أكد عدد من رؤساء البلديات، في جنوب شرق فرنسا، بينهم رئيسا بلديتي مدينتي "نيس" و"فريغوس"، بأنهم سيبقون على قراراتهم القاضية بمنع ارتداء لباس البحر "البوركيني" ، متحدين بذلك قرار مجلس الدولة الذي ألغاه.وأعلنت بلدية نيس انها ستواصل تحرير محاضر بحق النساء اللواتي يرتدين "البوركيني" ما دام قرارها بهذا الصدد لم يبطل. كما صرح رئيس بلدية فريغوس، وهو ينتمي الى اليمين المتطرف، بأن قراره لا يزال ساريا.
ورحّب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ليل الجمعة، بقرار مجلس الدولة الفرنسي (أعلى هيئة قضائية وإدارية)، تعليق حظر ارتداء لباس السباحة "البوركيني" في مدينة "فيلنوف لوبيه" جنوبي البلاد، ليفتح بذلك المجال نحو إلغاء كامل محتمل لقرار المنع الجاري في نحو 30 بلدية أخرى.
وقال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، استيفان دوغريك، للصحفيين، في مقر المنظمة الدولية في نيويورك، اننا "نرحب بقرار المحكمة الفرنسية ونعتقد أنه من الضروري احترام الكرامة الإنسانية للأفراد".
وكان مجلس الدولة الفرنسي، تعليق حظر ارتداء "البوركيني"، معتبراً أن قرار الحظر يعد "انتهاكًا خطيرًا وغير قانوني للحريات الأساسية، من ذلك حرية الدخول والخروج، وحرية الضمير والحرية الشخصية".
وتقدّمت كلّ من رابطة حقوق الإنسان بالبلاد، و"الجمعية الفرنسية لمناهضة الإسلاموفوبيا"، بشكوى إلى مجلس الدولة الفرنسي، على خلفية مصادقة المحكمة الإدارية في مدينة "نيس" مؤخرا، على قرار حظر ارتداء "البوركيني" على شواطئ مدينة "فيلنوف لوبيه".
ويأتي قرار حظر ارتداء "البوركيني" على شواطئ "كان"، بعد بضعة أيام من جدل طرحه عدد من النواب الفرنسيين بخصوص "يوم البوركيني" بمنطقة بينز ميرابو، جنوبي البلاد، الذي كانت جمعية النساء المسلمات "سمايل 13" تنوي تنظيمه في الحديقة المائية في المدينة، في 10 سبتمبر/أيلول المقبل. وقد تم إلغاء "يوم البوركيني" من قبل رئيس البلدية، عقب ردود فعل رافضة لهذه التظاهرة والتهديدات التي تلقتها الجمعية.
وقد تصاعدت موجة الاحتجاج والتنديد في فرنسا بشأن منع لباس البحر الشرعي "بوركيني" في عدد من المدن الفرنسية، بعد نشر صور لرجال شرطة يرغمون امرأة محجبة على نزع قميصها على شاطئ نيس جنوب شرق فرنسا. وقد تزامن ذلك مع إدراج كندا وأسكتلندا الحجاب زيا رسميا للشرطة.
وعبَّرت الفرنسية المسلمة "سيام" من تولوز جنوب غربي البلاد عن استنكارها بالقول: "اليوم نحن ممنوعون من استخدام الشاطئ، وغدا هل سنمنع من السير في الشوارع؟".. جاء ذلك في حديثها الى وسائل إعلام محلية عن تغريمها وتعرّضها لإهانات عنصرية لارتدائها الحجاب على ساحل مدينة "كان" الجنوبية.
هذه الحادثة أثارت ردود أفعال متباينة على الصعيدين المحلي والدولي، تماما مثلما لاقت، في حينها، ذات المواقف المتناقضة من قبل المارّة الذين كانوا متواجدين على الشاطئ، بحسب رواية "سيام" والتي قالت إنّهم تجمهروا عندما كانت تتناقش مع رجال الشرطة، وقد دافع عنها البعض، في حين صفّق آخرون لهم وصرخوا بها "عودي إلى بلدك، فنحن كاثوليك هنا".
