الخرطوم ـ محمد إبراهيم
تكررت حوادث القتل والاغتيال والنهب، التي ينفذها بعض المسلحين داخل المدن في ولايات دارفور غربي السودان، ممن يستقلون سيارات ودراجات بخارية دون لوحات، بصورة مفزعة، حتى أوشكت على أن تتحول إلى ظاهرة، تهدد استقرار المواطنين، لا سيما أن بعض المتورطين في تلك الأعمال يرقى تصنيفهم في خانة أصدقاء الحكومة.
وتُعتبر مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، صاحبة النصيب الأوفر في حوادث القتل، حيث شهدت الأسبوع الماضي مقتل عددًا من المواطنين والنظاميين، آخرهم أحد ضباط القوات المسلحة، الذي قضى في الهجوم الذي نفذته مجموعة عيسى محمد إبراهيم، الشهير بـ"عيسى المسيح"، وهي الحادثة التي أعقبت مقتل المواطن أبوبكر علي إبراهيم، مدير مكتب القيادية في المؤتمر الوطني، وعضو مجلس الولايات، حليمة تبن، الذي تم اغتياله وسط مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور، والذي كان بحوزته أموال تم نهبها.
وقبلها بثلاثة أيام، قُتل شخصان في الفاشر أحدهما يعمل في مخبز، وآخر كان خارجًا من سوق البورصة، وتم نهب أموالهما، وذات الأحداث شهدتها مدينة نيالا في الأشهر الماضية، ونفذها مسلحون ملثّمون راح ضحيتها تجّار كبار في سوق المدينة.
وأصبحت قضية القتل والاغتيال داخل المدن، تشكل هاجسًا كبيرًا للحكومة والسلطات المحلية، رغم الإجراءات التي اتخذت للحد منها، بإعلان حالة الطوارئ من قبل الجهات الأمنية، وحظر استخدام الدراجات النارية والعربات دون لوحات، وحظر لبس ما يعرف بـ "الكدمول" وهو شال يغطي به الوجه، إلا أن أحداث القتل أضحت تؤرق السلطات المحلية بسبب الاحترافية التي تتم بها تلك العمليات، فضلًا عن دقتها ونوعيتها من حيث انتقاء المستهدفين ومن ثم دقة التنفيذ، ما أثر سلبًا على الاقتصاد لاستهداف الحملات في مرات كثيرة كبار التجار، إلى جانب أنها تعزز حالة الفوضى وتشيع مشاعر القلق والخوف لدى المواطنين.
والسؤال الذي يطرح نفسه، من يقف وراء عمليات الاغتيال، ومن يخطط لها، ومن المستفيد من زعزعة الأمن في دارفور، رغم تأكيد الدولة أن الحرب انتهت في الإقليم.
وأوضحت عضو البرلمان السوداني عن الدوائر القومية لدارفور، سهام حسب الله، أن الظاهرة عمل ممنهج، وهناك منفلتون حصلوا على السلاح بطريقة ما، أو مواطنون اقتنوا السلاح لحماية أنفسهم، مشددة على أن ظاهرة المسلحين المتفلتين هذه تأتي في أعقاب توقيع اتفاقيتي أبوجا والدوحة.
كما قالت حسب الله، إنه لم يتم اتباع إستراتيجية حقيقية لجمع السلاح، مشيرة إلى أن الدولة استطاعت جمع العربات المهربة من ليبيا لصالح الخزينة العامة في وقت وجيز، موضحة أن هذا الجهد الذي بُذل في جمع السيارات المهربة أولى أن يكون في جمع السلاح المنتشر خارج الأجهزة الرسمية، لبث الطمأنينة في نفس المواطن.
ورجحت سهام، أن يكون هؤلاء المتفلتون هم لصوص النهب المسلح، متوقعة أن يكونوا قد وضعوا خارطة جديدة لعملهم داخل المدن على مرأى ومسمع من السلطات والولاة، ومتساءلة إلى متى يظل ولاة دارفور في مقاعد المتفرجين على ما يجري من أحداث وانفلاتات، راح ضحيتها عدد من المواطنين العُزل في طويلة ودونكي شطاية وبورصة الفاشر.
ويري عضو هيئة محامي دارفور، بارود صندل، أن أحداث القتل والنهب لا تقوم بها عصابات منظمة في كل المرات، قائلًا إن هناك تشكيلات عسكرية مقربة من الحكومة متورطة في بعض تلك العمليات، ومشددًا على أن تكوين قوات غير خاضعة للشرطة أو القوات المسلحة أو الأمن، يسهم في تدهور الأوضاع، مشيرًا إلى أن الأجهزة غير النظامية المتحالفة مع الحكومة يُصعب السيطرة عليها، لاعتقاد أفراد هذه القوات بأن السلاح الذي يملكونه وسيلة للتكسب.
ولفت بارود، إلى أن كل عمليات القتل والاغتيال التي تمت لم تكن بينها حالة اغتيال سياسي، متابعًا أن هذه الاغتيالات تمت بغرض النهب، واتفق بارود مع سهام في أن الحكومة استطاعت حسم الحركات المسلحة في دارفور، وعجزت عن حسم المتفلتين الذين يعني استهدافهم لنهب الأموال تعطيل لكل الحركة التجارية والاقتصادية في دارفور.
أرسل تعليقك