أنقرة ـ جلال فواز
استمر التعاون العسكري والتجاري بين تركيا واسرائيل مؤخّرًا رغم تدهور العلاقات، فالتوترات الظاهرية لا تفسر طبيعة العلاقة الاستراتيجية بينهما التي تمتد إلى نحو 60 عاما، وأظهر اتفاق المصالحة الذي أعلنته أنقرة وتل أبيب، الاثنين وأكد مسؤول إسرائيلي، الأحد، إن تل أبيب وأنقرة توصلتا لاتفاق في روما من أجل إعادة تطبيع العلاقات، دون رفع الحصار عن غزة.ونقلت رويترز عن المسؤول الذي لم تذكر اسمه إن "إسرائيل لم توافق على مطلب تركيا برفع الحصار عن غزة ووافقت فقط على إدخال تركيا مساعدات إنسانية لسكان القطاع"، وذكر المسؤول أن الاتفاق يتضمن عدم رفع تركيا دعاوى ضد مسؤولين إسرائيليين إلى المحكمة الجنائية الدولية، على خلفية مقتل 9 أتراك في الهجوم الإسرائيلي على السفينة الإغاثية التركية آفي مرمرة في 31 مايو عام 2010.
وحسب وسائل الإعلام الاسرائيلية، فإن الاتفاق يوقعه نائب وزير الخارجية فريدون سينيرلي أوغلو من الجانب التركي، ويوسي تشيخنوف مبعوث رئيس الحكومة الإسرائيلية للمفاوضات مع تركيا، ويهيمن الجانب الأمني والاستخباراتي على بنود اتفاق عودة العلاقات بين البلدين، بعد مفاوضات مطولة في الأيام الماضية، وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن مدير الاستخبارات الإسرائيلية التقى نظيره التركي، لبحث البند المتعلق بحركة حماس في غزة وعلاقتها بتركيا.
وتشرح العلاقة التركية والاسرائيلية عدة نقاط، حيث تعد تركيا أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل عام 1949، وظلت كذلك لعقود عدة تالية، وعقدت تركيا وإسرائيل اتفاقا سريا واستراتيجيا عرف بـ" الميثاق الشبح" في خمسينيات القرن الماضي، الذي ظل طي الكتمان عقودا من الزمن، ويتضمن تعاونا عسكريا واستخباريا ودبلوماسيا، وكانت وظيفته الأساسية موجهة ضد العرب.
واعتمدت تركيا طويلا على اللوبي الإسرائيلي في أميركا لعرقلة إقرار أي تشريع يعترف بإبادة الأرمن، واستمر الأمر مع تولي حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه رجب طيب أردوغان، وساعدت إسرائيل الأتراك في عملية اعتقال زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان عام 1999 في كينيا.
وسحبت تركيا سفيرها لأول مرة عام 1982 بعد غزو لبنان، وأعيدت العلاقات الدبلوماسية الكاملة بينهما عام 1991، وفي عام 1996 وقعت أنقرة وتل أبيب اتفاق الشراكة الاستراتيجية، وكانت علنية هذه المرة. وشمل الاتفاق بنود عدة تتراوح بين تبادل المعلومات الاستخبارية والتعاون العسكري والتدريب، وبعد تولي حكومة العدالة والتنمية مقاليد الحكم في تركيا عام 2002، استمر الحزب بالاتفاقات السابقة مع إسرائيل، على الرغم من بعض الانتقادات الإعلامية خاصة مع اندلاع الانتفاضة الثانية.
وبدأ التوتر في العلاقات بين أنقرة وتل أبيب عام 2009، إثر الحرب الإسرائيلية على غزة وبلغ التوتر ذروته عام 2010، مع الهجوم الإسرائيلي على سفينة "مافي مرمرة"، لكن هذا التوتر لم يمتد إلى اتفاقات بيع الأسلحة والتبادل التجاري، وتدخل الرئيس الأميركي باراك أوباما عام 2013 لوقف التوتر بين البلدين، لكن هذه المحاولة لم تنه التوتر بينهما، إلا أنها أسست للمصالحة لاحقا، ويبلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل ما معدله 3 مليارات دولار سنويا، وازداد في السنوات الخمسة الأخيرة رغم التوتر السياسي.
أرسل تعليقك