لندن - ماريّا طبراني
تكبّد حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا بزعامة رئيس الوزراء بوريس جونسون خسائر في الانتخابات المحلية التي أجريت يوم الخميس، بحسب النتائج الأولية.
وأقرّ جونسون بأن المحافظين واجهوا "ليلة صعبة" في بعض مناطق إنجلترا بعد ظهور النتائج الأولية التي أشارت إلى تحقيق حزب العمال المعارض مكاسب في العاصمة لندن، لا سيما في مجالس واندزورث وبارنيه ووستمنستر الخاضعة لسيطرة المحافظين منذ عقود.
وللمرة الأولى منذ عام 1964، وبعد فرز نحو ثلث أصوات الناخبين، يفقد حزب المحافظين سيطرته على مجالس رئيسية في العاصمة لصالح العمال بقيادة كير ستارمر.
ويواجه جونسون انتقادات منذ اتهامه وقيادات أخرى من حزب المحافظين بمخالفة قواعد التباعد الاجتماعي التي كانت مفروضة للتصدي لكوفيد-19.
إلا أن النتائج حتى الآن لا تشير إلى قدرة حزب العمال على استعادة السلطة حال إجراء انتخابات عامة. ومن جهته، حاول رئيس حزب المحافظين أوليفير دودين التقليل من شأن الخسائر التي تكبدها الحزب، مُصرًا على أنها لا تمثل تهديدا لوجود الحزب بزعامة جونسون في سدة الحكم.
وصرح دودين للصحفيين قائلا إنه "بالنظر إلى خارطة النتائج حتى الآن، أعتقد أنها رغم صعوبتها تتسق مع التوقعات منذ منتصف المدة".
ويرجح مراقبون أن يخسر حزب العمال بعض المجالس المحلية خارج العاصمة؛ حيث تشير النتائج التي ظهرت حتى الآن إلى أن العمال لم يستفيدوا من تراجع تأييد حزب المحافظين بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع الثقة في جونسون.
بينما قال آدم هوغ، مسؤول حزب العمال الجديد لمجلس مدينة وستمنستر، إن فوز حزبه يعدّ "ميزة كبرى".
وقال رئيس المجلس المدينة باري رولينز النتائج بأنها تعكس خيبة آمال الناس من حزب المحافظين. وقال رولينز : "أعتقد أن كثيرين من ناخبي حزب المحافظين لم يذهبوا للاقتراع هذه المرة. ربما شعروا بالخذلان من حزبهم أو بخيبة أمل، لست أدري، تجاه بوريس جونسون، ومن ثم لم يذهبوا للاقتراع، وأعتقد أن هذا أحدث فارقا".
لكن جونسون أشار إلى أن المحافظين بشكل عام يواجهون نتائج متباينة، وأنهم أحرزوا "مكاسب ملحوظة" في العديد من المناطق.
وتتجه الأنظار إلى بلفاست، عاصمة أيرلندا الشمالية التي قد تشهد منعطفا تاريخيا؛ حيث حزب "شين فين" القومي -المؤيد لإعادة توحيد أيرلندا الشمالية مع جمهورية أيرلندا- قد يخرج كأكبر حزب لأول مرة في المقاطعة البريطانية.
وقد تتمخض النتائج في أيرلندا الشمالية عن آثار دستورية كبرى تتعلق بمستقبل وحدة البلاد.
ويعدّ حزب الديمقراطيين الليبراليين أكبر الفائزين حتى الآن بتأمينه عشرات المقاعد التي كانت في الماضي للمحافظين في المجالس المحلية. كما حقق حزب الخضر نتائج جيدة. فيما لا يزال فرز الأصوات مستمرا في مقاطعات ويلز، واسكتلندا، وأيرلندا الشمالية.
وقد يؤجج خروج المحافظين بنتائج هزيلة حالة السخط القائمة تجاه حزب المحافظين بزعامة جونسون المتورط في سلسلة من الفضائح.
ويحاول جونسون التقليل من شأن ما يُعرف إعلاميا بفضيحة "بارتي غيت" التي تسببت في تغريمه الشهر الماضي، ليكون أوّل رئيس وزراء بريطاني يتعرض لذلك أثناء وجوده في المنصب لإدانته بمخالفة القانون.
عرضة للخطر
في عام 2019، حقق جونسون فوزا كبيرا في الانتخابات العامة على خلفية تعهّده بقيادة عملية خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
وأبلى جونسون بلاء حسنا على صعيد عملية الخروج، لكن جاء وباء كورونا وعطّل بشكل كبير تقدّم جونسون على عدد من الأصعدة المحلية.
كما أن منصب جونسون كرئيس للوزراء بات عرضة للخطر بعد اتهامه بمخالفة قواعد التباعد الاجتماعي التي فرضها تفشي الوباء، فضلاً عن ارتفاع أسعار المعيشة.
في المقابل، يسعى حزب العمال المعارض إلى تحقيق مكاسب جديدة في أنحاء إنجلترا وتعزيز مكاسبه في آخر انتخابات محلية عام 2018.
ويطمح حزب العمال إلى الإطاحة بالمحافظين من المركز الأول في اسكتلندا، لصالح الحزب الوطني الاسكتلندي المؤيد للاستقلال.
كما يطمح العمال إلى أن يظل صاحب أكبر حزب في ويلز، حيث أصبح الشباب من الفئة العمرية بين 16 و17 عاما مؤهلين للتصويت لأول مرة.
وتتجه الأنظار إلى أيرلندا الشمالية، لا سيما بعد ما أظهرت استطلاعات رأي عديدة تقدُّم حزب "شين فين" القومي المؤيد لإعادة توحيد أيرلندا الشمالية مع جمهورية أيرلندا.
وتقول ديردري هينان، أستاذة السياسة الاجتماعية بجامعة أولستر، إنه كان هناك شعورا بأن الانتخابات ستكون "تاريخية بحق".
وتقول هينان لوكالة فرانس برس "سيكون ذلك بمثابة تغيير جذري، إذا أصبحت شخصية قومية وزيرا أوّل".
وفي أثناء حملته، خفّض حزب "شين فين" من نبرة دعواته للوحدة الأيرلندية، بالقول إن الاهتمام الأول حاليا ليس منصبا على تحديد موعد لإجراء استفتاء على السيادة، وإنما التركيز منصبّ على ارتفاع أسعار المعيشة وقضايا محلية أخرى.
ويعدّ "شين فين" الواجهة السياسية للجيش الجمهوري الأيرلنديً سابقا.
وترى ميتشيل أونيل، نائبة رئيس الحزب، أن الناخبين يتطلعون إلى المستقبل بنظرة براغماتية أكثر من النظرة الدوغمائية التي طالما وسمت السياسات الأيرلندية الشمالية.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك