كشف ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، رؤية المملكة لإنشاء أكبر صندوق سيادي في العالم للاستثمار العام، مؤكدًا أنه سيتحكم في نهاية المطاف بأكثر من تريليوني دولار، ما يساعد على حماية المملكة من هيمنة النفط على اقتصادها.
وقال الأمير محمد، خلال مقابلة في الديوان الملكي في الرياض، إن جزءًا من تلك الاستراتيجية سيتمثل في بيع السعودية أسهمًا في شركة أرامكو، وتحويل الشركة النفطية العملاقة إلى كيان صناعي ضخم، وقد يتاح الاكتتاب الأولي العام المقبل، كما تخطط المملكة لبيع أقل 5% من أسهم الشركة، وأضاف "الاكتتاب في أرامكو وتحويل أسهمها إلى صندوق الاستثمار العام سيجعل الاستثمارات، من ناحية فنية، مصدر عائدات الحكومة السعودية، وليس النفط، ما بقي الآن هو تنويع الاستثمارات. ولذلك في غضون 20 عامًا سنكون اقتصادًا أو دولة لا تعتمد بشكل رئيسي على النفط".
وذكر أن بيع أسهم شركة أرامكو السعودية مخطط له أن يتم العام 2018، أو حتى قبل ذلك بعام، وأن الصندوق السيادي سيقوم بدور كبير في الاقتصاد، بالاستثمار في الداخل والخارج، وسيكون صندوقًا سياديًا ضخمًا بمستطاعه شراء شركات أبل، وألفابت (مالكة غوغل)، وميكروسوفت، وبيركشاير هاثاواي، التي تعتبر أكبر أربع شركات تباع أسهمها في أسواق الأوراق المالية، بينما قال الأمين العام لمجلس إدارة الصندوق، ياسر الرميان، إن الصندوق يخطط لزيادة الاستثمارات الأجنبية بنسبة 50 % بحلول العام 2020.
وجاءت خطة التغيير الهيكلي إثر سلسلة من الإجراءات العام الماضي لكبح الإنفاق، والحيلولة دون تخطي عجز الموزانة نسبة 15 % من الناتج المحلي الإجمالي، وعمدت السلطات نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي إلى زيادة أسعار الوقود، والكهرباء، وتعهدت وضع حد للهدر في إنفاق الموازنة، إثر هبوط أسعار النفط، وستأتي خطوات إضافية لتتلو هذه المعالجات السريعة، في نطاق خطة التحول الوطني التي ستعلن في غضون شهر، وتشمل إجراءات لزيادة العائدات غير النفطية بشكل منتظم من خلال إجراءات مختلفة، تشمل فرض رسوم، وضريبة للقيمة المضافة.
وزاد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز: نحن نعمل على زيادة كفاءة الإنفاق، الحكومة كانت تنفق أكثر من مخصصات الموزانة بنحو 40%، وتم خفض تلك النسبة إلى 12 % العام 2015، ولذلك لا أعتقد بأننا ستواجهنا مشكلة حقيقية حين يتعلق الأمر بانخفاض أسعار النفط.
ويشرف مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الذي يرأسه ولي ولي العهد السعودي، الذي يتولى حقيبة الدفاع أيضًا، على عدد من الوزارات المهمة، ومنها الاقتصاد، والبترول، والمال، وأوضح الأمير محمد بن سلمان أن صندوق الثروة السيادي يملك حصصًا في شركات، منها الشركة السعودية للصناعات الأساسية التي تعد ثاني أكبر شركة لتصنيع البتروكيماويات في العالم، وكذلك البنك الأهلي التجاري الذي يعد أكبر مانح للقروض في المملكة، وأن الصندوق يتطلع إلى فرصتين خارج السعودية في حقل الصناعة المالية، واعتقد إمكانية التوصل إلى إحدى الصفقتين على الأقل.
وكان الصندوق السيادي السعودي بدأ زيادة نشاطه في الخارج؛ إذ تملك في يوليو/تموز الماضي حصة تبلغ 38% في شركة بوسكو للهندسة والإنشاءات الكورية، في مقابل 1.1 مليار دولار، وخلال الشهر ذاته، وافق على شراكة بـ10 مليارات دولار مع الصندوق الروسي للاستثمار المباشر، للاستثمار في روسيا، وأوضح الرميان أن الصندوق يستعين بخبراء في الأسواق، وصناديق الاستثمار الدولية، وإدارة المخاطر، مضيفًا "إننا نعمل الآن على جبهات مختلفة، إن الحكومة تقوم بتحويل بعض موجوداتها وأراضيها وشركاتها إلينا. لدينا مشاريع مختلفة في السياحة وصناعات جديدة لم يسبق للسعودية عهد بها".
