أبدى نوّاب عراقيون إجماعًا على ضرورة اجتثاث الفكر المتطرف قبل المعالجة العسكريّة لظاهرة التنظيمات المتشدّدة، لاسيّما بعدما أبرزت دول الجوار، في مؤتمر جدّة، استعدادها للمساعدة في محاربة تنظيم "داعش".
وأكّدت عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية أحلام سالم، في حديث إلى "العرب اليوم"، أنّ "هناك دعمًا دوليًا واضحًا في القضاء على التطرف، ظهر عبر مؤتمر جدة، وكذلك عبر الإعداد للمؤتمر الذي سيتعقد في فرنسا، والزيارات التي يقوم بها السفير الأميركي في المنطقة، وتحشيد الدول لمحاربة التطرف الذي يمثله تنظيم (داعش)".
واعتبرت سالم أنّ "السعودية وصلت إلى قناعة بأن تنظيم داعش يمثل خطرًا حقيقيًا عليها، ويجب التعاون مع دول الجوار ومن بينها العراق وإيران وتقارب وجهات النظر بعد مقاطعة استمرت لأعوام بين تلك الدول".
ورحبت النائبة عن كتلة "المواطن" بجميع المبادرات الدولية، ومن بينها السعودية، في محاربة التطرف، مبينة "وجود حشد دولي وإصرار كبير على القضاء على تنظيم داعش، وليس مجرد إعلام ومؤتمرات غير مرتبطة مع أرض الواقع".
وأضافت سالم "اليوم العراق يحتاج في محاربته لعناصر داعش شيئًا ملموسًا من هذه المبادرات التي تطلقها الدول، سواء كانت عربية أو أجنبية، في كيفية دعم القوات المسلحة والحكومة وتسليح الجيش".
بدوره، أشارعضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية ظافر العاني، في تصريح إلى "العرب اليوم"، إلى أنَّ "تعزيز العلاقات السعودية العراقية يفتح آفاقًا إيجابية تُغير أحداث ومجريات الوضع في العراق، بالتعاون مع حكومة العبادي".
وتابع النائب عن اتحاد القوى العراقية "وجود شعور دولي إقليمي، وفي مقدمتهم السعودية، بخطر التطرف، وتعزيز العلاقات بين البلدين، يضيق الخناق على التنظيمات المتشددة، واندثارها تدريجيًا، بالتعاون مع الحليف الأكبر في المنطقة، الولايات المتحدة".
وشدّد العاني على أنّ "العمل على محور مهم للحرب على التطرف يتطلب استراتيجيات واسعة تشمل قطع الطريق أمام داعش في إيجاد حاضن لها من خلال المصالحة الوطنية بين أبناء الشعب العراقي، في المنطقة، إضافة إلى الحل العسكري والسياسي والإعلامي، وتوعية المواطن بخطر تلك التنظيمات على المجتمع وحياة الناس".
من جانبه، اعتبر أستاذ العلوم السياسي إحسان الشمري، في تصريح مماثل إلى "العرب اليوم"، انطلاق العلاقات ما بين العراق والسعودية بعد قطيعة مع الحكومات السابقة، ووضع إبراهيم الجعفري وزيرًا للخارجية، دليلاً على انبثاق تقارب فكري بين البلدين، لطرد فلول التنظيمات المتشددة من المنطقة، بعد شعور المملكة بالخطر الكبير من داعش".
وأكّد الشمري أنّ "إقامة مؤتمر لمناقشة خطر التطرف في السعودية، حضره العراق وعدد من الدول ذات التأثير السياسي والعسكري في المنطقة، في هذا الوقت، هو أمر ضروري"، موضحًا "إننا في هذه المرحلة بحاجة ماسة إلى أن تتوفر الإرادة الحقيقية لدى السياسيين لمعالجة الأسباب التي أدت إلى ظهور هذا الفكر المتطرف قبل الشروع في اقتراح معالجات له".
وبيّن الشمري أنَّ "تنامي وزرع الفكر المتطرف من خلال الفترات السابقة ولًد فجوة كبيرة بين أبناء المجتمع العراقي، وعدم ثقة بين أطيافه"، لافتًا إلى أنَّ "إظهار الصورة الحقيقة للإنسان العراقي، والابتعاد عن الطائفية والأمور التي تولد المشاكل، والتسامح، هو الطريق الأمثل لمحاربة التطرف، وعدم السماح لأيّة فئة أو طائفة للتغلب على وطنية وولاء العراق".
ورأى الشمري أنَّ "المعالجة العسكرية لظاهرة التنظيمات المتشددة من الممكن اعتبارها علاجًا موقتًا لظواهر معينة، ولن تساعد على اجتثاثها من جذورها بصورة نهائية، إذا لم ترافقها جهود لمواجهة فكره المتطرف"، عازيًا السبب إلى "إننا نتحدث عن فكر وليس عن أشخاص فقط".
وأوضح الشمري أنَّ "العلاج الآني لن يكون ذا جدوى على المدى البعيد، إذا لم تكن هنالك نظرة منطقية وموضوعية للأسباب التي ساعدت على ظهور هذا الفكر الذي لم يعد مجرد ممارسات منفردة، بل تطور إلى مراحل لا يمكن التغاضي عنها وعن أسبابها أكثر من ذلك".
يذكر أنّه انتهت في مدينة جدة السعودية، الخميس، أعمال المؤتمر العربي لبحث سبل مكافحة التطرف، والذي تمّت خلاله الإشادة بموقف العراق، وتعهدت 11 دولة في ختام المؤتمر، بمواجهة التطرف والخطر الذي يمثله تنظيم "داعش"، الذي سيطر على أجزاء واسعة في العراق وسورية.
أرسل تعليقك