بيروت – رياض شومان
أكَّدت مصادر أمنية مطلعة أن الجيش اللبناني بات يملك معلومات مهمة عن الانتحاريين الذين نفذوا عملية بلدة "القاع" القريبة من الحدود مع سورية وذات الغالبية المسيحية، حيث تمكنت مخابرات الجيش من تحديد اماكن اختبائهم، وتم العثور على الغرفة التي استُخدمت لإعداد الأحزمة المتفجرة، وضبط بعض الذخائر وجهاز لاسلكي للتواصل في ما بينهم. وأوضحت المصادر أن هذه الغرفة تقع على مسافة قريبة من كنيسة البلدة حيث وقعت الاعتداءات.
وابلغت مصادر التحقيق ان "جميع منفذي تفجيرات القاع هم سوريون وقد تم التوصل الى معرفة هويات سبعة منهم"، مشيرة الى ان الانتحاريين خططوا لتنفيذ تفجيراتهم في القاع بدليل تجمعهم بدائرة صغيرة تقدر بـ ٢٠٠ متر بهدف خلق البلبلة والذعر. كما كشفت مصادر التحقيق أن الانتحاريين يحملون القابًا، ما ينم عن انتمائهم الى تنظيم ارهابي مسلح".
وكشف وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق، أن منفذي العمليات الانتحارية التي شهدتها بلدة "القاع" الحدودية مع سورية قدموا من داخل التراب السوري، نافيا أن يكونوا قدموا من المخيمات السورية في لبنان. وقال في تصريح عقب اجتماع أمني عقد الثلاثاء: "لقد تمكنا من إفشال والتصدي لعدد كبير من العمليات الإرهابية التي كانت ستطال البلاد في عمليات استباقية"، موضحا أنه رغم ذلك "لا يمكن منع كل العمليات بنسبة 100%".
ووجه وزير الداخلية والبلديات اللبناني نداء الى السياسيين بضرورة تجاوز خلافاتهم السياسية وانتخاب رئيس للجمهورية لدورهما في تأمين لبنان. وكان المشنوق تفقد مواقع التفجيرات في بلدة "القاع" وشدد على "ضرورة توصل الحكومة إلى صيغة توفق بين المسؤولية الانسانية تجاه النازحين السوريين وبين منعهم من أن يكونوا "بيئة حاضنة للارهاب التكفيري والاعتداء على القوانين اللبنانية."
ولفت الى أن حدوث هجمات ارهابية في لبنان كان متوقعا من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية التي سبق ونجحت نتيجة العمليات الاستباقية في منع عدد كبير من الهجمات." وأضاف أن منع العمليات الارهابية لايمكن أن يكون تاما في أي بلد بواقع ماشهدته عدة عواصم عالمية من هجمات اسوأ بكثير من الذي حصل هنا" مؤكدا أن ليس في العالم مكان آمن بنسبة مئة في المئة."
وعقب الهجمات، شن الجيش اللبناني حملات دهم في مخيمات اللاجئين في مناطق عدة، ولاسيما في مشاريع القاع، حيث نفذت عملية تفتيش واسعة بحثا عن أسلحة ومطلوبين.
وأعلن مجلس الوزراء اللبناني أمس عن بدء مرحلة جديدة من المواجهة بين الدولة اللبنانية والإرهاب بعد التفجيرات الانتحارية الثمانية التي هزت الاثنين بلدة القاع. وقال المجلس في بيان بعد جلسة عقدها برئاسة تمام سلام خصصت للبحث بالوضع الامني في بلدة القاع، إن البلاد تعرضت بالأمس إلى اعتداء إرهابي آثم نفذ على مرحلتين وتركز في بلدة القاع البقاعية الصامدة، حيث سقط عدد من الشهداء والجرحى الذين افتدوا لبنان بدمائهم.
وأضاف أن هذا الاعتداء على الأمن القومي اللبناني والطريقة غير المألوفة التي نفذ بها، يدشنان مرحلة نوعية جديدة من المواجهة بين الدولة اللبنانية وبين الإرهاب الظلامي الذي يسعى منذ سنوات إلى ضرب الأمن والاستقرار في لبنان وجره الى أتون الفتنة. وشدد على أن بلدة القاع المسيحية استهدفت اليوم، لكن مناطق إسلامية مثل الضاحية الجنوبية وطرابلس وعرسال وغيرها استهدفت في الماضي، ولذلك يجب على جميع القوى السياسية إعطاء الموضوع بعده الوطني وليس الفئوي.
ومن المقرر ان تقيم البلدة اليوم جنازة جماعية للضحايا الخمسة الذين سقطوا في عمليات التفجير الانتحارية الاثنين. وشهدت بلدة القاع أمس ظهوراً مسلحاً لعدد من النساء والرجال من أبناء البلدة إثر التفجيرات التي ضربتها أمس، لكن هذا الظهور المسلح انكفأ بعد فترة وانتشر الجيش اللبناني ونفذ العديد من المداهمات في البلدة. وقالت يولا سعد من سكان القاع لم يمر علينا مثل هذا الخوف والرعب في تاريخ حياتنا، مضيفة ان معظم السكان موجودون في منازلهم ولا يخرج الواحد منهم الا للضرورة.
كما ان المحال كلها مغلقة. وقال داني نعوس، من السكان ايضا، ان شبانا من اهالي البلدة موجودون في الطرق، ويحملون السلاح لمساندة الجيش وسط تواجد عسكري وامني كثيف. واكد مختار القاع منصور سعد ان هناك حالة استنفار. كل واحد من الاهالي، رجالا ونساء، يجلس امام منزله لحمايته بعد حالة الرعب التي عشناها البارحة. لا يتجاوز عدد سكان القاع حاليا الثلاثة آلاف، بينما يقول مسؤولون محليون انها تستضيف اكثر من ثلاثين الف لاجىء سوري.
أرسل تعليقك