باريس ـ مارينا منصف
جدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة، رفضه الاعتذار عن التاريخ الاستعماري لبلاده في القارة الإفريقية.
جاء ذلك خلال مشاركته في اليوم الأخير من القمة الإفريقية ـ الفرنسية بمدينة مونبلييه الساحلية (جنوب شرق)، حيث التقى مجموعة شباب من القارة السمراء للحديث عن قضايا مختلفة بينها الديمقراطية في بلدانهم.
وقال ماكرون إن الاعتذار "لن يحل المشكلة"، إلا أنه أقر بأن الاعتراف "هو الذي سيقود إلى الحقيقة"، داعيًا إلى إعادة كتابة تاريخ مشترك على ضوء موقفه المعلن.
واختلفت قمة مونبلييه هذا العام عن النسخ الماضية، لعدم مشاركة أي رئيس دولة أو رجل سياسي فيها، سوى الرئيس الفرنسي نفسه.
وماكرون هو الذي اختار الصيغة الجديدة للقمة رغبة منه في "إعطاء أولوية لشباب هذه الدول وللذين يصنعون التغيير في القارة السمراء وفرنسا ومن أجل الإنصات لهم"، حسبما نقلت صحيفة "ميدي ليبر" الإقليمية.
وجاءت تصريحات ماكرون، في ظل أزمة سياسية اندلعت مع الجزائر السبت الماضي، بعدما نقلت صحيفة "لوموند" طعنه في وجود أمة جزائرية قبل دخول الاستعمار الفرنسي إلى البلاد عام 1830.
وأعلن ماكرون خلال القمة عن إنشاء "صندوق الابتكار من أجل الديموقراطية في إفريقيا" وعدد من المبادرات الثقافية الأخرى، وأعرب عن رغبته في إقامة نموذج جديد للعلاقات مع القارة.
ومن المقرر أن يساعد الصندوق الذي ستكون له "إدارة مستقلة" وخصص له 30 مليون يورو على مدى ثلاث سنوات، "الجهات الفاعلة في التغيير" لا سيما في ما يتعلق بمسائل الحكم والديموقراطية على النحو الموصى به في تقرير أعده المفكر الكاميروني أشيل مبيمبي الذي كُلف تنظيم القمة المنعقدة في مونبلييه في جنوب فرنسا.
وأعلن ماكرون عن بادرة أخرى لإنشاء مؤسسة مكرسة للدراسات الإفريقية، وهو مقترح ورد أيضا في تقرير مبيمبي. سيتعين على الفريق المكلف وضع دراسة للمشروع تقديم مقترحاته في غضون ستة أشهر.
كذلك، سيتم تأسيس صندوق دعم بقيمة 10 ملايين لمساعدة الشركات الإفريقية المبتكرة في القطاع الرقمي، كجزء من مبادرة "إفريقيا الرقمية" لدعم الشركات الإفريقية الناشئة.
وستنشئ فرنسا أيضا صندوقا لمساعدة المتاحف الإفريقية في استضافة أعمال عالمية وبرنامج دعم لأكاديميات الرياضة الإفريقية.
كذلك أعلن إيمانويل ماكرون، مضيف القمة ورئيس الدولة الوحيد المشارك فيها عن إعادة 26 عملا نُهب من قصر أبومي إلى بنين في نهاية تشرين الأول/أكتوبر، فضلا عن إعادة أعمال إلى ساحل العاج أحدها تطالب أبيدجان به منذ زمن طويل.
وقال الرئيس الفرنسي خلال القمة الجمعة إنه "لا يمكن أن يكون لدينا مشروع لمستقبل فرنسا إذا لم تعترف بمكوّنها الإفريقي"، مشيرا إلى أن "ما يقرب من سبعة ملايين فرنسي مرتبطون بإفريقيا وجدانيا وعائليا".
وأضاف "نحن مدينون لإفريقيا… القارة التي تبهر العالم بأسره، وتخيف البعض أحيانا"، في إشارة إلى النقاشات حول الهجرة التي تطغى على انطلاقة حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية.
ويشارك في القمة 3 آلاف ضيف، نحو 700 منهم يمثلون المجتمع المدني الإفريقي.
واعتبر ماكرون أن "دولة مثل فرنسا عليها واجب الاستجابة لمطالب الشباب الإفريقي"، معتبرا أن هذه القمة وأسلوبها الجديد نموذج لعلاقات جديدة بين فرنسا وإفريقيا.
ويدعو الرئيس الفرنسي باستمرار إلى تجديد العلاقة بين فرنسا وإفريقيا، لكنه يصطدم دائما بالماضي الاستعماري.
وقالت فنانة إفريقية خلال القمة إن "إفريقيا متزوجة بفرنسا، زواج قسري منذ أكثر من 500 عام"، ورد عليها ماكرون قائلا "إذا استمرينا في التصادم أو القطيعة، لن نتقدم أبدا".
قد يهمك ايضا
رئيس الوزراء الجزائري يعلق على تصريحات ماكرون المثيرة للجدل
الجزائر تخفض ضريبة الدخل وسط ارتفاع أسعار المواد الغذائية
أرسل تعليقك