شنّت إيران هجومًا شديدًا في غير محله على السعودية بعد تنفيذ أحكام الإعدام في 47 مدانًا بالإرهاب، في قضايا يعود بعضها إلى 11 عامًا، ومرت جميع هذه القضايا بمراحل التقاضي كافة، وأعلنت السلطات الإيرانية عن أرقام للإعدامات تقل كثيرًا عن المنفذة حقيقيًا.
ويعد الهجوم الإيراني في غير محله لأن طهران هي آخر من يتحدث عن الإعدامات وفقًا للمنظمات الدولية المختصة بحقوق الإنسان.
ففي 23 يوليو /تموز الماضي أعلنت منظمة العفو الدولية أن السلطات الإيرانية نفذت حكم الإعدام بحق عدد مذهل من الأشخاص يبلغ 694 شخصًا بين 1 يناير/كانون الثاني و15 يوليو/ تموز 2015، في ارتفاع غير مسبوق لعدد عمليات الإعدام في البلاد. وهو ما يعادل إعدام أكثر من ثلاثة أشخاص يوميًا. وعلى هذه الوتيرة المروعة، وبذلك تتجاوز إيران العدد الإجمالي لعمليات الإعدام في البلاد التي سجلتها منظمة العفو الدولية العام الماضي بأكمله.
وقال نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة سعيد بومدوحة، إن حصيلة الإعدامات مذهلة في إيران في النصف الأول من عام 2015، وترسم صورة شريرة لأجهزة الدولة لقيامها بالقتل مع سبق الإصرار، عن طريق الأحكام القضائية على نطاق واسع، وأضاف بومدوحة، قائلاً: "إذا أبقت السلطات الإيرانية على هذا المعدل المرعب من الإعدامات فنحن نرجح أن نرى أكثر من 1000 حالة إعدام تقوم بها الدولة قبل نهاية العام".
أكدت العفو الدولية أن تصاعد عمليات الإعدام يكشف مدى ابتعاد إيران عن بقية العالم فيما يتعلق باستخدام عقوبة الإعدام. ولم تتوقف الإعدامات في إيران، حتى خلال شهر رمضان المبارك. خروجاً عما هو متبع، فقد أعدم ما لا يقل عن أربعة أشخاص خلال ذلك الشهر.
وقالت المنظمة إن أحكام الإعدام في إيران تبعث على القلق بشكل خاص لأنها تفرض دائمًا من قبل المحاكم التي تفتقر تماماً إلى الاستقلال والحياد. ويتم توقيعها إما على جرائم غامضة الصياغة أو فضفاضة، أو الأفعال التي لا ينبغي تجريمها على الإطلاق، ناهيك عن إنزال عقوبة الإعدام. وأضافت أن المحاكمات في إيران معيبة للغاية، وغالباً ما يحرم المعتقلون من الاتصال بمحامين، وهناك إجراءات غير كافية للاستئناف والعفو وتخفيف العقوبة.
وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أن الأسباب الكامنة وراء التصاعد الصادم في عدد الإعدامات في إيران في 2015 غير واضحة. ما اعتبرته المنظمة خرقاً مباشراً للقانون الدولي، الذي يحصر استخدام عقوبة الإعدام في "أشد الجرائم خطورة"- تلك التي تنطوي على القتل المتعمد.
وشددت منظمة العفو بالقول: "يجب أن تخجل السلطات الإيرانية من إعدام مئات الأشخاص مع التجاهل التام للضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة"، وأشارت إلى أن المحاكمات في إيران غير عادلة بشكل صارخ.
وقال بومدوحة: "استخدمت السلطات الإيرانية لسنوات عقوبة الإعدام كي تنشر مناخاً من الخوف".
وفي رسالة وزعت على الإنترنت في يونيو/ حزيران، وهي من 54 سجيناً محكوماً عليهم بالإعدام في "سجن غزل حصار" قرب طهران يصفون فيها محنتهم: "نحن ضحايا حالات من الجوع والفقر والبؤس وألقي بنا في مهاوي الهلاك بالقوة ودون إرادتنا.. ولو كنا نعمل، أو لم نكن بحاجة إلى مساعدة، لاستطعنا أن نغير حياتنا ونذهب جوع أطفالنا، لم نسلك طريقاً يضمن هلاكنا؟". ومن بين الذين أعدموا في إيران أيضاً أفراد من الأقليات العرقية والدينية أدينوا "بمحاربة الله" و"الفساد في الأرض" بمن في ذلك السجناء السياسيون الأكراد والسنة.واستناداً إلى أعمال الرصد التي تقوم بها منظمة العفو الدولية وغيرها من منظمات حقوق الإنسان، يعتقد أن آلافاً عدة من الأشخاص ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام في إيران.
وقال سعيد بومدوحة معلقاً على ذلك: "إنه أمر مؤلم وخاصة أنه لا توجد نهاية مرئية في الأفق لهذا العرض من القسوة مع تدلي أحبال المشانق في إيران في انتظار الآلاف من السجناء المحكوم عليهم بالإعدام".
وغالباً ما يترك السجناء في إيران قابعين في انتظار تنفيذ أحكام الإعدام، ويتساءلون في كل يوم ما إذا كان هذا يومهم الأخير. وفي كثير من الحالات يتم إبلاغهم عن موعد تنفيذ الإعدام قبله بضع ساعات فحسب، وفي بعض الحالات لا تعلم الأسر عن مصير ذويهم قبل مرور أيام، إن لم يكن أسابيع، على التنفيذ.
وتقر السلطات الإيرانية كل عام عدداً معيناً من الإعدامات القضائية. ومع ذلك، يتم إجراء أعداد أكثر من عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء ولكنها لا تقر بها. واعتباراً من 15 يوليو/تموز 2015، اعترفت السلطات الإيرانية رسميا بإعدام 246 شخصاً عام 2015، ولكن تلقت منظمة العفو الدولية تقارير ذات مصداقية عن 448 إعدامات جديدة أجريت في هذه الفترة الزمنية. وفي 2014، تم إعدام 289 شخصاً وفقا لمصادر رسمية،ولكن تقارير موثوقة أشارت إلى أن الرقم الحقيقي هو 743 شخصاً على الأقل.
وفي كل عام تذكر تقارير منظمة العفو الدولية عدد الإعدامات المعترف بها رسمياً في إيران وعدداً من عمليات الإعدام التي تمكنت المنظمة من تأكيد وقوعها، ولكن لم يعترف بها رسمياً. وعند حساب العدد الإجمالي السنوي العالمي لعمليات الإعدام التي تمت حتى الآن، لا تحسب منظمة العفو الدولية سوى الإعدامات التي اعترفت بها السلطات الإيرانية رسمياً.
وقد استعرضت المنظمة هذا النهج وتعتقد أنه لا يعكس تماماً حجم الإعدامات في إيران، الذي يجب أن تكون السلطات شفافة إزاءه. وفي تقريرها السنوي لعام 2015 بشأن عقوبة الإعدام، وفي جميع التقارير الأخرى حول عقوبة الإعدام في إيران، سوف تستخدم منظمة العفو الدولية هذه الأرقام مجتمعة أي الإعدامات المعترف بها رسمياً وتلك التي لم يعترف بها رسميا ولكن المنظمة تأكدت من تنفيذها.
أرسل تعليقك