أكدت مصادر صحافية بريطانية، أنّ غياب تقدم فصائل المعارضة في جنوب سورية ضد حكومة بشار الأسد، كان وراء قرار الداعمين الغربيين وقف الدعم عنهم، وجاء في تقرير أعدته سارة إليزابيث ويليامز، أنّ الجبهة الجنوبية في سورية خسرت آخر فرصة كانت متاحة لها للإطاحة بالأسد، وإخراج قواته من مدينة درعا، قرب الحدود مع الأردن.
وأوضح المصدر الذي يعمل داخل مركز العمليات العسكرية في العاصمة عمان "الموك"، أنّ الداعمين الأردنيين والأميركيين أغلقوا الملف على أي عملية يمكن أن تخرج حكومة الأسد من درعا، مبيّنًا أنّ السبب وراء وقف الدعم؛ الفوضى والعجز اللذان اتسمت بهما فصائل المعارضة، وهما السببان الرئيسان وراء إحباط الداعمين لها.
وأشارت إلى أنّه منذ بداية الثورة السورية عام 2011 والمدينة تشهد اضطرابات، حيث سيطرت القوات الحكومية على نصفها تقريبا، فيما وقع النصف الآخر في يد المعارضة، لافتًا إلى أنّ المعارضة العلمانية في معظمها، والتابعة للجيش السوري الحر والجبهة الجنوبية، حاولت شن هجمات عدة ضد قوات الحكومة وإخراجها من المدينة؛ ولكنها كانت تفشل في كل مرة من تحقيق نتائج.
وأبرزت أنّ الهجوم الأخير الذي أطلق عليه عملية "عاصفة الجنوب"، بدأ في 25 حزيران/يونيو الماضي، وتم التخطيط للعملية وإعداد السلاح لها وتوجيهها من غرفة العمليات العسكرية التي يعمل فيها ضباط كبار من 14 دولة أوروبية والولايات المتحدة ودول الخليج، وتقدم الأسلحة والذخيرة والرواتب لفصائل المعارضة التي تمت الموافقة عليها، مضيفة أنّ المصدر لم يفصح عن اسمه، نظرا لحساسية المعلومات.
وقال إن الأردنيين والأميركيين، صوتوا بشدة، ضد دعم أي عملية ضد درعا في المستقبل، وطُلب من القادة عدم طرح الموضوع مرة ثانية في الأشهر المقبلة، ونقلت عن الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أندرو تابلر، قوله: "يبدو أنهم فعلوا أمرا خطيرا..هذه أخبار سيئة للمعارضة الرئيسة، في وقت تتزايد فيه الأخبار السيئة، خصوصًا مع الفرقة 30 في شمال البلاد (في إشارة إلى الفشل الذي يعاني منه برنامج البنتاغون لدعم وتدريب المعارضة، حيث ألقي القبض على المقاتلين الذين أنهوا تدريبهم وسلموا أسلحتهم بعد وقت قصير من دخولهم إلى سورية)".
ولفتت إلى أنّ الأخبار لن تكون جيدة لثلاثة آلاف مقاتل في الجبهة الجنوبية، لافتة إلى أنّ قيادة الجبهة تتعامل مع السيطرة على درعا كونها انتصارا رمزيا، وكانت تأمل بأن تقدم مثالا في الحكم المدني خلال مرحلة ما بعد الأسد، يُقنع الرأي العام العالمي المشكك بالمعارضة السورية وقدرتها على العمل.
واستدرك أنّ العملية التي بدأتها الجبهة الجنوبية، ثم تراخت بعد شهرين من الإعلان عنها، لم تنجح في تحقيق إنجازات، وأنفق عليها مال وذخيرة، وقتل فيها 200 من مقاتلي "الجيش الحر”، وقال أندرو تابلر، إن هذه على ما يبدو نكسة للداعين إلى دعم الجبهة الجنوبية، وللذين يستخدمونها كونها مثالا يجب أن يطبق في بقية أجزاء البلاد، وستؤدي إلى إطالة أمد التقسيم بين الحكومة والمعارضة والإسلاميين والدروز.
وأوردت أنّ الجبهة نظمت حملة في شباط/فبراير 2014، حيث استطاع "الجيش السوري الحر" وحلفاؤه الإسلاميون تحقيق انتصارات ضد قوات الحكومة، وبعد عام تقريبا، بدا الانقسام بين الإسلاميين والجيش واضحا، ولم يعودوا يشتركون في غرف عمليات واحدة، ولا تقدم غرفة العمليات العسكرية في عمان التمويل إلى المقاتلين الإسلاميين.
وأفادت أنّ المصدر من داخل غرفة العمليات العسكرية بيّن أنّ المعارضة الرئيسة تعتقد بأن الفصائل الإسلامية في درعا تآمرت ضد الحملة التي دعمتها غرفة العمليات العسكرية للسيطرة على المدينة، وربما يؤدي العداء المستحكم بين الجماعات المقاتلة إلى تسميم الأوضاع، والتأثير على الجبهة التي تتمتع بنوع من الاستقرار.
وزادت أنّه طالما ظل النظام حاضرًا في مدينة درعا، أي على بعد خمسة كيلومترات من الحدود الأردنية، فإنه لا يمكن تطبيق فكرة إنشاء منطقة آمنة، مشيرة إلى أنّه في الوقت الحالي، تركز غرفة العمليات العسكرية والجماعات التي تدعمها على أهداف عسكرية أخرى، منها منع وصول تنظيم "داعش" إلى مناطق الجنوب.
واسترسلت، أنّ التنظيم لم يسجل حضورًا واضحا؛ إلا أن له خلايا نائمة، وتتم مراقبة الحدود القريبة من الأردن عبر التعاون بين الجيش الأردني والجيش السوري الحر، ونوه إلى تعليق تابلر، الذي قال فيه: “لا توجد في سورية؛ إلا الخيارات السيئة، فجماعات المعارضة لم تكن فعالة أو متماسكة، والعمل معها يقتضي قيودا شديدة؛ ولكنك إن لم تجري علاقات مع السُنة، فستتركهم عرضة لعقد صلات مع جماعات ثانية".
أرسل تعليقك