ووصف الرميان خطة الاستثمارات الخارجية بأنها "شرسة جدًا"، مضيفًا أن صندوق الاستثمارات العامة سيتجه مبدئيًا للعناية بالموجودات المحلية من خلال إضافة أرامكو، بينما بيّن الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز بقوله "سيكون بلا شك الصندوق الأكبر في العالم. وسيحدث ذلك فور بيع أسهم أرامكو، والسعودية لن تجمد إنتاج النفط عند مستويات كانون الثاني/يناير إلا إذا انضمت إيران والمنتجون الكبار الآخرون لاتفاق بهذا الشأن، حاضًّا إيران على القيام بدور فاعل في استقرار أسواق النفط الخام.
واضاف ولي ولي العهد السعودي "إذا اتفقت كل البلدان على تجميد الإنتاج، فنحن مستعدون، وإذا قرر أي منها أن يزيد إنتاجه، فإننا لن نرفض أيّة فرصة تطرق بابنا، وأنه يتعين على إيران المشاركة في أي اتفاق لتجميد الإنتاج، وأنه إذا قررت جميع الدول، بما فيها إيران، وروسيا، وفنزويلا، ودول أوبك، وكل المنتجين الرئيسيين تجميد الإنتاج، فسنكون ضمنهم.
ولفت ولي ولي العهد السعودي إلى أن السعودية جاهزة لتجاوز الأزمة النفطية من خلال إصلاح اقتصادها، متابعًا "لا أعتقد أن هبوط أسعار النفط يشكل تهديدًا بالنسبة إلينا، أي ارتفاع في الأسعار ستكون له فوائد لموزانة المملكة، لكنه يمثل تهديدًا لعمر النفط، والأسعار سترتفع خلال العامين المقبلين، في ظل استمرار تزايد الطلب، لكن الرياض ليست لديها حماسة تذكر لعودة إدارة أوبك للإنتاج التي ظلت تحكم صناعة النفط لمدة 30 عاماً، بالنسبة إلينا السوق الحرة هي التي يتحكم بها العرض والطلب، وتلك هي الطريقة التي نتعامل بها مع السوق.
وفي ما يتعلق ببيع أسهم أرامكو، يعمل الأمير محمد بن سلمان ومستشاروه على خطة لطرح أسهم في الشركة، بدلاً من شركات التكرير التابعة لها، وستدرج أرامكو في سوق المال السعودية العام 2017، بما لا يتجاوز 2018 بحسب إيضاحات ولي ولي العهد الذي قال "الشركة الأم ستطرح للجمهور وكذلك عدد من الشركات التابعة لها".
وسيسمح الأمير محمد بن سلمان بذلك للمستثمرين بفرصة تملك حصة في أكبر حقول نفطية في العالم، ويتيح أكبر قدر من الشفافية غير المسبوقة حيال الأرصدة التي يقوم عليها اقتصاد المملكة، وتتحكم أرامكو بأكثر من 10 أضعاف الاحتياطات النفطية التي تديرها "إكسون موبيل"، وإذا تم احتساب برميل النفط افتراضًا بـ 10 دولارات، فإن قيمة أرامكو ستفوق 2.5 تريليون دولار.
ويعتزم الأمير محمد بن سلمان أن تكون أرامكو أكبر شركة لتكرير النفط في العالم، لتتخطى بذلك إكسون، بزيادة طاقتها التكريرية في آسيا، وبالتوسع بقدر أكبر في إنتاج البتروكيماويات، وأضاف "سنعلن أيضًا استراتيجية أرامكو الجديدة، وسنحولها من شركة للنفط والغاز إلى شركة للطاقة والصناعة، الخطة تنطوي أيضًا على طرح حصة صغيرة من أسهمها في مؤشر "تداول"، وهو أكبر مؤشر بورصة في العالم العربي، نحن نتحدث عن أقل من 5 %.
أرسل تعليقك