وأثارت القضية ذاتها ردود فعل قوية في العالم. ووجهت الصحف الأوروبية انتقادات لاذعة لفرنسا بهذا الشأن، وذهب الإعلام البلجيكي إلى اعتبار أن فرنسا "تقوم بإذلال المسلمين"وأثارت الصور على كورنيش نيس سيلا من ردود الفعل على مواقع التواصل التي احتجت على "إهانة" المرأة وعلى "مطاردة الحجاب". ووصفت ما حدث بأنه "عار وينم عن كراهية".
وقرّرت نحو عشرين بلدية فرنسية، خصوصا في الكوت دازور (جنوب شرق)، هذا الصيف منع أي لباس "يدل بوضوح على انتماء ديني" أو "لا يحترم العلمانية" في البلاد."كان" التي كانت أول مدينة فرنسية تحظر ارتداء لباس السباحة للمحجّبات "البوركيني"، مع ما رافق ذلك من جدل واسع وتوسّع قرارات الحظر لتشمل مدنا وبلدات أخرى، تفجّر اليوم جدلا يقول مراقبون إنّه ربّما يسفر عن ارتدادات وخيمة على وضع هشّ تواجهه البلاد، في علاقة باستهدافها بالهجمات الإرهابية، وعودة السجال حول الهوية الفرنسية وعلمانية الدولة إلى واجهة المشهد فيها.
وكتب مروان محمد رئيس مجلس مكافحة الكراهية للإسلام في فرنسا الذي قدم دعاوى ضد قرارات البلديات مع رابطة حقوق الإنسان "إنهم يريدون منها أن تنزع ملابسها، ولكن لماذا لا ينزعون بزاتهم! شرطة العار". وكتب مدير الاتصالات لدى "هيومن رايتس ووتش" في أوروبا آندرو سترويلن على تويتر "سؤال اليوم: كم شرطيا مسلحا نحتاج لإرغام امرأة على نزع ملابسها أمام الناس"؟
وسبق أن دافع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو عن الحريات الدينية التي تضمن حق ارتداء لباس البحر الإسلامي "البوركيني"، معتبرا أنها رمز لـ"قبول" الآخر في مجتمع منفتح، داعياً إلى "احترام حقوق الأفراد وخياراتهم".
وسمحت شرطة الخيالة الملكية الكندية لعناصرها من النساء بارتداء الحجاب كجزء من الزي وذلك لتشجيع النساء المسلمات على الانخراط في صفوف هذه الشرطة، بحسب ما أعلنت الحكومة الثلاثاء.
وفي القاهرة، أشاد "مرصد الإسلاموفوبيا" التابع لدار الإفتاء المصرية، اليوم الجمعة، باعتماد الشرطة الاسكتلندية الحجاب جزءًا من الزي الرسمي للشرطيات الاسكتلنديات. وأكد المرصد في بيان، أن هذه الخطوة "تصب في صالح تحقيق مصالح جهاز الشرطة الاسكتلندي والمجتمع بشكل عام، وتسهم في استيعاب المسلمين هناك بشكل كامل ودمجهم إيجابيا في المجتمع".
وقال رئيس الشرطة فيل غورملي "يسرني الإعلان عن هذا الأمر، وأرحب بدعم المجتمع المسلم والمجتمع بشكل عام وكذلك ضباط الشرطة والموظفين". واعتبر رئيس جمعية مسلمي شرطة اسكتلندا فهد بشير، أن "هذا الإجراء خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، ويسرني أن شرطة اسكتلندا تقوم بخطوات مثمرة من أجل ضمان النظر لمنظمتنا نظرة شاملة، وأنها تمثل مختلف المجتمعات المحلية التي نخدمها في جميع أنحاء اسكتلندا، ولاشك أن هذا سوف يشجع المزيد من النساء من الخلفيات العرقية المسلمة والأقليات الأخرى على الانضمام لشرطة اسكتلندا".
وأقرت اسكتلندا الحجاب جزءا اختياريا من الزي الرسمي للشرطيات، من أجل تشجيع النساء المسلمات على الانضمام للخدمة، حسبما أعلنت الشرطة على موقعها الرسمي، الثلاثاء الماضي.
أرسل تعليقك