صمت، وعلى الإنجاز لا على الكلام وبيع الوهم للمغاربة"، مشيراً في رد على اتهامات المعارضة إلى أن رئيس الحكومة عزيز أخنوش "يعمل في صمت وينجز بعيداً عن الشعبوية والضوضاء".
وأضاف خربوش ، أن الحكومة "عملت على تعزيز وتنزيل ركائز الدولة الاجتماعية"، مستعرضاً جملة من الإجراءات التي أنجزتها الحكومة خلال الـ100 يوم الأولى من ولايتها.أبرز تلك الإجراءات بحسب القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار هو "تعميم الحماية الاجتماعية، عبر المصادقة على قوانين ستمكن 11 مليون مغربي من الاستفادة من التغطية الصحية والمعاش". وكذلك "النهوض بقطاع التشغيل، إذ أطلقت الحكومة برنامج أوراش، الذي سيمكن من خلق 250 ألف فرصة عمل سنوياً، ورصدت له اعتمادات مالية تقدر بـ2.25 مليار درهم".
وأشار الأكاديمي والنائب البرلماني السابق إلى أن الحكومة "عملت على تحسين مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار(...) وقد صادقت على 31 مشروعاً اتفاقياً بنحو 21.5 مليار درهم، ما سيمكن من خلق فرص عمل إضافية تصل إلى 11 ألفاً و500 منصب عمل".وانتقد تقرير مرصد العمل الحكومي تعاطي الحكومة مع تداعيات جائحة كورونا، وقال إنها "لم تقر أي إجراءات أو تدابير للتعاطي مع الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار مجموعة من المواد الأساسية"، مشيراً إلى أنه "باستثناء حزمة التعويضات المقررة لمهنيي قطاع السياحة، لم تمنح الحكومة أي تعويضات للقطاعات الأخرى المتضررة".لكن الحكومة تقول إنها قدمت دعماً للمواطنين والقطاعات المتضررة بسبب جائحة كورونا بنحو 4 مليارات درهم، ورصدت 9 مليارات درهم في أفق أبريل 2022 لدعم المقاولات الصغرى المتوسطة عبر أداء مستحقات الضريبة على القيمة المضافة.
وقال الدكتور عبد الودود خربوش، القيادي في حزب "التجمع الوطني للأحرار"، إن الحكومة خصصت ملياري درهم لدعم القطاع السياحي والعاملين فيه، كما رصدت 16 مليار درهم لدعم صندوق المقاصة للحفاظ على أسعار المواد المدعمة، فضلاً عن تخصيص 8 مليارات درهم لأداء مستحقات ترقية الموظفين التي كانت متوقفة منذ سنتين.واعتبر الخبير الاقتصادي محمد جدري أن على الحكومة "التي تملك أغلبية مريحة في البرلمان أن تعمل خلال السنوات المقبلة بجرأة أكبر من أجل رفع وتيرة الإنعاش الاقتصادي وتنزيل النموذج التنموي الجديد، لتقليص الفوارق الاجتماعية في المملكة".
قد يهمك ايضا
رئيس الحكومة المغربية يتعهد حل مشاكل التعليم والصحة
مجلس النواب المغربي يمنح الثقة للحكومة الجديدة برئاسة عزيز أخنوش
أرسل تعليقك