تونس - حياة الغانمي
أعلنت وزارة المرأة التونسية التحاق نحو 700 فتاة تونسية تتراوح أعمارهن بين 15- 35 عامًا بالمتطرفين سواء داخل البلاد أو خارجها، وتتوزع المتطرفات التونسيات على العديد من الجماعات خارج البلاد منها "جبهة النصرة" (فرع تنظيم القاعدة في سورية) وتنظيم "داعش"، وداخل تونس منها "أنصار الشريعة" و"كتيبة عقبة بن نافع" و"جند الخلافة" وغيرها.
وفي ظل غياب إحصاءات دقيقة بشأن عدد الخلايا التي استقطبت الفتيات التونسيات، يقدر الخبراء الأمنيون أن نحو 120 امرأة ينشطن ضمن 180 خلية متطرفة مزروعة في القرى والمدن والأحياء الشعبية والجهات الداخلية لا سيما المحاذية لسلاسل الجبال باعتبارها معاقل المتطرفين، وفي عام 2015 كشفت وحدات الجيش والأمن أن الأرهابيين تمكنوا من تجنيد عدد من الفتيات سواء لتوفير المؤونة أو الإسناد اللوجستي؛ وفي العام نفسه قبضت أجهزة الأمن على أكثر من 50 خلية متطرفة تضم العشرات من النساء، بالإضافة إلى خلية نسائية موالية لتنظيم "داعش"، ودفع الشحن العقائدي بأكثر من 15 ألف شاب وفتاة إلى محاولة السفر لسورية للالتحاق بمعاقل التنظيم، لكن السلطات الأمنية أكدت أنها منعتهم من السفر بعد أن تفطنت إلى نواياهم.
ووفق الدراسات القليلة المتوفرة تعود علاقة المرأة التونسية بالتنظيمات السلفية إلى بداية الثمانينات حين سافر العشرات من التونسيين برفقة زوجاتهم إلى أفغانستان للقتال بجانب تنظيم "القاعدة" ضد قوات الاتحاد السوفييتي من 1979 حتى 1989، ثم تدفق خلال التسعينات المئات من التونسيين على أفغانستان وأسسوا عام 2000 ما يعرف آنذاك بـ"الجماعة التونسية المقاتلة"، وفي الفترة بين عامي 1985 و2010 أقامت تونس طوقًا أمنيا مشددًا على نشاط جماعات الإسلام السياسي عامة، وتمكنت إلى حد ما من تجفيف منابع الفكر الجهادي إذ لم تسجل مشاركة أيّ امرأة في أيّ خلية متطرفة، وفي أعقاب سقوط نظام بن علي بدأ الفكر المتطرف يتسلل مجددًا إلى المجتمع التونسي بنسق تصاعدي مريب.
وترجع المنظمات الحقوقية تنامي ظاهرة "الجهاديات التونسيات" إلى انسحاب الدولة من فضاءات المجتمع وتسامحها مع المتشددين؛ الأمر الذي فتح المجال واسعا أمام الجماعات المتطرفة لتضرب بعمق مكانة المرأة في تونس التي كثيرًا ما راهنت عليها بصفتها عنوان الحداثة وحاملة القيم المدنية، وتطالب السلطات بوضع خطة استراتيجية شاملة لحماية المرأة من استفحال الفكر المتطرف، محذرين من أن مكاسب المرأة التي تحققت في ظل دولة الاستقلال باتت مهددة أمام تسونامي بدأ ينخر حرية المرأة وحقوقها.
أرسل تعليقك